يحتاجون إلى الرعاية والاهتمام المسنون يتقاسمون المعاناة مع أسرهم .. ومأساتهم تكمن في إقصاء دورهم وتحييدهم اجتماعياً

يحتاجون إلى الرعاية والاهتمام المسنون يتقاسمون المعاناة مع أسرهم .. ومأساتهم تكمن في إقصاء دورهم وتحييدهم اجتماعياً

أخبار سورية

الجمعة، ٢٧ نوفمبر ٢٠١٥

إحساسهم بالضعف يزيد من سوء حالتهم النفسية، فبعد أن كانوا شعلة تتقد بالحياة، ومصدراً للعطاء، خذلتهم السنون، لتملأ تجاعيد الزمن وجوههم وتصبح ” العكازة” سنداً لهم، ومن منا ليس لديه مسن في عائلته، هذه الفئة التي تقلق من الحاضر وتنظر بعين مرتجفة إلى المستقبل، واليوم وفي ظل الأزمة التي نعيشها أصبح القلق رفيقاً لهم في كل خطواتهم، حيث يعتبرون أنفسهم عالة ومصدر عبء على ذويهم، خاصة بعد تهجير وتشرد الكثير من العائلات التي حملت أطفالها وشيوخها من منطقة لأخرى يتقاسمون أعباء المعيشة القاسية ليشعر العجائز بأنهم أفراد غير منتجين وأنهم أصبحوا يشكلون عبئاً على أسرهم ومجتمعهم، ويعانون بصمت دون أن يتذمروا أو يشعر أحد بهم، وبالرغم من قسوة الأزمة على الجميع، خاصة الأطفال والمسنين، إلا أن  الدراسات الاجتماعية في سورية لم تهتم كثيراً أو تتطرق لطبيعة مشكلاتهم قبل وخلال الأزمة وكيفية مواجهتها، لذا لابد من القيام بندوات ودورات تثقيفية وتوعوية ودراسات اجتماعية خاصة بهذه الفئة القليلة في مجتمعنا.
في تزايد
قد كشفت إحصائيات وزارة الشؤون الاجتماعية أن عدد المسنين الذين دخلوا دور الرعاية في الأعوام الأخيرة تجاوز ما يقارب 1781 مسناًَ، مشيرة إلى أن عدد الذكور من المسنين بلغ 626، في حين بلغ عدد المسنين من الإناث في تلك الدور 1155 مسنة، وبينت الإحصائيات أن عدد المسنين في سورية تجاوز ما يقارب 2000000 مسن، مشيرة إلى أن الوزارة لا تملك إحصائية دقيقة عن عدد المسنين ونسبتهم في سورية، معتبرة أن المسنين الذين تحتضنهم دور الرعاية لا تشكل إلا نسبة ضئيلة من عدد المسنين في سورية لا تتجاوز 1% بالمائة من العدد الإجمالي لهم، واعتبرت الوزارة نفسها أنها تقوم بدورها كاملاً تجاه هذه الفئة، خاصة خلال الأزمة،  إذ تم التوجيه إلى جميع القائمين على العمل في مراكز الإيواء للتعامل بشكل خاص مع هذه الفئة التي تحتاج إلى الاهتمام بشكل استثنائي، كما تم العمل على تفعيل دور المجتمع الأهلي بمؤسساته ومنظماته ومبادراته المختلفة والمتنوعة… والتي استهدفت جميع الشرائح في المجتمع ومن ضمنها فئة المسنين المقيمين في مراكز الإيواء أو في دور الرعاية الاجتماعية والتي يبلغ عددها 21 داراً موزعة في عدد من المحافظات.

تحفيز للمتطوعين
وبناء على الدراسات التي قامت بها وزارة الشؤون الاجتماعية حول الزيادة المتنامية لأعداد المسنين عمدت الهيئة السورية لشؤون الأسرة إلى التخطيط والتهيؤ لتلبية احتياجات المسنين المادية والصحية والاجتماعية وتوفير الرعاية المناسبة خلال الأزمة، ولاسيما أن ازدياد أعداد المسنين قد ترافق مع تبدلات في بنية الأسرة وحجمها وأدوارها والتي غيرت طبيعة العلاقات والأدوار وزادت من عزلة المسنين ومعاناتهم من نقص الرعاية والخدمات، وهذا بمجمله وبحسب الدراسات يستدعي رؤية قضايا رعاية المسنين من منظور إنساني وتنموي والتخطيط المستقبلي لتأمين أطر الرعاية الكافية في جميع أشكالها الأسرية والمؤسساتية وتأمين نظم الحماية والضمان وتوفير الخدمات اللازمة بما يحقق الكفاية والعدل للمسنين والعمل على رسم برامج لتمكينهم من متابعة المشاركة في كل جوانب الحياة ، لذا تقوم الهيئة السورية لشؤون الأسرة اليوم على تحفيز المتطوعين وتدريبهم لمساعدة المسنين الذين يعيشون بمفردهم وأن يتواصلوا معهم لتوفير ما أمكن من احتياجاتهم والسعي لإعادة خرطهم في المجتمع من جديد.

ثقافة مجتمع
العبء الأكبر يقع على عاتق الأبناء في توفير الرعاية والتعاطف مع آبائهم واليوم تزايد للأسف هذا العبء على الأبناء في ظل الغلاء المعيشي وعدم الاستقرار السكني، لذا فإن الدور الأكبر يقع على المجتمع في تنظيم حملات إعلامية مستمرة تعيد تأهيل المسنين للتأقلم مع الظروف النفسية والاجتماعية والاقتصادية الجديدة التي أضافت هماً إلى همومهم التي يعانون منها قبل الأزمة، فالمسن برأي الدكتور طلال مصطفى” علم اجتماع”  لا يستطيع الاستغناء عن عطف وحنان أبنائه، لذا كان لابد من تأمين الاحتياجات المادية والنفسية ومساعدته في تقبل نفسه كفرد له مكانته في المجتمع الذي يعيش فيه، كما يجب على الدولة تشجيع ودعم الجمعيات التي تعمل في مجال رعاية المسنين وإعداد المهنيين المسؤولين عن رعاية المسنين من أطباء وأخصائيين نفسيين واجتماعيين والعمل على توعية الفئات العمرية المختلفة بمشكلات كبار السن، وإعداد ندوات ثقافية لتوعية كبار السن وتوجيههم إلى ممارسة بعض الهوايات التي تخفف ضغوط الحياة عليهم، وتوجيه الجامعات ومراكز البحوث إلى إجراء بحوث ودراسات في مجال الرعاية الاجتماعية لكبار السن خلال الأزمة، إضافة إلى ضرورة العمل على تغيير ثقافة المجتمع فيما يتعلق بالمسنين فهم ليسوا عبئاً أو أشخاصاً انتهى دورهم ويجب التخلص منهم، بل هم في الحقيقة أفراد منتجون قادرون في معظم الأحيان على أداء دور كبير في الأسرة والمجتمع، كما يجب العمل وبحسب الدليل على تأهيل كوادر مدربة للرعاية والإرشاد الاجتماعي والنفسي، وعلى دعم البحوث الميدانية الكمية والكيفية حول أوضاع المسنين.
ميس بركات