خلل مواصفات.. وفلتان أسعار غير مسبوق بالأسواق.. والمستهلك هو الضحية.. الغش.. طال معظم السلع والمواد.. والضوابط مفقودة والحذر واجب

خلل مواصفات.. وفلتان أسعار غير مسبوق بالأسواق.. والمستهلك هو الضحية.. الغش.. طال معظم السلع والمواد.. والضوابط مفقودة والحذر واجب

أخبار سورية

الثلاثاء، ١٧ مايو ٢٠١٦

جنون بالأسعار، خلل بالمواصفات، تراجع بالجودة، جشع خارج المنطق، عجز السواد الأعظم من المواطنين عن تأمين قوتهم اليومي، تذبذب أسعار الصرف، وغياب القانون.. تلك هي العناوين العريضة التي تلخّص واقع أسواقنا بدءاً من العاصمة وصولاً إلى الأرياف.
ورغم الارتفاع الفاحش لأسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى في أسواقنا ورغم تباين سعر السلعة الواحدة في المتجر الواحد بين الساعة والأخرى، دون الدخول في الاختلاف بين تاجر ونظيره.. إلا أن السمة العامة تفيد بوقوع المستهلك ضحية لخلل المواصفات، وتدني الجودة، والغش، والارتفاع الفاحش في الأسعار، وربما انتهاء الصلاحية، وخاصة مع ازدهار ظاهرة غش المواد الغذائية وغير الغذائية والتلاعب بتاريخ الإنتاج والصلاحية، فالمستهلك عندما يدفع سعراً مرتفعاً يعتقد أنه يحصل على سلعة جيدة ليتبين لاحقاً أنه اشترى سلعة مغشوشة ربما تحمل ماركة مشهورة ولكنها مقلّدة.‏‏
التوعية مطلوبة‏‏
في السوق تجار جملة ونصف جملة ومفرق يمثلون شركات رائجة أو وكالات مشهورة، تبيع سلعاً غذائية وغيرها، وهؤلاء لهم أسعارهم وجودة سلعهم وسمعتهم في السوق، والمستهلك قد قبلها مرغماً تحت معيار الجودة.. وبالمقابل هناك تجار ومنتجون لا يتوانون عن التلاعب بإنتاج السلعة غشاً وتدليساً بعد أن جنحوا للسباحة في تيار الغش والتدليس بالمواصفة والجودة والسعر أسوة بالنسبة العظمى من تجار السوق، أمام الفشل الذريع في ضبط إيقاعه ولو بالحدود الدنيا، في ظل الحرب الإرهابية التي نعاني من ارتداداتها على مدى ما يزيد على /61/ شهراً انقضت..‏‏
والمطلوب هنا من مختلف الفعاليات الرسمية والأهلية القيام بحملات التوعية لمختلف شرائح المستهلكين حول مخاطر الغش والتدليس التي تشهدها أسواقنا صعوداً وبدون أي وازع قيمي أو أخلاقي ممن لا يهمهم سوى اقتناص الظروف وتكديس الأموال وحتى الاحتكار بانتظار الفرصة المهيأة لابتزاز المستهلك - المواطن، واستحقت هذه الشريحة لقب تجار الحرب وصنّاع الأزمات.‏‏
وبالمقابل وبعد أكثر من خمس سنوات مضت، يفترض بوزارة تعنى بالتجارة الداخلية وحماية المستهلك أن تكون قد اجترحت الحلول لتواكب قساوة المرحلة المعيشية لمختلف الشرائح الاستهلاكية، من خلال تفعيل مؤسسات تدخلها الإيجابي وفرض إيقاعها في الأسواق، لكن التجربة أثبتت عكس تلك الفاعلية، باستثناء المواد المقننة التي أنيط تسويقها بها، وواقع الظرف الراهن يتطلب إعادة هيكلة مؤسسات التجارة الداخلية وخاصة تلك التي تعنى بالمنافسة إلى جانب مؤسسات التدخل وتفعيل آلية حماية المستهلك وفق ما نص عليه قانونه الخاص لأن الغش في الإنتاج والتدليس بالأسعار غدا السمة الأبرز لأسواقنا.‏‏

فنون وأساليب‏‏

وببساطة نسأل سؤال العارف، كيف يتم غش المواد في أسواقنا، وخاصة الغذائية منها، وصولاً إلى المنظفات وغيرها؟‏‏

بداية وفيما يخص زيت الزيتون: وفق محاضر ضبوط مديرية التجارة الداخلية بريف دمشق يتم التلاعب بالمادة من خلال الغش بنوعية الزيت وارتفاع أو انخفاض درجة البيروكسيد. وبالتالي بيع المادة نخب ثاني على أنها نخب أول للإفادة من الفارق السعري وهذه مقبولة.‏‏

