فرحاً بالانتصار .. رائحة المامونية الحلبية تزكم أنوف الجيران الخصوم

فرحاً بالانتصار .. رائحة المامونية الحلبية تزكم أنوف الجيران الخصوم

أخبار سورية

السبت، ٣٠ يوليو ٢٠١٦

بقبعته التكساسية يخفي راعي البقر ملامح وجهه الممتعضة مما يجري في سورية، لقد حاول سابقاً جمع كل قطعان الوهابية والسلفية الهائجة في حظائر الاستخبارات الأمريكية دون النجاح في ترويضها، لن يكفي كل مخزون البراندي راعي البقر للتهدئة من غضبه، ولن يحلم ذلك الراعي بتناول البرغر في أزقة حلب القديمة، بل ستفوح روائح المامونية الحلبية احتفالاً بالخلاص.
لم يستطع الأمريكي إخفاء جنونه مما يجري في حلب، فقد أعلن جون برينان مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية  أن واشنطن تعول على موسكو في تنفيذها كافة التزاماتها بشأن تسوية الأزمة السورية، متهماً روسيا بدعم القيادة السورية، كما تشاءم برينان بشأن مستقبل سورية.
بدوره أعلن المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي لدى التحالف الدولي في الحرب ضد تنظيم "داعش"  بريت ماكغورك بأن بلاده تعتبر رغبة الرئيس السوري بشار الأسد باستعادة السيطرة على البلاد نوعا من "الخيال العلمي" وأن ذلك لن يحدث أبداً ! يُضاف إلى ما سبق تأكيدات واشنطن المتكررة على المساعدات الإنسانية في حلب مؤخراً.
لم يكن يتوقع الأمريكي تسارع الأحداث بتلك الطريقة في حلب، حيث كان الرهان على جبهة الشمال كبيراً، بل إن ثقل الجماعات المسلحة التي تزعم واشنطن بأنها معتدلة يتركز في الشمال، تلك الجماعات المدعومة أمريكياً مدعومة من قبل النظام التركي والأنظمة الخليجية أيضاً، وفي هذا السياق دانت وزارة الخارجية التركية ما أسمته بالحصار الذي يفرضه الجيش السوري على الأحياء الشرقية لمدينة حلب واستمرار الغارات الجوية على تلك الأحياء، مطالبةً بالوقف الفوري للغارات الجوية ، بل لقد كانت تركيا صريحةً جداً في إبداء غضبها وجنونها من تقدم الجيش السوري في حلب، حيث أعلنت الخارجية التركية في بيانها بأن حصار الجيش السوري للجزء الشرقي من مدينة حلب يثير غضب أنقرة العميق؟!.
بالتالي فإن العالم بدأ يشهد الآن تهاوياً للمشروع الغربي ـ التركي ـ الوهابي الخليجي في سوريا من خلال مدينة حلب، لم تنجح أنقرة في تحقيق حلم المناطق العازلة والآمنة، لم تتم السيطرة على حلب كثقل تاريخي واقتصادي وجغرافي هام، المدينة وريفها يعودان تدريجياً إلى كنف الدولة السورية، هذا بحد ذاته دفعة قوية باتجاه الحل السياسي، وهنا لا بد من الإشارة إلى ما قاله الرئيس بشار الأسد حول  مسلحي حلب بأن الدولة جاهزة للعفو عن كل مسلح يسلم نفسه وسلاحه، هذا بلا شك يقطع الطريق على كل مدّعي الخوف على الإنسانية سلموا تسلموا وإلا فإن كل من لا يسلم نفسه هو إرهابي تجب مواجهته بحكم الأعراف والقوانين الدولية، وموسكو حليفة دمشق تؤكد ذلك بنفسها.
آخر ضربة قاسمة وجهها الجيش السوري للمشروع العصمنلي التركي كانت بالسيطرة على حي بني زيد الذي يصفه البعض بأنه أقرب لمستعمرة صهيونية بسبب سيطرة الجماعات المتطرفة عليه والتي أمطرت حلب والأحياء المجاورة له بقذائف جهنم والهاون مما أسفر عن سقوط الكثير من الشهداء والجرحى المدنيين.
ما يجري في حلب الآن لن يتوقف بسبب السياسة، هناك قرار من القيادة السورية وبالتعاون مع الحلفاء الروس والإيرانيين للسير قدماً في تحرير المدينة وريفها، موسكو فرضت ما تريده على واشنطن من أجل ضرب جبهة النصرة، علماً بأن أمريكا كانت قد صنفت الجبهة كمنظمة إرهابية سابقاً لكنها كانت تغض الطرف عنها كرمى لعيون النظام السعودي وبعض شصخيات المعارضة كـ (معاذ الخطيب وميشيل كيلو) الآن بات لزاماً على واشنطن استهداف النصرة وفق اتفاقها مع الروسي، وليس مصادفةً أن تعلن جبهة النصرة فك ارتباطها بالقاعدة وتغيير اسمها، بل يرى بعض المراقبون أن هناك توجيهاً أمريكياً ـ خليجياً لتلك الجبهة بفعل ذلك للتنصل من الاتفاق مع الروسي ي وجوب ضربها، الآن ستقول واشنطن بأنه لم يعد هناك وجود للنصرة، في حين استبقت روسيا ذلك بالقول أن النصرة ستظل إرهابية حتى لو غيرت اسمها وسيتم استهدافها.
أخيراً فإن المشهد الميداني السوري سيكون متركزاً على ما يجري في حلب، على الرغم من كثرة الأحاديث حول وجود نوايا لإشعال جبهة الجنوب والسبب فيها لفت الأنظار عن حلب وتخفيف الضغط عن مسلحيها، قد يتلمض الأمريكي جوعاً لتذوق أكلة حلبية، وقد يُخيل إليه بأنه يتناول الأطعمة الأمريكية في أزقة حلب بعد سيطرة الدشاديش عليها، لكن الثابت حتى الآن هو أن روائح المامونية التي يعدها الحلبيون فرحاً بالتحرير هي الرائحة الأقوى التي باتت تزكم أنوف الخصوم وعلى رأسهم الأقرب جغرافياً " أي تركيا".
علي مخلوف- عاجل