الجيش السوري نحو إقفال معركة ريف اللاذقية

الجيش السوري نحو إقفال معركة ريف اللاذقية

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٠ أبريل ٢٠١٦

أعاد الجيش السوري تفعيل خطة الهجوم على جبل كباني والتلال المحيطة به، بعد أن بلغت خروق الهدنة من قبل الفصائل حداً لا يمكن السكوت عليه.
الخطة كانت جاهزة، وعلى وشك التنفيذ منذ شهور عدة، لولا أن الجيش قرر تجميدها منذ دخول هدنة وقف العمليات العدائية، حيّز التنفيذ، أواخر شباط الماضي. غير أن إطلاق الفصائل المسلحة معركة «رد المظالم» في ريف اللاذقية وسهل الغاب، دفعت الجيش إلى الردّ بالمثل، فكان القرار النهائي بوجوب إقفال ملف المعارك في ريف اللاذقية، من أجل التفرغ إلى ساحات أخرى تكتسب في هذه المرحلة أهمية خاصة، وكذلك لمنع الفصائل من اتخاذ بعض النقاط المهمة التي ما زالت تسيطر عليها في ريف اللاذقية منطلقاً لاستنزاف وحدات الجيش وإشغالها عن مهمات قتالية أخرى.
وبعد ساعات فقط من إفشال هجوم المسلحين على بعض المحاور في ريف اللاذقية، أهمها عين قنطرة ونحشبا القريبتين من بلدة كنسبا، كانت حشود الجيش السوري على أهبة الاستعداد لرد الصاع صاعين. وما هي إلا لحظات قليلة، حتى وصلت إشارة البدء لتنطلق الحشود لخوض «أم المعارك» في ريف اللاذقية، لأنه من بعدها سيغدو رحم الحرب عقيماً في تلك المنطقة، وستكون بقايا المسلحين المنتشرة في بعض الجيوب عاجزة حتى عن حماية نفسها.
ويشكل جبل كباني آخر نقطة من النقاط الإستراتيجية التي يمكن أن تتجه إليها أنظار الجيش، بعد أن تهاوت أمامه، خلال الأشهر الماضية، جميع التلال الحاكمة في المنطقة، مثل كتف الغدر وكتف الغنمة وجبل الفرك وسلمى والربيعة وجبل النوبة وجبل زاهي وجب الأحمر وكنسبا وجبل القلعة وغيرها. وقد اقترب الجيش، في السابق، مرات عدة من مشارف جبل كباني وسعى للسيطرة عليه، إلا أن سريان الهدنة أوقف هذه المحاولات.
وقد أعطت القيادة العسكرية إشارة البدء بالمعركة، صباح أمس، حيث انطلقت القوات الأساسية من بعض التلال الواقعة في نهاية سلسلة جب الأحمر، مثل 1149 و1101، واتجهت نحو مجموعة من التلال التي تحيط بجبل كباني من جهة الجنوب، وأهمها 1125 و1154 و1112 وجبل الزويقات.
وسيطر الجيش بعد اشتباكات عنيفة على هذه النقاط، فيما واصل استهداف تل سيريتل في الشمال الغربي من كباني باتجاه كنسبا، والتي تعني السيطرة عليها أن الطريق إلى جبل كباني أصبح مفتوحاً. إلا أنه اضطر، ظهر أمس، للانسحاب من نقطتي 1125 و1154 نتيجة شراسة المعارك ووعورة الطبيعة الجغرافية في المنطقة، لكنه حافظ على جبل الزويقات الذي يشرف أيضاً على قرية كباني، التي تقع في وادٍ بين مجموعة من التلال.
وبالنسبة لقيادة عمليات الهجوم لم يكن لهذا الانسحاب أي تأثير، لأن طبيعة معارك التلال تفرض أن تتخذ العمليات طابع الكرّ والفرّ قبل إمكانية التثبيت على إحدى القمم، خصوصاً في ظل الجغرافيا المعقدة في ريف اللاذقية، وبالأخص لأن المسلحين يقاتلون دفاعا عن النقطة الأخيرة التي ستفتح خسارتها عليهم أبوابَ المعارك في معاقلهم الحصينة في إدلب، لذلك كان من الطبيعي أن يستشرسوا في القتال.
وسرعان، ما عادت وحدات الجيش، عصراً، لشن هجوم ثانٍ على تلتي 1125 و 1154، في خطوة تؤكد أن قرار الجيش بإنهاء ملف ريف اللاذقية لا رجعة فيه، ولا يحتمل أي إضاعة للوقت، كما قال لـ «السفير» ناشط إعلامي يواكب عمليات الجيش في المنطقة. وهو ما أكده قائد ميداني قال لـ «السفير» إن «المعركة لن تتوقف قبل السيطرة على جبل كباني ومحيطه»، مشيراً إلى أن الهدف وفق مجريات هذا اليوم يمكن أن يتحقق خلال 48 ساعة.
ويتمتع جبل كباني بموقع متميز يجعله متصلاً مع ثلاث محافظات، هي اللاذقية وإدلب وحماه، بالإضافة إلى ارتفاعه الشاهق بما يزيد عن ألف متر، ما يمنح المسيطر عليه إشرافاً نارياً واسعاً وقدرة استطلاعية كبيرة.
والسيطرة عليه من قبل الجيش تعني، أولاً وقبل كل شيء، أن ريف اللاذقية قد وصل إلى خاتمة المعارك الكبيرة، ولم يعد أمام الجيش سوى ضم ما تبقى من مجموعات مسلحة منتشرة في بعض القرى الصغيرة إلى ملف المعركة المرتقبة في ريف إدلب. وتعني ثانياً أن هجمات المسلحين على بعض المحاور، بهدف استنزاف الجيش، مثل محور عين قنطرة – نحشبا، سوف تتوقف حتى إشعار آخر. ويعني كذلك أن قرى سهل الغاب غرب نهر العاصي ستكون تحت مرمى نيران الجيش، وهو ما سيرخي بظلاله على مجريات المعركة الدائرة هناك، والتي تمكن «جند الأقصى» خلالها من السيطرة، أمس الأول، على قرية خربة الناقوس (بلدة قائد «أحرار الشام» الراحل أبو عبدالله الحموي). والأهم من كل ذلك أن السيطرة على جبل كباني، وهي تغلق ملف ريف اللاذقية، فإنها ستفتح للجيش بوابة واسعة نحو مدينة جسر الشغور وريفها، ليكون للمرة الأولى وجهاً لوجه مع المدينة التي خسرها، العام الماضي، في معركة قاسية.
من جهة ثانية، اعتصمت امّهات لبنانيات وسوريات مع أطفالهنّ أمام مقرّ الأمم المتحدة «الإسكوا» في وسط بيروت استنكاراً لاستهداف قريتي كفريا والفوعة في ريف إدلب، والتي ذهب ضحيّتها 3 اطفال. ورفع المشاركون الأعلام اللبنانية والسورية، ولافتات تجسد العدوان على الأطفال في البلدتين.