تحتاج إلى معايير صحيحة إعادة تصنيف المنشآت السياحية .. آلية بدائية وعدالة غائبة .. والضرائب من دون ميزان

تحتاج إلى معايير صحيحة إعادة تصنيف المنشآت السياحية .. آلية بدائية وعدالة غائبة .. والضرائب من دون ميزان

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٧ أبريل ٢٠١٦

أثار الإجراء التي تقوم به وزارة المالية بشأن إعادة تصنيف المنشآت التي تقدم خدمات إطعام وإدخالها في التصنيف السياحي وصولاً إلى جباية ضرائب خدمات منها زوبعة من الاعتراضات بسبب ضبابية المعايير الموضوعة بشأن التصنيف السياحي وخلل آلية التصنيف حسب ما أوضح كثيرون، حيث يأتي موظف واحد يكتفي بعد الكراسي، ويطرح اسم مكان صغير ليدخل في التصنيف بينما يوجد مطاعم كبيرة وتتقاضى أسعاراً أكثر من خمس نجوم، وتصنّف بنفس المستوى مع مطعم صغير يقدّم وجبة ذات لون واحد.
والحديث عن المشكلة دفعنا لتناول السياسة الضريبية وأهمية العمل باتجاه توطين الأعمال المختلفة سياحية وتجارية صغيرة وكبيرة وليس دفعها إلى الإغلاق أو الهجرة والسعي لمكافأة من يقدّم الخدمات الجيدة وليس محاربته، بل المطلوب السعي لتكريس الآراء التشاركية المبنية على وضع قواسم مشتركة من جميع الأطراف ودراسة القرارات وفق ما يخدم الواقع الاقتصادي ودفع عجلة التطوير والتحفيز والتنمية حقيقة وليس أقوالاً تتناقضها قرارات وأفعال.
فالهدف الأول من تطوير الأداء في مجال التصنيف والسياسة الضريبية هو الحرص على بقاء الأفضل وترسيخ ثبات أصحاب الأعمال المختلفة والحرص على بقائهم في وطنهم والسعي لرفع سوية أدائهم عبر مشجعات مختلفة ووضع ضوابط تقييم فعلية والخروج من العشوائية في رسم السياسة الضريبية والفردية في إصدار القرارات التي تنعكس على شرائح وخدمات، والأهم ما تنعكس به سلبياً على المواطن الذي ثقل كاهله بسبب تداعيات سلبية لقرارات كثيرة صدرت وأرخت بثقلها على الحياة المواطنية بكافة شرائحها ولم تخدم إلّا شريحة خاصة من المنتفعين.

التصنيف فرض للتطوير
أوضح وزير السياحة بشر اليازجي أن يكون التصنيف فرضاً لازماً كافياً على جميع المنشآت التي تتعامل مع الطعام والشراب والتسلية وإعادة التصنيف السياحي تقوم بها الوزارة بالتأهيل السياحي لكافة المنشآت وإعطائها الصفة السياحية بعد تحقيقها المواصفات والمعايير المعتمدة فنياً وخدمياً وتشغيلياً، ومن ثم منح التصنيف السياحي لكافة المنشات المؤهلة، كما أن المرسوم التشريعي 11 لعام ٢٠١5 الذي شاركت بإعداده وزارة السياحة نص في مواده على تأهيل المنشآت التي تقدّم خدمات مشابهة للخدمات المقدّمة في المنشآت السياحية، وبالتالي تحقيق المواصفات والمعايير التي تمت الإشارة إليها وفي حال عدم تحقيق هذه المواصفات والمعايير، فلا يتم تأهيل هذه المنشآت، وبالتالي عدم فرض رسم الإنفاق الاستهلاكي على الخدمة المقدمة أو فرض أي نوع من الضرائب والرسوم على أصحاب المنشآت التي تفرض بعد منح الصفة السياحية، وإنما تفرض الضرائب والرسوم وفق القوانين النافذة في وزارة المالية.
وأكد أنه تتم زيادة الدرجة أو التصنيف أو التأهيل للمنشأة السياحية بناء على طلب صاحبها أو مستثمرها أو بناء على الجولات التي تقوم بها الضابطة العدلية العاملة في الوزارة في حال تحقيقها للمواصفات والمعايير ذات الدرجة أو المستوى الأعلى، ولايوجد خلاف بين وزارة السياحة ووزارة المالية في منح درجة التأهيل أو التصنيف، كونه يوجد عضو من وزارة المالية في لجنة التصنيف، ويشارك ويبدي الرأي باقي أعضاء اللجنة في منح درجة التصنيف.

لا يوجد حل
وتابع الوزير: لا يوجد تدخّل من قبل وزارة المالية لمنح التأهيل السياحي الذي يتم بناء على كشف اللجان المختصة العاملة في وزارة السياحة، وفي حال منح التأهيل بموجب أحكام المرسوم 11 لعام 2015 فإن ذلك يتم من خلال لجنة مشتركة من وزارة السياحة ووزارة المالية ووزارة الإدارة المحلية.
كما أنه لايتم منح أي نجوم للمنشآت السياحية المؤهلة، وإنما حصراً المنشآت المصنّفة، حيث نص المرسوم رقم 198 لعام 1961 على منح لوحات الرمز السياحي للمنشآت السياحية المصنفة، وبالتالي فإن محلات بيع الفروج والشاورما والتي لاتملك أياً من مواصفات التصنيف السياحي أو  من المواصفات والمعايير السياحية ولاتمنح أي لوحة رمز.

