حلب... إلى الميدان دُر..!

حلب... إلى الميدان دُر..!

أخبار سورية

الأحد، ١٥ مايو ٢٠١٦

باسل أبو شاش - بيروت برس
الساعة الواحدة فجرَ يوم الخميس، في الـثاني عشر من شهر أيار.. وبينما يراقب السوريون مرورَ آخر دقائق التهدئة في مدينة حلب، بانتظار صدور  قرارٍ روسي أمريكي (كما كان متوقع) يعلن تمديدها للمرة الثالثة.. جاءت الوقائع مخالفة لجميع التوقعات.. فساعات التهدئة انتهت وقرار التمديد لم يصدر على الإطلاق.
أربع ساعاتٍ فقط.. بعد خروج حلب من دائرة التهدئة، كانت كافية لتعود الاشتباكات العنيفة ومن أوسع أبوابها إلى جبهات المدينة المختلفة، وكأنّ جميع الأطراف كانوا بانتظار هذه اللحظة للعودة إلى الميدان،  وتحقيق ما لم تستطع السياسة تحقيقه لها خلال الأيام الماضية، كل ذلك وسط صمت روسي وأمريكي مريبٍ تجنب إبداء أيَّ تعليق على الموضوع.
تهدئة حلب ورغم مقدرتها فعليًا على خفض مستوى العنف خلال أيام تطبيقها، إلا أنها شهدت منذ دخولها حيز التنفيذ خروقاتٍ عدة قام بها المسلحون، من خلال استهدافهم، (وإن كان على مستوى أقل من الأيام التي سبقت التهدئة) لأحياء المدينة السكنية، ما أدى إلى استشهاد وإصابة عشرات المواطنين، وهو ما أشارت إليه منظمة العفو الدولية عندما تحدثت عن حي الشيخ مقصود في مدينة حلب، بقولها "إن الجماعات المسلحة من المعارضة السورية ربما ارتكبت جرائم حربٍ في قصفها المكثف للحي، ما أودى بحياة العشرات"، معتبرة ذلك بمثابة استهانة سافرة من قبل هذه الجماعات بالحياة الإنسانية.
لماذا انهارت التهدئة..!
أما عن الأسباب التي أفضت إلى وصول التهدئة في حلب إلى حائط مسدود، فيمكن إرجاعها إلى ما يلي:
1-            عدم إحرازِ  تقدمٍ في المباحثات الروسية الأمريكية، وصعوبة الوصول إلى النقطة الوسط بين الجانبين في القضايا العالقة حيال سورية، ومنها رفض واشنطن وحلفائها الخليجين تصنيف "أحرار الشام" و"جيش الإسلام" كتنظيمين إرهابيين، وهو ما تطالب به روسيا على الدوام، نتيجة لوجود روابط تجمع بين هذين التنظيمين وجبهة النصرة الإرهابية.
2-            استمرار تدفق الإرهابيين والسلاح عبر الحدود التركية السورية،
حيث دخل إلى سورية منذ تطبيق التهدئة ما يقارب 200 إرهابي، وفقًا لما ذكره مركز حميميم للتنسيق، الذي وثق وبصورة مستمرة عملية انتقال المسلحين من تركيا إلى داخل مدينة حلب، في إشارةٍ إلى عدم اعتراف التركي والسعودي بالتفاهمات الروسية الأمريكية.
3-            شعور الروسي بالخديعة.. فبعد تعهد واشنطن بالتزام الفصائل المسلحة ببنود التهدئة، وعدم محاولة تغيير موازين القوى على الأرض، تقدمت الفصائل المسلحة في ريف حلب الجنوبي وسيطرت على بلدة خان طومان الإستراتيجية، ما رأى فيه الروس ضربًا لمساعي الحل السياسي وللتفاهمات المشتركة.
عاصفة السوخوي تعود إلى حلب
مما سبق، يمكن أن نقول بأنّ استعادة بلدة خان طومان الإستراتيجية خلال المرحلة القادمة، باتت تحتل مركز الإهتمام الأول بالنسبة للروسي والإيراني والسوري معًا، وباتت هدفًا أوليًا لأي عملية عسكرية قد تشهدها مدينة حلب خلال القادم من الأيام، وهو ما قد يفسر عودة القاذفات الروسية إلى سماء المدينة، بعد غياب دام لما يقارب الشهر، وتنفيذها خلال يومٍ واحدٍ فقط أكثر من 50 غارة جوية استهدفت تجمعات المسلحين، والحديث أيضًا عن إعادة تنظيم القوات السورية والإيرانية وحزب الله لصفوفهم على الجبهة الجنوبية استعدادًا لمعركة استعادة البلدة.
وضمن هذا الإطار يمكن أن نتحدث أيضًا عن تصريح أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران، محسن رضائي، الذي توعد بالثأر لأرواح الشهداء الإيرانيين الذين سقطوا في خان طومان، مؤكدًا أن سيطرة المسلحين على البلدة جاء نتيجة لدعمهم من قبل بعض الدول الإقليمية، حيث استغل الجنرالات السعوديون والأتراك وقف إطلاق النار في حلب للدفع بالمسلحين واحتلال البلدة، واعدًا بتحرير ليس فقط خان طومان وإنما أيضًا كامل مدينة حلب خلال القادم من الأيام.
التنظيمات المسلحة بدورها باتت تستشعر بما هو قادم، وهنا طالبت "غرفة عمليات فتح حلب" وهي أكبر تجمع للفصائل المسلحة في المدينة وريفها، جميع فصائلها بضرورة رفع الجاهزية القتالية لأعلى المستويات، لصد محاولات "قوات النظام والميليشيات الموالية لها" الانقضاض على المدينة من جميع الإتجاهات، مدعومة بإسناد جوي روسي غير مسبوق.
إذًا، فإنّ مدينة حلب على موعدٍ مع  تطورات ميدانية جديدة، المعلوم فيها أن خان طومان ستحتل الثقل الأكبر، لكن هل ستقتصر عمليات الجيش على البلدة الجنوبية، أم أنها ستمتد لتشمل كامل المدينة وريفها، وصولًا إلى إغلاق الحدود، سؤالٌ سنترك الإجابة عليه لما هو قادم من أيام.