الجيش يعيد رسم الخريطة الميدانية: إعادة التوازن إلى شمال سورية

الجيش يعيد رسم الخريطة الميدانية: إعادة التوازن إلى شمال سورية

أخبار سورية

الثلاثاء، ١٣ أكتوبر ٢٠١٥

بعد أكثر من أسبوع على بدء العمليات الجوية الروسية في سماء سوريا، بدأت ملامح العمل العسكري الذي ينفذه الجيش السوري على الأرض تتضح. فتعدد جبهات القتال وبعدها الجغرافي يجمع بينها عامل مشترك واضح، هو «إعادة التوازن إلى الشمال المفتوح على تركيا».
العمليات التي بدأها الجيش السوري في ريف حماه، وتبعها ببدء عملية كبيرة في ريف اللاذقية الشمالي، عبر محورين متوازيين، لم تتوقف عند حدود تأمين الساحل، وإنما بشكل مواز تماماً لعملية عسكرية أشعلت ريف حلب الشمالي، واستمرت معها عمليات قضم الريف الشرقي وصولا إلى مطار كويرس.
«الجيش السوري يعيد رسم الخريطة»، يختصر مصدر عسكري سوري مجمل العمليات العسكرية التي تخوضها قوات الجيش بهذه الكلمات. ويقول «الغارات الجوية الروسية، التي جاءت مدروسة قبل العملية، دمرت العديد من مخازن الأسلحة، ومهدت الطريق أمام تقدم بري للجيش السوري من شأنه أن يكسر التفوق التركي في الشمال السوري، والذي تسبب بانسحاب قوات الجيش السوري من كامل محافظة إدلب، والتراجع والانكفاء في ريف حلب في أوقات سابقة».
التطورات الجديدة التي بدأت ببيان مقتضب ألقاه رئيس هيئة الأركان في الجيش السوري العماد علي أيوب، والذي أعلن من خلالها عن ولادة «الفيلق الرابع اقتحام» في سوريا، تبعتها عمليات عسكرية واسعة، فبدأ الجيش السوري يقضم ريف حماه الشمالي، ليبسط السيطرة بعد أربعة أيام فقط على بيان العماد أيوب على تسع قرى هي: كفر نبودة، عطشان، قبيبات، معركبة، أم حارتين، سكيك، تل سكيك، تل الصخر، والبحصة، ضمن توغل عسكري هو الأول من نوعه نحو الشمال، بعد أكثر من عام على توقيف عملية عسكرية في ريف حماه، سيطر خلالها الجيش على مورك، وكانت تهدف للتقدم لقضم ريف إدلب، لتتوقف بعدها العملية وتبدأ سلسلة انسحابات الجيش السوري بعدما تم تشكيل «جيش الفتح» الذي يضم مجموعة من الفصائل «الجهادية» بدعم تركي، وتسليح ثقيل حول هذه الفصائل إلى ما يشبه الجيش النظامي، وفق مصدر عسكري.
على جبهة أخرى، وبعد أقل من شهر على فشل عملية نفذها الجيش السوري في ريف اللاذقية الشمالي، حيث حاول حينها السيطرة على مرتفعات جب الأحمر المطلة على منطقة الغاب، والتي تسببت بخسارة مناطق واسعة من منطقة الغاب، كونها تؤمن مرتفعاً يحمي عمليات تنقل الفصائل المسلحة من جهة، ونقط رصد واستهداف لمواقع الجيش من جهة أخرى، تقدمت قوات الجيش السوري وتمكنت من السيطرة على مرتفعات المنطقة، وهي خمسة مرتفعات، إضافة إلى عدة قرى، فيما تجري في الوقت الحالي اشتباكات عنيفة في منطقة سلمى، التي تعتبر أبرز مراكز المسلحين في ريف اللاذقية الشمالي، ومركز انطلاق وإدارة معظم عمليات الفصائل المسلحة في ريف اللاذقية المفتوح على تركيا. ووفق مصدر ميداني، فإن «قوات الجيش السوري تضع اللمسات الأخيرة لدخول سلمى والسيطرة عليها بعد ضرب مواقع تمركز وتمترس الفصائل المسلحة».