ضريبة الكرسي
وحول سؤال وضع الضريبة على الكرسي وأن الكثير من المنشآت السياحية  أغلق، والكثير منها بطريق الإغلاق، هل هناك تصور لدى الوزارة لحل هذا الموضوع، خاصة وأن السياحة الشعبية هي المفصل الوحيد العامل في هذا التوقيت؟..
أجاب وزير السياحة بأن الضريبة المفروضة على المنشآت السياحية سواء كان مؤهلاً تأهيلاً سياحياً قبل صدور المروسوم /11/ أو بعد صدوره، وهي رسم الإنفاق الاستهلاكي يتم دفعها من قبل الزبون أو المواطن الذي يرتاد المنشأة السياحية ولا علاقة لصاحب المنشأة بها، ويتم استيفاؤها وتوريدها للخزينة المركزية وفق الأصول، ولقد قامت وزارة المالية بتوقيع الاتفاق مع أصحاب المنشآت السياحية بأن يتم تحصيل رسم الإنفاق الاستهلاكي والضرائب الأخرى المفروضة (التأمينات الاجتماعية، أجور، رواتب) بشكل مقطوع يحدد وفق عدد الكراسي وبسعر مقطوع للكرسي الواحد حسب مستواه السياحي (نجمتين، ثلاث نجوم، أربع نجوم) وبمعدل دوران كرسي مرة واحدة في اليوم، وبغية تحقيق ذلك وبشكل دقيق وعادل، ويحفظ حق كل من الخزينة المركزية، المواطن، مستثمر المنشأة..
تم إصدار القرار/1660/ لعام 2015 من قبل وزارتنا بغية تحقيق التطابق بين التصنيف المالي والتصنيف السياحي في تحديد سعر الكرسي، وطلبت وزارتنا من وزارة المالية الإسراع بنظام الفوترة لكافة المنشآت السياحية، ومن خلال مشاركة وزارتنا بصياغة، وفي إعداد مشروع هذا النظام وطلبت أيضاً إيجاد نظام مالي إلكتروني مؤتمت، يتم من خلاله ربط المنشآت السياحية بوزارة المالية بشكل  مباشر يمكن وزارة المالية من معرفة حجم الإيراد الفعلي في أية منشأة سياحية وتحصيل الضرائب المفروضة بشكل يؤمن للخزينة المركزية إيراداتها بشكل مستمر وحقيقي، حيث تختلف الضريبة المفروضة على المنشآت السياحية المؤهلة عن تلك غير المؤهلة بقيمة رسم الإنفاق الاستهلاكي 5٪ و3٪ (ضريبة مقطوعة ورواتب وأجور).وتتم الرقابة عليها إما من قبل الضابطة العدلية في وزارة السياحة للمؤهلة سياحياً أو من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك (للغير مؤهلة).
ومن تصنيف المنشآت الذي يتم وفق رأي أفراد وليس اللجان المشتركة بين الوزارات المعنية.

السياحة الشعبية
وعن  خطة الوزارة في مجال تشجيع السياحة الشعبية والحد من الآثار السلبية الناتجة عن إصرار وزارة المالية على أن التصنيف زيادة في الضريبة، أكد الوزير على أن تأهيل المنشآت وفق مرسوم 11 يتم من خلال لجنة مشتركة بين وزارة الإدارة المحلية، ويتم التوافق على رأي محدد فيما يخص تأهيل المنشآت ودرجة تصنيفها وفق الصفة السياحية.
وزير المالية.. الخزينة تحتاج
السيد وزير المالية، إسماعيل إسماعيل، أكد أن مصلحة الوطن أهم من الفرد، وبالتالي مطلوب العمل باتجاه تحقيق كل الدوافع التي ترفع من الكفاءة ومن الخزينة العامة، مشيراً إلى أن الضريبة جزء من الأرباح، ويجب ألا يتم رفع الأسعار بموجبها، وهناك أولويات تتعلق بالرواتب والمشاريع الخدمية والاستثمار في البنية التحتية تحتاج إلى تمويل، وحول التصنيف، أوضح إسماعيل أن المعايير الموضوعة للتصنيف كافية، لكن المشكلة في التطبيق، والمالية تستوفي الضرائب سواء كانت المنشأة مصنفة، أم لا، وهناك مشكلة الأرقام التي يتم استيفاء الضرائب وفقها، حيث في أغلب الأحيان لا تكون دقيقة ووفق المبيعات، والمطلوب تغيير الذهنية لتكريس مفهوم أن الضرائب لمصلحة المواطن وليست ضده، فمنها تقدم الخدمات والضمان الصحي ومشاريع الطرق والمشافي والمدارس وغيرها، وهناك مشكلة بعدم الالتزام بالضرائب، وللأسف عوائد الأجور من ضرائب الدخل المقطوع أعلى من عوائد ضرائب الاستثمار.

