هل بات القضاء على «داعش» أولوية الجيش السوري؟؟

هل بات القضاء على «داعش» أولوية الجيش السوري؟؟

أخبار سورية

السبت، ١٦ أبريل ٢٠١٦

عمر معربوني - بيروت برس -
ليست صدفةً أن يركز الجيش السوري عملياته في الفترة الأخيرة على عقد الربط المختلفة في البادية السورية، من محيط تدمر والقريتين وصولًا الى محيط الضمير شرق العاصمة دمشق، وعلى بعد عشرات الكيلومترات منها، خصوصًا ان الجيش السوري لا زال يشغّل في المنطقة قاعدتين جويتين من اكبر قواعده وهما مطار الضمير ومطار السين.

اليوم قامت قوات الجيش السوري بتوسيع نطاق سيطرتها شمال شرق الضمير على مساحة تقارب الـ270 كلم مربع، في منطقة تعتبر مفصل ربط بين البادية الجنوبية والبادية الشمالية، فهل بات القضاء على داعش اولوية للجيش السوري، أم أنّ الأمر يتجاوز العمل العسكري الموضعي ليدخل في اعتبارات المعركة الإستراتيجية؟

في المبدأ، لا يمكننا فصل ما يحصل على مستوى المتغيرات السياسية عن المتغيرات على مستوى المنطقة، وما حصل من اتفاقات مصرية - سعودية نتج عنها تخلي مصر عن جزيرتي صنافير وتيران، مرورًا بتوقيع وثيقة بين السعودية وتركيا لإنشاء مجلس التعاون الإستراتيجي بين الدولتين، وصولًا الى البيان الختامي للقمة الإسلامية في تركيا.

وقد يتساءل البعض عن الرابط بين عمليات الجيش السوري في البادية وما حصل من مستجدات في المنطقة، وهي برأيي عمليات استباقية على مناطق قد تُستخدم في اي تقدم لقوات عسكرية مشتركة تعمل ضمن التحالف الإسلامي الذي تقوده السعودية تلتقي مع قوات اخرى متقدمة من الحدود التركية، وهو أمر قد لا يحصل غدًا إلّا أنّه بعد وصول الأمور الى ما وصلت اليه يجب ان نتوقع حدوث اي شيء.

فبيان القمة الإسلامية الذي صدر اليوم حمل في طياته بذور الإنقسام الحاد، وهي تخالف الغاية التي اقيمت منظمة التعاون الإسلامي من اجلها، ألا وهي العمل على كل ما يوحد.

طاقات مالية هائلة باتت جاهزة للتوظيف في مشروع المواجهة القادم، وهو مشروع لم يعد مموهًا فقد ازيلت عنه الأقنعة وبات واضحًا وضوح الشمس، حيث يتم العمل على تحضير الأجواء الملائمة على المستوى الشعبي والإعلامي للمواجهة القادمة التي قد يطول التحضير لها لتنتقل الى الجانب التنفيذي، ولكنها بكل تأكيد مواجهة ستُدخل المنطقة بحرب كبيرة وقد تتحول الى حرب عالمية مباشرة.

قد يعتقد البعض أنّ في الكلام بعض المبالغة والتهويل، وهو أمر قد يصحّ اذا ما كانت السعودية وتركيا دولتين ناضجتين وعاقلتين، إلّا أنه وفي السعودية بات منطق الحقد هو المتحكم بالقرارات وفي تركيا جنون عظمة غير محدود استطاع ان يذلّل خلافات عميقة وتاريخية بين السعودية وتركيا ويجمعهما ربما على قاعدة المصيبة الجامعة.

اللغة السياسية المتشنجة لكل من السعودية وتركيا تدفع بالأمور نحو سياسة الهاوية واللاعودة، حيث تم ترسيخ ايران في بيان القمة الإسلامية داعمًا للإرهاب، وهو مؤشر غير مسبوق بوضوحه وتبنيه من قبل منظمة المفترض ان تكون جامعة لا مشتتة ومفرقّة كمنظمة التعاون الإسلامي.

وبالعودة الى موضوع عمليات الجيش السوري، فإنّ المنطقة التي تحصل فيها العمليات شرق الضمير تساعد الجيش السوري على ربط قواعده العسكرية في المنطقة ويؤهله أن يكون عائقًا جديًا في اي عمليات محتملة مستقبلًا انطلاقًا من الاردن، فالمنطقة ليست عقدة ربط مع البادية الشمالية السورية فقط بقدر ما هي منطقة صد ودفاع عن العاصمة دمشق تمنع في حال السيطرة عليها اي التفاف على العاصمة من البادية الشرقية. وعليه، فإنّ عمليات الجيش السوري ستتطور في هذه المنطقة بشكل متصاعد لتصل الى مرحلة الربط مع البادية الشمالية دون اي وجود لداعش، اضافة الى حوار جنيف هذه المرّة رغم وجود تفاهم روسي – اميركي على إنجاحه يبدو انه سيصطدم بعقبات كثيرة تعيد الزخم للميدان، إلّا اذا نجح الجانبان الروسي والاميركي في لملمة الهدنة، رغم أنّ اسقاط الهدنة تم بدعم اميركي من خلال تزويد الجماعات المسلحة بـ3000 طن من الأسلحة دخلت الى سوريا عبر الاردن وتركيا بتمويل سعودي وإشراف اميركي مباشر، وهو ما يشير الى مرحلة شديدة التعقيد تحتاج الى الكثير من التأني والحنكة في التعاطي معها من قبل المحور المقاوم للهجمة على سوريا.