بعد ربيعة وسلمى.. الشيخ مسكين خيبة المسلحين

بعد ربيعة وسلمى.. الشيخ مسكين خيبة المسلحين

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٧ يناير ٢٠١٦

تعد مدينة الشيخ مسكين من أهم مدن محافظة درعا، فهي الرابعة من حيث المساحة بعد مدن درعا ونوى والصنمين، وتشكل عقدة مواصلات هامة تربط عددًا من المحافظات السورية بالمنطقة الجنوبية (دمشق، والسويداء، والقنيطرة)، حيث تبعد عن مركز المحافظة 22 كم، وعن دمشق 70 كم.
سيطرت المجموعات المسلحة على مدينة "الشيخ مسكين" في يوم الخامس والعشرين من الشهر الأول لسنة 2015، وبعد عامٍ كامل تلقت المجموعات المسلحة ضربة مُدوية في الجنوب السوري مع استعادة الجيش السوري للمدينة الواقعة في ريف درعا الشمالي بشكل كامل، في عملية عسكرية بدأها الجيش قبل شهر تقريبًا.
إعتمد الجيش السوري في تقدمه باتجاه الشيخ مسكين، على إختراق تحصينات المسلحين من ناحيتي الحارة الشمالية والجنوبية، وصولًا الى وسط المدينة، ورافق ذلك عمليات سريعة لقطع طريق الإمداد على المسلحين، ما أدى الى تعطيل تحرَك المجموعات المسلحة المنتشرة في المدينة، حيث لم يكن أمامها إلّا الفرار من التقدم السريع للجيش السوري وحلفائه، تاركين خلفهم قتلاهم وعتادهم من الأسلحة الثقيلة والآليات العسكرية.
شارك في معارك "الشيخ مسكين" ما لا يقل عن 13 فصيلًا، يتوزعون بين فصائل المجموعات المسلحة المنتشرة في درعا وريفها، من حركة "احرار الشام" و"الجيش الحر" بالإضافة الى "جبهة النصرة" وفصائل اخرى متنوعة، كما أعلنت تنسيقيات المسلحين وبالأسماء عن مقتل 209 مسلحين خلال المعركة في المدينة، بينهم مسؤولون عسكريون بارزون من مختلف الفصائل التي شاركت في المعارك، ومعظمهم من قادة المجموعات المشارِكة، فضلًا عن جرح المئات من المسلحين الذين تلقوا العلاج في الاردن، وفي المستشفيات "الاسرائيلية"، وتدمير عدد كبير من الدبابات والآليات المحملة برشاشات ثقيلة ومدافع الهاون، وراجمات الصواريخ.
الى ذلك، انهارت معنويات المسلحين بشكلٍ كبير، بعد خسائرهم في الشيخ مسكين، وما لبث أن تحولت الإنهيارات بالتحصينات والمعنويات، الى هستيريا ظهرت في نداءات الاستغاثة التي لم تلقى استجابة، ثم تبادل اتهامات التخوين والتخاذل فيما بينهم، كما تجري العادة مع كل استعادة منطقة من قبل الجيش السوري، والتهديد بالانتقام، ممن كان سببًا بوقوع هزيمة ثالثة خلال أقل من شهر واحد، بعد خسارة أهم معقلين في ريف اللاذقية الشمالي، سلمى وربيعة على الحدود التركية.
بالتزامن مع السيطرة على مدينة الشيخ مسكين، يستعيد الجيش السوري معقلًا ثانيًا في الجنوب السوري، بعد سيطرته على خربة غزالة سابقًا، وتعتبر المدينة خط الدفاع الأول عن مدينتي إزرع والصنمين، حيث تتمركز قوات الفرقة التاسعة، وقيادة الفرقة الخامسة في الجيش السوري، وبالسيطرة على هذه المدينة يتم تأمين أوتستراد دمشق درعا، وتوسيع طوق الأمان حول مدينة أزرع والصنمين، وبالتالي قطع إحدى طرق إمداد المسلحين بين المناطق الغربية قرب طريق الشيخ مسكين ومدينة نوى، وتشكيل خط دفاع جنوبي لحماية العاصمة دمشق.
الى جانب ذلك، يتواجد في مدينة الشيخ مسكين ثروة مائية ذات اهمية بالغة، حيث تتلاقى الأنهار والوديان من سهل حوران، كوادي أبو اللبن ووادي الرقاد ووادي الهرير، وتُجمع كل هذه الثروة المائية في أحواض سدود شمالها وجنوبها، لتشكل مخزونًا مائيًا مهمًا في المدينة.
وفي السياق نفسه، تملك الشيخ مسكين موقعًا استراتيجيًا يربط مناطق محافظة درعا ببعضها البعض، لا سيما الريف الغربي والريف الشرقي للمحافظة، مما يمكّن الجيش السوري بعد تمركزه في الشيخ مسكين من التوجه شمالًا نحو نوى وجاسم وتل الحارة، وغربًا نحو تسيل والشيخ سعد وتل الجموع، وجنوبًا نحو ابطع وداعل، ما يعني أنّ المناطق التي تتواجد فيها المجموعات المسلحة، في درعا وريفها، أصبحت مكشوفة لتقدم الجيش السوري في المحافظة.
وتعليقًا على عملية التحرير، اكدت القيادة العامة للجيش السوري أنّ "إعادة الأمن والاستقرار إلى مدينة الشيخ مسكين تشكل قاعدة انطلاق رئيسة لمتابعة تنفيذ الأعمال القتالية المقبلة وضربة قاصمة للتنظيمات الإرهابية وداعميها". وأشارت القيادة في بيانٍ لها إلى أنّ "أهمية هذا الإنجاز تأتي من الموقع الاستراتيجي المهم لمدينة الشيخ مسكين الذي يشكل عقدة وصل أساسية بين مدينة درعا وريفها الشمالي والغربي والشرقي، ويشرف على عدد النقاط والتلال الحاكمة ويقطع خطوط إمداد الارهابيين على محاور واتجاهات عدة، ويعزز أمن المنطقة المحيطة بالطريق الدولي بين درعا ودمشق"..
عباس الزين - بيروت برس