وفق الأهداف
رئيس غرفة تجارة دمشق غسان قلاع أجاب عن التساؤل حول السياسة الضريبية وخضوعها للشخصية والقرار الفردي وتغيب السياسة الضريبية عنها، وهي بالتعريف الفن الذي يبحث في سلوك السلطة العامة وتمارسه الدولة لتوجيه ضرائبها وفق الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، أي فن استخدام الوسائل الضريبية لتحقيق أبعاد اقتصادية وسياسية.
وبالتالي، فالسياسة الضريبية يجب أن تكون مستقرة وواضحة المعالم وذات معايير محددة، وخاصة في مجال الشرائح الضريبية والنسب الضريبية وليس فيها قرارات مفاجئة.
إن السياسية الضريبية كجزء من السياسة المالية والسياسة الاقتصادية يجب أن تتصف بالثبات وعدم خضوعها للمتغيرات الآتية.
وإذا اضطرت الجهات المختصة إلى تغيير بعض هذه المتغيرات في السياسة الضريبية خلال العام، فيجب أن يعلن بأنه سيعمل بها اعتباراً من 1/1/ من العام القادم حتى يكون المكلف على بينة من أمره، ولا يفاجأ بالزيادات.
أما حول انعكاس استمرار الازدواج الضريبي على الاقتصاد السوري، فأجاب: الازدواج الضريبي بالتعريف هو فرض الضريبة ذاتها أكثر من مرة على الشخص نفسه بالنسبة للمطروح الضريبي نفسه، وذلك عن المدة نفسها، وعلى ذلك فإن الازدواج الضريبي يتطلب توافر عدة شروط مجتمعة هي: وحدة الضريبة- وحدة الشخص المكلف بالضريبة- وحدة الممول، سواء كان شخصاً طبيعياً أو شخصاً اعتبارياً أو معنوياً- وحدة المال موضوع الضريبة ( أي وحدة وعاء الضريبة)- وحدة المدة المفروضة عنها الضريبة، وبالتالي فإن مفهوم الازدواج الضريبي عبارة فضفاضة من الممكن أن تأخذ عدة اتجاهات، فمثلاً أن يكون أحد المكلفين غير سوري الجنسية، ويكلف بضريبة دخل في سورية، وفي بلده عن المطرح الضريبي ذاته، أو أن يدفع المكلف ضريبة ريع العقارات مثلاً، ثم تضاف إيجارات العقارات على كتلة أرباحه في نشاطه الاقتصادي، نظراً لأن قيمة ريع العقارات دفعت من صندوق مؤسسته، وإن كانت عملياً يجب ألا تخضع بهذه الضريبة لأنها مستقلة، وقد يكون دفع قيمتها من صافي أرباحه، وعلى ذلك فإن هذا الوضع يدفع المكلف إلى محاولة سلوك سبل مختلفة لتفادي مثل هذه الضريبة. وحول أهم المفاصل الضريبية التي تساهم بخسارة التجارة بيّن أنه ليست هناك مفاصل ضريبية تساهم في خسارة التجارة بشكل مباشر، وإنما هناك بعض التعديلات التي تطرأ على نسبة الرسوم، كما حدث مؤخراً بتعديل سعر القطع الجمركي، بحيث زادت نسبة الرسوم تبعاً لذلك التعديل، ما انعكس على قائمة تكلفة البضائع بشكل ملموس، كما تم إحداث رسم للترفيق الذي زاد من تكلفة البضائع، وهذه نماذج على سبيل الذكر لا الحصر.

عدالة الضرائب
ولتجاوز المشكلات لتحسين الوضع الضريبي في سورية لابد من وضع نظام ضريبي بسيط وعادل وكفء يتماشى وأهداف النمو الاقتصادي، فمن الأمور الجوهرية التي تقف أمام الذين يرسمون السياسة الضريبية لأي بلد، معالجة مسألة البساطة في القانون الضريبي، لأن القانون الضريبي المعقد جداً لا يمكن استيعابه لا من قبل دافع الضريبة، ولا من قبل موظف الضرائب، وكذلك فإن مسألة الكفاءة والعدالة يجب أن يكون لها دور واضح لدى صانع القرار لتطوير العمل الضريبي، حيث يجب وضع نظام ضريبي يسمح للمكلف بالالتزام به دون عناء، بالإضافة إلى العدالة التي تعني أصحاب الدخل المتساوي، يدفعون المقدار نفسه من الضرائب (العدالة الأفقية)، وأولئك الذين يملكون مصادر دخل عالية جداً يجب أن يدفعوا النسبة الأكبر من الضريبة (العدالة العامودية).
إذاً عندما تكون الضرائب متوازنة وبنسب مقبولة فمن المؤكد أن الوضع الضريبي سيتحسن، وسيكون عادلاً ومنصفاً ومقبولاً من الدوائر المالية والمكلفين.

ابتسام المغربي