صمود حلب.. أعاد أعداء سورية أذلاء إلى جنيف

صمود حلب.. أعاد أعداء سورية أذلاء إلى جنيف

أخبار سورية

الجمعة، ٦ مايو ٢٠١٦

المهندس : ميشيل كلاغاصي
 إن تضبيق الخناق الروسي– السوري وحكمة القيادة السورية يُجبر دول العدوان الإرهابي و تنظيماتها المتوحشة على سورية للإنخراط مجددا ً في مسار الحل السياسي الجدي بهدف إنهاء الحرب على سورية أذلاء وراء هزائمهم و صلابة الجيش و الشعب في حلب الشهباء ... فبحسب المعطيات الميدانية و السياسية خلال محادثات جولة جنيف الماضية لم تكن لتقنع الإدارة الأمريكية و من ورائها بقبول الهزيمة , الأمر الذي دفعها لإستخدام تعليق و إنسحاب أزلامها في معارضة وفد الرياض إلى أجل ٍ غير مسمى – على حد قولهم – و الذي أصبح واضحا ً و خرج من إطار التحليل إلى مستوى الأحداث و الوقائع .
فقد أوضح جون كيري للوزير عادل الجبير : أننا " نقترب من تفاهم استئناف الهدنة , لكن ما زال هناك الكثير من العمل أمام الجميع", لقد طالبه بفعل ٍ وعلى وجه السرعة , للعمل على تغيير موازين القوى على الأرض خصوصا ً في حلب , والتي استعدت لها الدولة السورية جيدا ً و لخوض معركتها و تطهير المدينة و ريفها الشمالي تحديدا ً من سيطرة الإرهابيين .. لقد أطلق جون كيري شرارة بدء معركة إحتلال حلب , بعد الفشل في تحقيق أي تقدم ٍ ميداني من بوابة خرق الهدنة الهشة أصلا ً .. فإنبرت السعودية و تركيا للمعركة عبر تنظيمات داعش و جبهة النصرة و أحرار الشام و جيش الإسلام والعديد من الفصائل الإرهابية الأخرى التي سارعت لتلوين جلدها تحت عباءة هذه التنظيمات , و تم حشد أكبر عدد من الإرهابيين المتواجدين هناك , و استدعاء أقرانهم من أرياف إدلب و حماة , بالإضافة للوافدين الجدد عبر الحدود التركية المشرعة على مصراعيها بإتجاه الداخل السوري , و بعد جولة تمويل و تسليح ٍ نوعي جديد لم تتوقف عند تزويدها بصواريخ الستينغر المحمولة على الكتف المضادة للطائرات , و تعدتها إلى صواريخ صينية حديثة ذات كفاءة عالية و مدافع ثقيلة و دبابات و اّليات تركية , لقد جاءت العملية تحت عنوان إحتلال حلب وأقله السيطرة على مداخلها و محاصرتها بشكل كامل , عبر الهجوم الكبير وعلى خمسة محاور رئيسية .
في الوقت الذي تستعد الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا لتوسيع الهدنة في غير مناطق سورية لتشمل حلب و ريفها , اختبئ المبعوث الأممي وراء إبتسامته " البريئة", و منح الوقت لمشغليه لشن الهجوم على حلب , بعدم تحديده موعدا ًجديدا ً لمتابعة لقاءات جنيف القادمة , واكتفى بالإشارة إلى إمكانية متابعتها في شهر مايو / أيار.
ثلاثة عشر يوما ً كانت كافية لإعلان الهزيمة , وعدم تمكن الإرهابيين من تحقيق أيا ً من أهداف العملية الكبرى , سوى بإمطار سماء حلب بآلاف القذائف الصاروخية , و حمم مدفع جهنم المتطورة , و ارتكبوا أكبر مجزرة عرفتها أقدم مدينة مأهولة في العالم , أكثر من مئة شهيد وأكثر من ألف حريح و مصاب , عشرات الأبنية المهدمة , خوف ٌ و رعب ٌ و جحيم ٌ عاشته المدينة و سكانها الاّمنين , أمام أعين و صمت العالم وحماسة و سرور سافكي الدم السوري الطاهر في أنظمة التعفن الغربي و العربي , فلم تسلم من قذائف وصواريخ حقدهم المدارس و الجامعات و بيوت الله , بل تعدتها لتطال أحد مشافي التوليد النسائية وسط المدينة , و تحول المشفى خلال ثوان إلى أثر بعد عين , ذهب ضحيتها نساء حوامل و أجنة سورية لم تر الحياة بعد , و لتكشف وحشية من يدعونهم " بالمعارضة المسلحة" و حقدهم الكبير على سورية و السوريين و الأجيال القادمة للحياة !.
استطاع الإرهابيون تحقيق تقدم نسبي في شمال غرب حلب بعد تفجير نفق ٍ أتبعوه بسيارة مفخخة و ما بينهما هجوم ٌ بري , لم يلبث الجيش العربي السوري أن استوعب الهجوم , و استطاع استعادة كافة نقاط تقدمهم , و أعاد فرض الواقع الميداني إلى لحظة ما قبل الهجوم , في الوقت الذي لم تتوقف قذائف الحقد عن استهداف المدنيين , و بقيت وتيرتها رهينة توجيهات المشغلين.
