الاتحاد العام النسائي ..في مهب الأزمة.. تقصير وترهل ..وجهود لا تتناسب مع الأزمة

الاتحاد العام النسائي ..في مهب الأزمة.. تقصير وترهل ..وجهود لا تتناسب مع الأزمة

أخبار سورية

الثلاثاء، ٣٠ أغسطس ٢٠١٦

رويده سليمان و يحيى الشهابي
بحساب السنين ،تجاوزت الأربعين ..و بكم الآلام والهموم والأحزان التي سكنت قلبها ،وانعكست أخاديد في وجهها ،طرقت باب الشيخوخة،وأبواب أخرى للخروج من عنق الزجاجة،لم تستسلم للعوز والفاقة ولم ترزح تحت ضربات القدر

،وكلما ضاق بها المكان والزمان أضافت شيئا من رحابة صدرها وحنانها وقوة أنوثتها ليتسع المدى في الزمان والمكان .‏

وكعادتها زمن الحروب والنزاعات المسلحة والحروب تسلحت بسر خصوبتها وخلودها لتنهض من رماد القتل والنزوح والتشرد والقهر ومن الاحباطات والأهوال إلى عالم آخر مشبع بالأمل والعطاء والنقاء كصخرة الشاطئ كلما تكسرت عليها أمواج البحر ازدادت نقاوة ورونقاً ..والمرأة السورية مثال ونموذج وقد اتسعت صفحات جريدتنا للمزيد من قصصهن وحكاياتهن .‏

بموازاة هذه الهمم العالية والإصرار الأكيد والتصميم العنيد للمرأة السورية الاستثناء لتجاوز الصعوبات وتذليل العقبات ،وفي ظل أزمة باتت مشكلات عديدة تطفو على السطح من أبرزها ..العنوسة والطلاق والعنف وزواج القاصر والتهجير والتشرد والتفكك الأسري ،تتزاحم أسئلة عن الاتحاد العام النسائي ،وخطواته الجادة والجديدة والاستثنائية في المحنة التي تتعرض لها بلدي والتي كان للمرأة النصيب الأكبر من الشقاء والألم ..أسئلة تفرض نفسها وسط ضبابية تعريف ومعرفة العديد من السيدات به‏



انعكاس الأزمة‏

وعلى ضوء جهل وتجاهل بعضهن لدوره وأهميته ونشاطاته وللوقوف على حقائق وأرقام وتحديات يجب أخذها بعين الاعتبار ،،قمنا بزيارة للاتحاد العام النسائي والتقينا الأخت رغده الأحمد ،رئيسة اللجنة المؤقتة للاتحاد العام النسائي المكلفة بتسيير عمله ،ومع اعترافات صريحة بترهل وتراجع وتقصير في أداء المنظمة والذي لم يرقَ إلى مستوى الأزمة ولا يتناسب مع حاجة الكثير من النسوة إليها ،أكدت السيدة رغده أن للمنظمة جهوداً ملموسة في مجالات عديدة منذ إنشائها وحتى هذه اللحظة ،بيد أن انعكاس الأزمة نسف الكثير من الآمال والمشاريع المستقبلية ،حيث كانت هذه المنظمة تضم حوالي (300)ألف فتاة وسيدة من عمر (18)سنة وما فوق يتوزعون على الفروع في المحافظات والمناطق على شكل وحدات نسائية بلغت (1648)وحدة خرج منها (40%)بسبب التدمير والتهجير والاعتداءات المتكررة من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة أما بالنسبة لدور الحضانة ورياض الأطفال فقد كان يتبع للمنظمة (169)داراً وروضة ضمت حوالي (60)ألف طفل من عمر ثلاثة أشهر ،وحتى سن الخامسة تعرض منها(72)للتخريب والسرقة والتدمير لينخفض عدد الأطفال إلى (23)ألف طفل .‏

أما بالنسبة للمراكز والمشاغل الإنتاجية فقد عمل فيها حوالي أكثر من (480)امرأة وأكثر من ألف سيدة تعمل وهي في منزلها خرج منها خمسة مراكز وثلاثة مراكز تعرضت لخراب جزئي نعمل على ترميمه حسب المستطاع ..أما النقاط الطبية فقد أشرفت المنظمة بالتعاون مع منظمة الصحة على 49نقطة في أقاصي الريف البعيد نسبياً عن الخدمات العامة والتي خرج منها (18)نقطة بسبب الاستيلاء على بعضها وسرقة محتوياتها ونقلها إلى المشافي الميدانية .‏