أو مزج الزيوت النباتية وإضافة أصبغة صناعية وأصنصات لا تصلح للاستهلاك البشري، تعطي اللون والرائحة القريبة من المادة الأصلية حيث تنخفض درجة البيروكسيد لتحقيق مكاسب غير مشروعة وهذه الحالة لا تطاق، وتم ضبط عدة منشآت سابقاً تزاول مهنة الغش مع الوسائل المساعدة!.‏‏

وحتى الزيت الأبيض لم يسلم من الغش وما إن تضعه ربة المنزل في المقلاة حتى يتبخر بمجرد تسخينه بسبب مزجه بمواد أخرى حسب إفادات شرائح عديدة من مستهلكي أنواع الزيت الأبيض.‏‏

معاون مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ريف دمشق بسام حاج شاكر قال: فيما يخص مادة الزعتر فإنه يفترض أن تكون المادة مصنوعة من أوراق الزعتر والسمسم، لكن الواقع يفيد بلجوء البعض إلى أوراق وبذور النباتات أو تفل حبة البركة وقشر الكمون أو قشور بذور البطيخ الأسود ودوار الشمس وطحنها بإضافة السمسم مع نسبة قليلة من مادة الزعتر لإضفاء النكهة عليها وبيعها على أنها زعتر أصلي وقد يدون عليها لصاقات لبعض أسماء المنتجات الرائجة في الأسواق.‏‏

الكونسروة والمعلبات‏‏

وفيما يخص المواد الغذائية المعلبة قال مصدر حرفي في دمشق: بداية يتم استيراد الأنواع السيئة من مادة التونة من نوع الطحال، وهي من أسوأ الأنواع الطونة وتصنع وتباع محلياً بأسعار فلكية.‏‏

ومن مظاهر الغش في مادة الكونسروة وفق مضبوطات مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ريف دمشق، يبدأ من الغش في تاريخ انتهاء الصلاحية وإعادة تصنيع المادة وتعبئتها بتاريخ إنتاج وصلاحية جديدة.‏‏

أو بإضافة مواد ليست من أصل تركيب المادة كوضع مثلا مبشور الجزر مع مربى المشمش أو إضافة مادة النشاء إضافة إلى الأصنصات كمكثفات صنعية ومواد حافظة.‏‏

وبالتالي المخالفة في تركيب المادة وانخفاض نسبة المواد الصلبة فيها كما في حالة المربيات بأنواعها.‏‏

مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ريف دمشق أكدت أن مظهر الغش في المعلبات يبدأ من انتفاخ العبوة قبل فتحها، ومن مظاهر فسادها وجود مادة الصدأ عليها من الداخل أو المصل فوق المادة المعلبة كما في حالة المرتديلا وأحياناً تغيير لون المادة أو خروج رائحة كريهة بعد فتحها لا تتطابق ونوعية المادة، وهذه كلها غير صالحة للاستهلاك ويجب إتلافها.‏‏

وحسب السيد بسام حاج شاكر فإن هذه الأنواع تخضع لسحب العينات وتحليلها مخبرياً.‏‏

ومن جانب آخر يتم الغش في المادة من خلال التلاعب بتاريخ الإنتاج وتزوير صلاحية الاستهلاك كما يحدث في كثير من المعلبات التي تباع سواء في بعض المحلات أم على البسطات.‏‏

وللحوم نصيب‏‏

أما في حالة اللحوم الطازجة كالفروج تقول مديرية التجارة الداخلية بريف دمشق: يتم الغش أولاً ببيع الفروج مبرداً عوضاً عن الطازج وهذه مخالفة.‏‏

وثانياً عبر حقن مفاصل الفروج ونقعه بالماء كي لايتسرب إلا أثناء الطبخ، حيث يتفاجأ المستهلك أنه اشترى فروج وزن /3/ كيلو مثلاً وبعد الطبخ يجد وزنه لا يتجاوز /2/ كيلو لأن المياه التي حقن بها جفت أثناء الطهي وتتراوح كمية الماء المحقون والمنقوع بين ربع وثلث وزن الفروج.‏‏

وأن معظم أنواع السمك في أسواقنا، كما يقول مصدر حرفي لامواصفات لها وهي من الصنف الرديء ويتم دخولها إلى أسواقنا بوسائل مريبة كالتي كان يتم تهريبها من لبنان خلال سنوات ما قبل الأزمة فما بالك اليوم.‏‏

أما اللحوم الحمراء فيتم غشها عبر الفرم أولاً ومزج أكثر من نوع من اللحوم فمثلاً يخلط لحم العواس بلحم الجاموس أو الدجاج أو الماعز اوأالبقر ويباع للمستهلك على أنه عواس بلدي صافي يحتاج شراء الكيلو منه إلى خطة نصف سنوية للسواد الأعظم من شريحة المستهلكين.‏‏

وأحياناً أخرى تستخدم الأصبغة كما في مطاعم النجوم حيث أفاد من كان يعمل بها سابقاً أن اللحوم تمزج ببعضها وتضاف إليها المقبلات والبهارات لإخفاء روائحها وتضليل الزبون الذي يجهل أي لحوم يأكل.‏‏

