«إعلان حرب» على «داعش» الجنوب

«إعلان حرب» على «داعش» الجنوب

أخبار سورية

الاثنين، ٢٥ يناير ٢٠١٦

اشتعل فتيل الصراع الداخلي بين الفصائل المسلّحة في درعا جنوب سوريا، في وقت يواصل الجيش السوري تقدّمه للإمساك بقلب المحافظة المتمثّل بمدينة الشيخ مسكين، ذات الموقع الاستراتيجي المهم.
وبعد أسبوعين من الاتّهامات المتبادلة التي رافقتها أجواء شديدة الاحتقان، أعلن، مساء أمس، اثنا عشر فصيلاً، في محافظة درعا، الحرب على «حركة المثنى» التي وصفها البيان الصادر بأنّها «عدو صائل على المسلمين ويجب علينا دفع صيالهم وإعلان الحرب عليهم حتى يستسلموا ويسلموا أنفسهم إلى (دار العدل) في حوران». وأبرز الفصائل التي وقّعت بيان «إعلان الحرب»، هي: «جيش اليرموك»، و«لواء أحرار الجنوب»، و«فلوجة حوران»، و«المهاجرين والأنصار»، و«فرقة أسود السنة».
وللمرة الأولى، صدر عن المتحدث الرسمي باسم «جيش اليرموك» محمد الرفاعي تصريح واضح يشبّه فيه «حركة المثنى الإسلامية» بتنظيم «الدولة الإسلامية»، وهو الذي حاول مراراً حصر الخلاف ضمن إطار جنائي بحت يتعلّق بجرائم الخطف والاغتيال فقط. فأكَّد في تغريدات عبر حسابه الرسمي على «تويتر»، أنَّ «حركة المثنى في الجنوب تسير على خطى داعش في الشمال». وتشير هذه التطورات إلى أنَّ الصراع في درعا، قد يكون دخل مرحلة جديدة عنوانها الاقتتال الداخلي بين الفصائل، على غرار ما حدث في مدن أخرى مثل دير الزور والرقة وغيرها من المدن التي سيطر عليها المسلحون.
وكانت «السفير» قد كشفت، الأسبوع الماضي، عن أسماء عدد من قيادات «حركة المثنى» ممَّن بايعوا تنظيم «داعش» سرّاً، وأبرزهم أبو عمر الصواعق، وشادي المسالمة أبو عبد الله.
وما يعزّز احتمال اندلاع الاقتتال الداخلي بين الفصائل في درعا، اتّساع قائمة الاتهامات الموجهة إلى «حركة المثنى»، لتشمل أغلب عمليّات الخطف والاغتيال التي شهدتها المحافظة خلال الأشهر الماضية، والتي أثارت موجة عارمة من الغضب والاحتقان، وأهمها اغتيال رئيس «دار العدل» أسامة اليتيم، إذ أكَّد شقيقه أحمد، عبر صفحته على «فايسبوك»، أنَّ «دار العدل توصلت، بعد التحقيق، إلى أنَّ حركة المثنى الإسلامية هي المتهمة بقتل أسامة، مع أربعة أشخاص كانوا معه في سيارته».
وكردّ فعل على هذه الاتهامات، وعلى وضع «دار العدل» يدها على بعض مقارها في بلدتَي صيدا وكحيل، بدأت «حركة المثنى»، فجر أمس، أي قبل صدور بيان «الحرب»، هجوماً واسعاً على معاقل «جيش اليرموك» في حيّ النخلة في مدينة نصيب الحدوديّة مع الأردن. وأسفرت الاشتباكات التي لا تزال مستمرة، عن سقوط أربعة قتلى من «جيش اليرموك»، سقطوا جميعاً على حاجز مدخل المدينة. كما شهدت بلدة معربة، مساء أمس، هجومين على مقار تابعة إلى «جيش اليرموك» من دون معرفة الفاعل، غير أنَّ الشكوك تحوم حول «حركة المثنى». ووجّه «جيش اليرموك» إلى «المثنى» اتّهامات بالتمثيل بجثث القتلى، وإثباتاً لذلك نشر صورة لأحد قتلاه أبو عبيدة عتيبي وقد اقتلعت عيناه بسكين حادّة. كما اتّهم الحركة بقطع خطوط الإمداد نحو مدينة الشيخ مسكين التي تشهد اشتباكات عنيفة مع الجيش السوري، حيث ذكر بعض النشطاء أن عناصر الحركة نشروا عدّة حواجز على الطريق العسكري نصيب ـ تل شهاب، قاطعين بذلك شرق المحافظة عن غربها.
وفي هذا السياق، واصل الجيش السوري تقدّمه في مدينة الشيخ مسكين، مستفيداً من الغطاء الجوي المشترك الذي أمنته الطائرات الروسيّة والسوريّة، وكذلك من حالة التشرذم التي تعاني منها فصائل درعا وانعدام التنسيق في ما بينها نتيجة الخلافات المتصاعدة مع «حركة المثنى» والتي حذّرت «جماعة بيت المقدس» في درعا من أنّها «قد تحرق الأخضر واليابس» وذلك في بيان نشرته، أمس الأول، عبر حسابها الرسمي على «تويتر».
وتمكَّن الجيش، أمس، بعد اشتباكات عنيفة، استخدمت فيها كافة أنواع الأسلحة، من قضم مناطق جديدة في الجزء المتبقّي من مدينة الشيخ مسكين خارج سيطرته، حيث سيطر على مسجد البسام وحارة الديري في غرب المدينة، وعلى جزء كبير من شارع الصيدليات. كما سيطر نارياً على الدوّار الرئيسي وعلى منشأة حرمون وسط المدينة. كما سيطر على مدرسة الزاهرية وبعض كتل الأبنية في الحي الشرقي.
وكان الجيش قد سيطر، منذ بدء المعركة، على أجزاء واسعة من مدينة الشيخ مسكين تصل نسبتها إلى ما يقارب السبعين في المئة من مجمل مساحتها.
وتعتبر معركة الشيخ مسكين من المعارك بالغة الأهميّة بسبب الميزات التي تتمتّع بها المدينة، سواء من حيث الموقع الاستراتيجي المهم أو من حيث نوعيّة المؤسسات والمواقع التي تشتمل عليها. لذلك، لا غرابة في وصف هذه المعركة بأنّها «قصير الجنوب» التي سيؤدّي انتصار الجيش فيها إلى قلب موازين القوى وإحداث تغيير جوهري في معادلة السيطرة على الأرض. فالمدينة تقع في قلب المحافظة، وليس على أطرافها، وهي تشكّل عقدة مواصلات بين درعا المدينة في الجنوب وريف دمشق في شمال المحافظة، الأمر الذي رشّحها لتكون خطّ الدفاع الجنوبي عن العاصمة. ويمر فيها طريق دمشق ـ درعا القديم، كما تشكّل نقطة وصل بين محافظة السويداء شرقاً والقنيطرة غرباً. وما يضفي أهمية إضافية على هذه المدينة، هو الثقل السكاني المتواجد فيها، فضلاً عن صوامع الحبوب وبعض المواقع العسكريّة.
وفي درعا أيضاً، أُعلن، أمس، عن الاندماج بين كلّ من «جيش اليرموك» و «جبهة شام الموحدة»، وذلك بعد أسابيع من انضمام كل من «لواء الأحرار» بقيادة محمد خوالدة و «لواء البراء بن مالك» إلى «جيش اليرموك» الذي يعتبر من أكثر الفصائل دعماً من قبل «غرفة عمليات ألموك».