أما في مجال النشاطات الأخرى فقد تنوعت من إصدار النشرات والكتيبات في مجال الصحة البدنية والنفسية ورفع مستوى الوعي البيئي إضافة إلى سلسلة «اعرفي حقوقي «التي توثق الندوات والاستشارات القانونية الدولية.‏

وسائل تعويضية‏

وتشير الأخت رغده الأحمد أنه ونتيجة لما تعرضت له المنظمة من عمليات سرقة وتخريب لمنشآتها ،فقد انخفضت الموارد ما استدعى البحث عن وسائل تعويضية والتي كانت جملة من الاتفاقيات مع الهيئات والمؤسسات الوطنية لتدريب ونقل وتسويق وإقامة مشروعات صغيرة ومنح قروض تشغيلية لأكثر من(5000)سيدة وشابة سنوياً ناهيك عن لحظ المعوقين نتيجة الأزمة وخلال السنوات الثلاث الأخيرة نفذت المنظمة 3430 جلسة دعم نفسي للسيدات والفتيات ممن تعرضن لأشكال عديدة من الإرهاب بأنواعه ..الاغتصاب والمجازر التي طالت عائلات بأكملها وقرى وأحياء بفعل الإرهاب التكفيري الاقصائي الدخيل على المجتمع السوري .كما ونفذت المنظمة (182)دورة إسعاف وتمريض استفادت منها 4640سيدة وفتاة يقدمن خدمات لأهلهن ومناطقهن ونتيجة للتهجير فقد استضافت المنظمة حوالي 20ألف أسرة تتضمن أكثر من 75ألف شخص معظمهم أمهات وأطفال بحيث أصبحت رياض الأطفال مراكز إقامة للنازحين من مناطق ساخنة وغير آمنة ،ولتعزيز بنية المجتمع السوري بمكوناته الثقافية والاجتماعية وإعادة بناء العلاقات الاجتماعية فقد ساهمت المرأة السورية بالعديد من لجان المصالحة في مناطق إقامتها حيث تتواصل المنظمة مع أعداد كثيرة من النساء من أجل حماية أولادهن وأقاربهن ويقمن بالإبلاغ عن الجماعات التي تقوم بالإغراء والتدريب على السلاح إضافة إلى تلقي النساء اللواتي يقاتل أبناؤهن وأزواجهن ضد الدولة الخدمات والمعونات من منطلق لاتزر وازرة وزر أخرى ،كما تتوسط المنظمة لدى الجهات المختصة لإطلاق سراح أو الإفراج عن أشخاص غير مرتكبي جرائم ولم تلوث أيديهم بدماء السوريين .‏

مؤشرا ت إيجابية‏

ساهمت الأزمة بتراجع العديد من النسب والمؤشرات المتعلقة بأهداف الألفية والتي كانت قد ارتفعت لتصبح سورية ضمن الدول العشر على مستوى العالم في بعضها لانخفاض نسبة الوفيات بين الأمهات والأطفال دون سن الخامسة من العمر (القضاء على شلل الأطفال _ارتفاع معدلات التنمية _ارتفاع العمر المتوقع عند الولادة )‏

فمنذ العام 1995 وبعد مؤتمر بكين تعمل المنظمة إلى جانب التوعية القانونية إلى إرسال مذكرات تعديل لبعض القوانين (سن الحضانة ،سن الزواج ،حق المطلقة في البيت والأثاث ،الوصية ،التنقل مع الأولاد..) .‏

وتم رفع أول مذكرة تعديل لقانون الأحوال الشخصية بعد حرب تشرين التحريرية كما تم رفع سن الحضانة لمرتين وسن الزواج، فقد تعقدت الأمور كثيرا ،كما وأشارت الأخت رغده إلى قانون الجنسية والتي برأيها يحتاج الآن إلى التريث في منحه ،بحيث يتم التدقيق في كل حالة لكل من الرجل السوري الذي تزوج امرأة غير سورية أو المرأة السورية التي تزوجت غير سوري بحيث يتم ضمان الجنسية والهوية السورية من الشوائب ويحفظ لها نقاءها وأصالتها.‏

وهذا الأمر يضع أمامنا تحدياً كبيراً يتضمن تعزيز مفهوم المواطنة عبر المرأة وإعادة تصويب الفكر وتثقيفها ،بحيث تستطيع التصدي للفكر التكفيري الذي يطاولها بالتوازي مع تعميق العلاقات الأسرية والاجتماعية ،مع الاحترام الكامل لكل مكونات المجتمع السوري للرد على كل من يحاول أن يلعب بموضوع الطائفية ،فالشعب السوري عرف عنه أنه شعب لايقبل إلا أن يكون سورياً بكل مفهوم الكلمة‏

