حقيقة أم ثرثرة إعلامية .. وفد أمني تركي واعتراف مسؤول رفيع بخطأ بلاده بحق سورية!

حقيقة أم ثرثرة إعلامية .. وفد أمني تركي واعتراف مسؤول رفيع بخطأ بلاده بحق سورية!

أخبار سورية

الاثنين، ٢٩ أغسطس ٢٠١٦

ينفث السلطان "العصملي" دخان نرجيلته محاولاً إخراج كل التوتر من داخله، لم تعد عمامته سوى خرقة بالية يضعها على رأسه، ولم يعد صولجان حكمه سوى أشبه بـ"خازوق" قد يهدد قفاه بسبب سياساته الخاطئة، ولن يكون الانكشاريون هذه المرة عبارةً عن مسلحين يقاتلون بالوكالة عنه ضد الدولة السورية، فقد صدر الفرمان بعد إكراه، أنه قد حان وقت التغيير.
كثير هو الحديث عن "تكويعة" تركيا والتغير الذي أصاب سياسة أنقرة تجاه الأزمة السورية، فهل رأينا دلائل على ذلك فعلاً؟ أم أنه مجرد ثرثرة إعلامية؟
لقد أشار موقع المونيتور الأمريكي إلى أن نائب رئيس حزب الوطن التركي والرئيس السابق للاستخبارات العسكرية إسماعيل حقي بكين كشف في مقابلة مع الموقع تفاصيل المحادثات الروسية ـ التركية وجدوى المصالحة بين أنقرة ودمشق، معلناً عن زيارة مرتقبة له إلى دمشق، في سياق محادثات غير رسمية بين البلدين، مؤكداً أن السوريين جاهزون لمناقشة جميع الخيارات لكنهم لن يسمحوا بتقسيم البلاد ولن يقبلوا بإنشاء فيدرالية كما أنهم يريدون من أنقرة التوقف عن دعم المعارضة وعدم السماح للإرهابيين بالمرور عبر حدودها، مبيناً أن القوات المسلحة التركية ووزارة الخارجية كانتا على اطلاع على مجريات المحادثات في دمشق بشكل متواصل.
وفي سياق متصل نقلت صحيفة بيرغون التركية عن نائب رئيس مجلس الوزراء التركي نعمان قورتولموش قوله أن ما عاشته وتعيشه تركيا من تخبطات وأحداث إنما هو ناتج عن السياسة التركية الخاطئة تجاه الأزمة السورية، مؤكداً أن الاعتراف بالخطأ لا يكفي وإنما يجب العدول عنه، معتبراً أن تركيا اتبعت سياسة الغطرسة والتقوقع وقامت بفتح الحدود وتقديم الإمدادات للمجموعات الإرهابية لذا عليها العمل على إصلاح ذلك، فيما اعتبرت بعض الأوساط التركية أن ما قاله قورتولموش يُعد اعترافاً موثقاً بأن الحكومة التركية قد أخطأت وهي حالياً في نقطة تحول تجاه تلك السياسة.
لم يتم التأكيد على خبر الاتصالات الأمنية بين الجانبين السوري والتركي سواءً بشكل مباشر أو عن طريق وسيط روسي أو إيراني، لتبقى التساؤلات حول صحة تلك التسريبات الإعلامية، لكن لا دخان من دون نار بالتالي فإن تسريب تلك المعلومات أمر مقصود من الجانب التركي والأمريكي _إن حدث_ فهذا بمثابة إعلان غير مباشر عن بداية اتصالات استخباراتية، وإن لم يحدث فعلاً فإنه يُصنف كتمهيد للرأي العام لما سيحدث فعلاً، لكن ما يلفت هنا هو أن تلك التسريبات روج لها موقع أمريكي شهير، لا صحيفة تركية موالية لأنقرة أو معارضة لها، ما يضع أيضاً إشارات تساؤل حول جدية تلك التسريبات وكونها حقيقة حدثت بالفعل أكثر من كونها مجرد بالون اختبار أو إشاعة.
إن أردنا أن نقاطع المجريات السياسية والميدانية مع تلك التسريبات فإننا سنرى تحسن العلاقات الروسية ـ التركية وحديث وسائل الإعلان عن حلف جديد روسي ـ إيراني ـ تركي " لعل في ذلك مبالغة" لكنها فكرة بدأت بعض وسائل الإعلام الغربية تطرحها، وقد صرحت أنقرة بأنها ستتعاون مع موسكو لإيجاد حل سياسي كما أن تركيا أعلنت صراحةً بأنها موافقة على ترؤس الرئيس بشار الأسد لمرحلة انتقالية دون الحديث عن عدم مشاركته في انتخابات رئاسية مبكرة، والتي "من وجهة النظر الروسية" يحق للأسد الترشح لها أيضاً.
كما أن حبل التواصل والود لم ينقطع بين إيران وتركيا، وهذا أيضاً يوفر مناخاً لبداية تواصل غير مباشر بين دمشق وأنقرة، فالأتراك أكدوا بأن السوريين لن يسمحوا بتقسيم البلاد فضلاً عن طلب دمشق من أنقرة إيقاف دعمها للمعارضة وإغلاق حدودها بوجه المسلحين الإرهابيين، أيضاً فإن ما يحدث في مدينة جرابلس الحدودية لا يمكن أن يحدث دون موافقة روسية ـ إيرانية، كل تلك الأحداث مترابطة مع بعضها البعض وتقود لمنطقية فكرة تواصل استخباراتي بين دمشق وأنقرة.
أما عن اعتراف نائب رئيس مجلس الوزراء التركي قورتولموش بأن بلاده قد أخطأت تجاه سورية فإنه أيضاً تحول كبير، بل تمهيد متقدم لإعلان التغيير بشكل مباشر في السياسة التركية تجاه دمشق، هناك الحدود وإيقاف دعم المسلحين والمعارضة بالنسبة لدمشق، أما بالنسبة لأنقرة فهناك الأكراد والحاجة إلى إعادة العلاقات مع محيطها وعلى لائحة دول المحيط التركي سورية التي لا يمكن أن تكون تركيا بخير إن كانت لا تزال دمشق في أزمة.
نتيجة متأخرة وصل إليها الأتراك، لكن الأكيد أيضاً بأن القيادة السورية ومع تمتعها بدبلوماسية ومرونة كبيرة فإنها لن يصفو قلبها لتركيا التي كانت غارقة حتى ركبتيها بالدم السوري، حتى لو عادت الاتصالات وتغيرت سياسة أنقرة، فإن دمشق الآن لن تكون كما كانت قبل العام 2011 في علاقتها مع تركيا.