لقد صمد الحلبيون و أذهلوا العالم , و أطلقوا رسائلهم في مختلف الإتجاهات , وأثبتوا تعاليهم على الجراح والألم , ووقوفهم في خندق الوطن , وسط مؤازرة ٍ شعبية غير مسبوقة من أبناء وطنهم في كافة المحافظات السورية و اللذين أكدوا وحدة الشعب السوري وعظمة لحمته الوطنية .
لقد سارع جون كيري لتبرئة نفسه و إدارته من المجازر , و تحدث عن فقدان السيطرة و فلتان الفوضى , و اعترف بقصف المشفى يوم الثلاثاء الماضي من قبل مازال يُصرّ على تسميتها " المعارضة المسلحة" , وقام بعدة إتصالات مع نظيره الروسي بهدف وضع اّلية توسيع الهدنة لتشمل حلب , و بدء تطبيق نظام جديد لمراقبة الهدنة .
لقد كشف الهجوم الإرهابي على حلب إرتباط العديد من الدول الأوروبية و الإقليمية و الخليجية و إرتهان سياستها و مواقفها الجديدة على ضوء نتائج هذه المعركة , فسارعت لعقد سلسلة لقاءات و إجتماعات دولية و أممية .. إذ تقدمت فرنسا و بريطانيا إلى مجلس الأمن بطلب عقد جلسة ٍ طارئة لبحث الوضع في حلب , وسط حديث السفير البريطاني في الأمم المتحدة ماثيو رايكروفت عن حلب وتفوهه عبارة حلب – تحترق , بالتزامن مع الحديث عن الإرتباط الوثيق لبريطانيين متعاقدين مع الخارجية البريطانية و اللذين يديرون بشكل مباشر مكتبا ً صحفيا ً لشن حرب معلومات على سورية و تمويل الحملات الإعلامية للمجموعات المسلحة وإنتاج أشرطة الفيديو والصور والتقارير العسكرية والبث الإذاعي تحت إشراف وزارة الدفاع , ويطبعون المشاركات في وسائل الإعلام الاجتماعية بشعارات المجموعات المسلحة مع إخفاء أي دليل على تورط الحكومة البريطانية – بحسب الغارديان - , إن تزامن و تطابق شعار "حلب - تحترق " الذي أطلقه ماثيو البريطاني مع ما أطلقته المجموعات الإرهابية ومؤيدها على صفحات تواصلها الإجتماعي يُثبت إلتصاقها الوثيق بحكومة بلاده وغيرها ..
كذلك فرنسا التي أصبح من الواضح أنها لا تزال تقبع في خندق العدوان على سورية على الرغم من بعض المرونة "الخداع" التي تبديها في موافقتها رفع الإتحاد الأوروبي عقوباته الإقتصادية على روسيا , و تبدي تناقضا ً واضحا ً استفزازها عبر دعمها ملف توسيع عدد الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن.
و سارعت للإعلان عن لقاء في باريس الإثنين القادم يجمع السعودية و قطر و تركيا و الإمارات و الأردن .. يبدو أن تتحسس حتمية حشر الإدارة الأمريكية في الزاوية و اضطرارها لإستصدار لوائح التنظيمات الإرهابية الواجب ضمها لتنظيمي داعش والنصرة و إعتبارها خارج إطار الهدنة.
كذلك جعجعة جامعة الدول العربية عبر طلب قطري لبحث الوضع في حلب, و ذكّرت العرب أنها لا تزال على قيد الحياة ليس إلاّ.
فيما سارعت الحكومة الألمانية وعقدت لقاءا ً مع متزعم وفد الرياض المدعو رياض حجاب , الذي عبر بشكل غير مباشر عن الفشل الذريع لزمرته الإرهابية في معركة احتلال حلب, و اعتبر أن المباحثات وصلت إلى طريق مسدود , في محاولة منه لنسف العملية السياسية برمتها ... و طالب بمبادرات جديدة على مقاسه و مقاس أزلامه و راعيه " الدكتور" سلمان ملك السعودية .
روسيا ً أكد وزير الخارجية سيرغي لافروف عدم نضج الظروف للإنتقال إلى اللقاءات المباشرة للوفود السورية , و جدد رغبة بلاده في أن يمارس الطرف الأمريكي ضغطا ً حقيقيا ً على تركيا , و من باب الرد على الكلام الأمريكي الذي اعتبر روسيا قادرة على الضغط و التأثير على القرار السوري , إذ قال :" إن سورية ليست شريكا ً لروسيا كما هي تركيا شريكة لواشنطن " , و اعتبر شراكة بلاده مع سورية هي شراكة في محاربة الإرهاب , في إشارة واضحة لتبعية نظام أردوغان للأوامر الأمريكية , و بنفس الوقت أكد سيادية القرار السوري و استقلاله .
في الوقت الذي أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني على ضرورة إدارج " أحرار الشام " و "جيش الإسلام " على لائحة الإرهاب , صدر تأكيد وكالة رويترز عن إعلان ضم حلب بحسب الإتفاق الروسي – الأمريكي لإتفاقية الهدنة في سورية.