الألبان بيئة خصبة‏‏

وبالنسبة للحليب لن نتحدث عن خلطه بالماء لأنها من المنسيات والمقبولة قياساً بالأساليب الرائجة كحالة الطريقة الأكثر شيوعاً الآن وهي استخلاصه من مادة البودرة وسحب الدسم الطبيعي منه إن وجد، وإضافة مادتي النشاء والدسم النباتي إليه أحياناً، ونقله مكشوفاً دون مراعاة لشروط النقل والحفظ المبرد ما يؤدي إلى إشباع المادة بالجراثيم الهوائية بسبب النقل والحفظ غير السليم.‏‏

وما يقاس على الحليب يقاس على الألبان والأجبان لأنها مصنوعة من حليب البودرة مع إضافة مادتي النشاء والدسم النباتي، وقد تكون هذه المواد منتهية الصلاحية أو فاسدة وتباع للمستهلك على أنها مشتقات طازجة فيما هي بلا نكهة وبلا طعم.‏‏

والمنظفات أيضاً‏‏

طبعاً الغش ليس فقط في المواد الغذائية وإنما أيضاً في غيرها كالمنظفات مثلً، كيف؟ يقول معاون مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ريف دمشق: في حالة مسحوق التنظيف المستخدم للغسالات يتمثل الغش بداية في انخفاض نسبة المادة الفعالة عن الحد المطلوب وفق المواصفة القياسية السورية أو إضافة مواد مالئة بدل المواد التركيبية الأساسية حيث يضاف الملح للتلاعب بالوزن.‏‏

في حين أن مادة الصابون يضاف إليها زيوت مستعملة وفاسدة وقد يستخدم في عملية الغش الزيوت المحروقة التي يتم تنسيقها من محلات بيع الوجبات الجاهزة والمطاعم، والعديد من الماركات المشهورة في أسواقنا بالنسبة للصابون أو حتى مساحيق الغسيل مزورة وإنتاجها غير صالح مواصفاتياً حيث يتم وضع لصاقات على المنتج تحمل علامات ماركات ذائعة الصيت وموثوقة.‏‏

3000 ضبط و 50 حالة إغلاق‏‏

في محافظة ريف دمشق وفي إطار متابعة واقع الأسواق والحد ما أمكن من انتشار ظاهرة الغش في إنتاج المواد والسلع ومخالفتها للمواصفات القياسية المعتمدة نظمت مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك /3000/ محضر خلال الأشهر الأربعة الماضية وتنفيذ /50/ حالة إغلاق لمعامل ومنشآت ومحال ومستودعات ومحطات وقود لارتكاب أصحابها مخالفات جسيمة، و/1000/ محضر ضبط سحب عينات لمواد غذائية وغيرها من الأسواق وإحالتها للمخابر المختصة للتأكد من سلامتها ومطابقتها لمحتويات لصاقة البيان والمواصفة القياسية المتبعة.‏‏

وقالت المديرية بلغ إجمالي الضبوط العدلية حوالي /2000/ شملت محطات الوقود وموزعي الغاز والمازوت بمخالفات النقص بالكيل والبيع بسعر زائد والاتجار غير المشروع بالمادة في السوق السوداء.‏‏

وشملت الضبوط مخالفات الأفران التموينية الخاصة والعامة بمخالفات لأسوأ تصنيع المادة ونقص الوزن والبيع بالعدد والاتجار غير المشروع بالدقيق التمويني وبالخبز والبيع بدون موافقات رسمية.‏‏

وشملت المخالفات الصيدليات برفقة مندوب النقابة ونظمت المخالفة منها ضبوط حيازة أدوية منتهية الصلاحية وعدم إبراز فواتير الشراء.‏‏

وفيما يخص المواد والسلع الغذائية شملت الضبوط معامل منتجي وموزعي المواد الغذائية ومعامل الكونسروة بمخالفات حيازة مواد منتهية الصلاحية والغش في ذات البضاعة وعدم وجود لطاقة بيان ومخالفة المواصفات القياسية المتبعة.‏‏

وشملت الضبوط وسائط النقل العاملة على خطوط المحافظة بمخالفات تقاضي سعر زائد عن التعرفة الرسمية وعدم الإعلان عن بدل الخدمات.‏‏

ونقول‏‏

المستهلك - المواطن يحتاج إلى إجراء ملموس على أرض الواقع يقلل من نسب الغش ويخفض الأسعار، ويحقق شرط الصحة، وهو غير معني بعدد الضبوط ومحاضر سحب العينات لأن معدته الخاوية تعودت على ما يكفي من الجراثيم (للأسف).‏‏

فهل سنشهد قريباً حزمة قرارات وأفعالاً استثنائية تعيد إيقاع الضبط ولو نسبياً للأسواق، لأن واقع الحال وبعد انتظار خمس سنوات أصبح يتطلب إجراءات استثنائية.‏‏
عدنان سعد - الثورة