انطلاقا مما سبق قامت المنظمة بعلاقات تواصل وتنسيق مع جميع الهيئات والمنظمات الوطنية التي تعمل على تعزيز مكانة ودور المرأة في المجتمع وخاصة تلك التي أفقدتها الأزمة لمعيل أو تعرضت لعمل جعل العمل مطلبا ملحا لها .... فكانت الدورات التدريبية على المهن المختلفة كما هو الحال في مراكز إيواء المهجرين ،والقروض الميسرة للمشاريع المتناهية الصغر والعمل على تمكين المرأة اقتصاديا من خلال مشاريعها التي توزعت على صناعة الحلويات ومواد التجميل والخياطة والحرق على الجلد وأعمال ترفيهية كالرسم والموسيقا وممارسة الرياضة ،واستمرارا للمشروع القديم الحديث تم تشجيعها على المثابرة بالحديقة المنزلية كحل بيئي لغلاء المعيشة وكشيء موجود في متناول اليد من منطلق تطوير ثقافة العمل من الأبوية إلى التشاركية بين العام والخاص والمشترك ناهيك عن الدعم النفسي للمرأة حيث تشارك المنظمة في تشييع شهداء الوطن وخاصة في الأحياء والقرى ،وتقدم الدعم للجرحى وعائلات الشهداء عبر مشاريعها المستمرة والدائمة بالتعاون مع هيئات المجتمع المحلي الوطنية ولكي تسهم بأي فرصة عمل ضمن المشروعات الصغيرة بتمويل بسيط .‏

وتضيف الأخت رغده بالقول : أما فيما يخص المرأة السورية المهاجرة لخارج سوريه والتي تتعرض لشتى أنواع الظلم والمتاجرة والزواج المبكر والبيع والشراء والتي تجعل من الدول الراعية للإرهاب مسؤولة عن كل ذلك أمام القانون الإنساني ،في الوقت التي تدنت فيه جملة المؤشرات التي تتبناها وتطالب بها هيئات الأمم المتحدة ومشاريعها وتقاريرها، حيث تتبنى مهامها بشكل مسيس ودون الالتفات لحقوق ملاين النساء التي تضررت بفعل الإجرام ألإقصائي التكفيري .‏

معا لبناء الوطن‏

من هنا برزت أهمية الاتحاد كونه الحضن الذي استقطب كل امرأة لا تنتمي لأي منظمة أو نقابة مهنية ، وبالتالي فإن المسؤوليات الملقاة على عاتقه كبيرة ولها انعكاساتها وآثارها الشخصية والأسرية والمجتمعية ..وخاصة في ظل التضليل والتزوير والتزييف الإعلامي التي استهدف المرأة ..الأم والأخت والابنة والزوجة ..وهذه المسؤولية لا تستثني المرأة نفسها التي شاركت في معارك التحرير وتناست أن تحرر نفسها من بعض العادات والتقاليد والأعراف الأبوية .‏

لم تكن التحديات التي واجهتها المرأة خلال الأزمة بالعادية ولم تكن المؤامرة الكونية التي استهدفتها بالقدر الذي ينفع معه مجرد التضامن والتسلح بحب الوطن للصمود والصبر ..‏

من هنا كانت إلى جانب الرجل ليست ندا بل مكملة له في كل المجالات التي يجب أن تكون فيه لخدمة وحماية الوطن .‏

ونحن على أبواب الذكرى التاسعة والأربعين لتأسيس المنظمة إذ نحيي القائمين عليها لما بذلوه من جهد على مدار الأعوام السابقة ونتمنى لهم مزيدا من العطاء ، ومع نساء هذا الوطن العزيز ورجاله نجدد العهد في احتفالات الوطن بالنصر الأكيد،في الذكرى الذهبية للمنظمة ....‏

انعكاس الأزمة بالأرقام‏

1648) وحدة نسائية خرج40% منها عن الخدمة‏

169دار حضانة وروضة أطفال تعرض72منها للتخريب والسرقة والتدمير‏

18 مركز ومشغل إنتاجي خرج عن الخدمة منها 5مراكز و3 تعرضت لخراب جزئي‏

49نقطة طبية في أقاصي الريف خرج منها 18 نقطة‏

3430جلسة دعم نفسي خلال السنوات الثلاثة الأخيرة‏

182دورة إسعاف و تمريض ل 4640سيدة وفتاة‏

20 ألف أسرة استضافتها المنظمة وأكثر من 75 ألف شخص معظمهم أمهات وأطفال‏