أما أوباما فعلى ما يبدو أنه يعاني و لم يتاقلم بعد مع أمراضه النفسية و عقدة الهزيمة أمام الرئيس الأسد , و إزدواجية الشخصية الإجرامية طيلة ثماني سنوات , و الملائكية التي يتمنى أن يغادر عالم السلطة من خلالها , و مرضه المستعصي " فوبيا الكيماوي السوري " المزعوم , الذي يعكس خيبته وإحساسه بالعار بنزوله عن الشجرة , وأن الحديث عن"عقيدة أوباما "هو دعابة مزعجة لتبرير الصداع السوري في رأسه.

و يبقى حديث ديمستورا الأخطر و الأهم نتيجة تناغمه مع الموقف الأمريكي" بضرورة العودة إلى الحل السياسي والإنتقال السياسي للتغلب على الفوضى في سورية" .. إذ أعاد الحديث على سبيل الإيضاح مواقفه في ضرورة العودة إلى المباحثات وفق القرار 2254 و مبدأ الإنتقال السياسي و حكومة إنتقالية و دستور جديد و انتخابات جديدة بمراقبة دولية ومنح السوريين في الشتات حق المشاركة فيه.
إن الإجماع على وحدة سورية, و الحفاظ على مؤسساتها, هي دون شك نتاج ٌحصري لصمود الدولة السورية, بالإضافة إلى تشكيل حكومة وطنية واسعة التمثيل و.... إلخ هي أمور ٌ طرحتها الدولة السورية منذ اليوم الأول .
ولكن ما يلفت الإنتباه هو الحديث عن دولة ٍ علمانية رفضها وفد الرياض وأصحاب الفكر المتطرف, فيما يأتي الحديث عن حكومة ذات مصداقية وشفافية مناسبة يعكس عدم إعترافه بالشرعية الجديدة التي أضافتها الإنتخابات البرلمانية الأخيرة لشرعية الدولة السورية , كما يندرج حديثه أحقية السوريين في الشتات ممارسة حقهم في الاستحقاقات الانتخابية خاصة ً الرئاسية .. يبدو أننا نعود إلى نقطة الصفر مجددا ً , فالتدقيق في كلام المبعوث الأممي يكشف أن ما يحمله من السم يفوق الدسم بأضعاف , و يُثبت عدم مصداقيته و خداعه و إلتزامه بمشغليه, فكيف يستطيع التفكير في أصوات من لجأ إلى دول التآمر على سورية و يدفع فاتورة حياته و أمنه و سلامته من خلال ما فُرض عليه من شروط فُضح أغلبها في عدم العودة للوطن و حصوله على أحقية الإقامة والجنسية , مقابل احترامه و إلتزامه بقوانين تلك الدول و التي تعتبر أعداء سورية أصدقائها وحلفائها في العدوان على سورية , و لك أن تتخيل من سيقدم على الإنتخاب وسط كل ما فُضح عن تزوير جوازات السفر السورية و البطاقات الشخصية السورية , ومستعمليها ؟؟ ناهيك عن استخدام النص الأممي وصف " الشتات " كتعبير يهودي الأصل , مؤلف من كتلة ٍ متجانسة ٍ مبني على مفهوم مزدوج يجمع بين الإنتماء القومي والديني الصرف أو الصافي .. الأمر الذي تفسير شره الغرب لإستقبال النازحين و اللاجئين السوريين , لذلك تُعوّل سورية على وعي السوريين و عدم إنجرارهم إلى هكذا مزالق , و تأمل عودتهم السريعة إلى الوطن .
لا تبدو الحرب على سورية قد أباحت بكل أسرارها, و يبقى للجيش العربي السوري الدبلوماسي والعسكري أن يعلن الفيتو السوري في المكان و الزمان المناسب.. إنتظروا مفاجئة الرئيس بشار الأسد الكبرى للعالم كله