وتفتح عملية السيطرة على مرتفعات جب الأحمر بدورها الباب لتقدم كبير في منطقة الغاب وصولا إلى جسر الشغور، وهي المنطقة التي شهدت عمليات كر وفر خلال الشهرين الماضيين. الجديد في عمليات الجيش السوري على هذين المحورين (ريفا حماه واللاذقية) وفق مصدر عسكري هو «ضم المنطقة وتأمينها بالكامل، وشل حركة المسلحين نحوها تمهيداً لتقدم جديد، الأمر الذي يقلل من خسائر الجيش، ويفتح الباب نحو عمليات تقدم متتالية، بالتزامن مع فتح معارك جانبية لإشغال المسلحين قبل أي تقدم، الأمر الذي يشتت قدرة التصدي لهجوم الجيش السوري، خصوصاً بعد ضرب دفاعات وتحصينات ومراكز الفصائل المسلحة بانتظام عن طريق سلاح الجو السوري».
وبموازاة عمليات الجيش السوري في ريفي حماه واللاذقية، شنت قوات الجيش هجوما عنيفا على مواقع تنظيم «داعش» في ريف حلب الشمالي، حيث سيطرت بعملية خاطفة على المنطقة الحرة، التي كان سيطر عليها التنظيم قبل عدة أيام بعد انسحاب فصائل «الجبهة الشامية». وذكر مصدر ميداني لـ «السفير» أن التقدم الذي أحرزه الجيش السوري جاء بعد قصف تمهيدي عنيف على مواقع سيطرة مسلحي «داعش». وأوضح أن هذه العملية جزء من عمل عسكري واسع ستشهده المناطق الشمالية من حلب، والتي تشهد صراعات بين الفصائل الجهادية، وانهيارا في معنويات المسلحين الموجودين على تلك المحاور. وإضافة إلى التقدم في ريف حلب الشمالي، تتابع قوات الجيش السوري، والفصائل التي تؤازره، عمليات التقدم البطيء في ريف حلب الشرقي لفك الحصار عن مطار كويرس العسكري، الذي يحاصره مسلحو «داعش».
العمليات الهجومية لقوات الجيش في المناطق الشمالية من سوريا، والتي تنشط فيها فصائل «جيش الفتح» من جهة، وتنظيم «داعش» من جهة أخرى من شأنها أن تعيد ترميم الخرق الذي أحدثته هذه الفصائل في خريطة السيطرة، بعد الدعم التركي الكبير الذي حصلت عليه هذه الفصائل في هجماتها، وفق مصدر عسكري.
وبالتوازي مع عمليات الهجوم، وبعيداً عن الغطاء الجوي الروسي، تصدت قوات الجيش السوري تؤازرها قوات من العشائر لهجوم عنيف شنه مسلحو «داعش» على مطار دير الزور العسكري، تضمن تفجير عدة مفخخات، إحداها انفجرت عند سور المطار، الأمر الذي دفع القوات المدافعة عن المطار إلى التراجع لاستيعاب الهجوم قبل شن عملية عسكرية استعادت خلالها جميع المواقع التي انسحبت منها، فيما ذكر مصدر ميداني أن هذا الهجوم، وهو جزء من سلسلة هجمات عنيفة يتعرض لها المطار، تسبب بمقتل عدد كبير من مسلحي «داعش».
وفي هذا السياق، قال مصدر عسكري إن العمليات التي ينفذها الجيش السوري في مناطق الشمال تعتبر الخطوة الأولى من سلسلة العمليات في سوريا عامة، موضحا أن المناطق الشرقية تعتبر في الوقت الحالي مناطق دفاعية، ويجري الحديث عن تنفيذ عملية كبيرة فيها تنطلق من الحسكة نحو مواقع «داعش» في دير الزور من جهة، ونحو الرقة من جهة أخرى، إلا أن الحديث ما زال مبكرا عن تنفيذ هذه العملية، حيث تعتبر معارك شمال سوريا هي الأهم في الوقت الحالي.