«الفيلق الرابـع» يرسم خطوط كسر «جيش الفتح»

«الفيلق الرابـع» يرسم خطوط كسر «جيش الفتح»

أخبار سورية

السبت، ١٠ أكتوبر ٢٠١٥

إنتقل الجيش السوري من حالة الدفاع إلى حال الهجوم في أرياف حماة واللاذقية مع وصول الضربات الجوية الروسية إلى ذروتها. الجيش، الذي عمل على جمع القوات ضمن إطار فعّال حصد ما زرعه إنتصارات على جبهات الأرياف الشمالية الغربية من البلاد حيث تتمتع فصائل تنظيم القاعدة المنضوية تحت أسم “جيش الفتح”، بقاعدة عسكرية بنتها بدعمٍ لوجستي تركي.

التقدم العسكري الذي شمل ثلاث جبهات تتوزّع على ريف حماة الشمالي ومنطقة سهل الغاب بالاضافة إلى الجبهة الثالثة في أرياف اللاذقية الشمالية والشرقية، مثّلت عقدةً بالنسبة إلى الجماعات المسلحة التي يسود فيها التخبط الواضح، لاسيما بعد الضربات الروسية التي شكلت عاموداً فقرياً ثبّت تقدم الجيش السوري.

“الفورة السورية” التي دفعت الجيش إلى هذا التقدم، أتت ضمن سياق مؤلف من عدة عوامل بارزة كانت الحلقة النهائية منه الركيزة الحالية المشار إليها في الميدان. الجيش السوري قرأ الميدان وضباطه قلّبوا بين أيديهم الخطّط بنفسٍ روسي مُشكّل من نخبة المستشارين العسكريين الذين وجدوا ان العامل الأساس لإستعادة زمام المبادرة توحيد القوات المسلحة على الأرض، فكان تشكيل “الفيلق الرابع” نقطة أساسية نحو مشروع التطهير الشامل للمناطق الشمالية الغربية.

“الفيلق” ضم قطاعات عدة من الجيش السوري ضمن توليفة ضمّت إلى جانب قوات النخبة التي يقودها العقيد سهيل الحسن، وحدات من قوات المشاة السورية وأخرى من قوات الدفاع الوطني، تدعمها قطع مدفعية ووحدات صاروخية شكلت من الخلف خط إسناد للقوات المتقدمة تحت مظلة “السوخوي” الروسية التي نشطت من الجو بتمهيد التقدم نارياً ودكّ مكامن القوة لدى المجموعات المسلحة.

ساعة الصفر التي أُختيرت للعملية أتت بعد ان إنتهت التحضيرات اللوجستية على الأرض، ومن كلمة السر التي صدرت من قاذفات الـ “سوخوي” بدأ التقدم العسكري في وقتٍ متزامن كان الأبرز فيه ذلك الذي حصل في ريف حماة الشمالي ومثّل إستعاد أكثر من 70 كيلومتراً من المواقع والنقاط والاراضي التي كانت خاضعة لميليشيات “جيش الفتح” في محيط مدينة مورك وإستعادة سلسلة قرى بعد سكوت المدافع منذ شهر تشرين الأول من العام الماضي. إستيقاظة القوات السورية هُنا وضعتها على تماسٍ مباشر مع ريف إدلب الجنوبي، حيث باتت الأعين فور الإنتهاء من تأمين دوائر الأمان، شاخصة نحو مدينة خان شيخون التي تعتبر بوابة الدخول إلى جنوب إدلب والإنقضاض على مناطق سيطرة “القاعدة” منها.

على جبهة سهل الغاب كانت السيطرة الهامة الثانية التي عكست التغيير الحاصل في مسرح الأحداث. قوات الجيش السوري ضمن “الفيلق الرابع” تقدمت لتسيطر على اربع تلال تابعة للجب الأحمر ومعها قرية كفرعجوز في ريف ادلب وهي مناطق كاشفة لنقاط سيطرة المسلحين في سهل الغاب كما داخل منطقة ريف إدلب.

على جبهة ريف اللاذقية لم يكن الوضع أفضل بالنسبة إلى المسلحين مع تقدم الجيش السوري للسيطرة على مجموعة التلال الكاشفة على سهل الغاب من شرق ريف اللاذقية، تلك التلال تكشف أيضاً معاقل “القاعدة” المتمثلة بمدن “سلمى، دورين”، ما يعني ان الجيش وضع حالياً ثقله في المعارك وبات يقبض على معاقل المسلحين من عدة جهات. عمليات التمهيد للعملية الكبرى هذه أتت أيضاً بظل دعمٍ روسي جوي كثيف لم يتوقف منذ عدة ايام سهّل على قوات الجيش التمدّد في عمق مناطق السيطرة السابقة لمجموعات تنظيم “القاعدة”.

إنتقال المعارك على الجبهات المذكورة إنعكس على سهل الغاب الذي نشّط جبهته يوم أمس بعد السيطرة على بلدة “البحصة” التي شكلت الإنهيار الأول لخط دفاع المسلحين الذي كان سابقاً يعتبر خط هجوم نحو مدينة “جورين” معقل الجيش السوري الاخير في المنطقة. إنتفاضة القوات المسلحة السورية تلك مهّدت لإنتقال المعارك نحو تل واسط الاستراتيجي ومناطق السرمانية، كفردلبة وهي مناطق متداخلة بين سهل الغاب وريف اللاذقية، والسيطرة عليها تفتح بإتجاه تثبيت قوات الجيش على تخوم “الغاب”.

وتقول مصادر عسكرية سورية مطلعة لـ “الحدث نيوز”، ان سياق العمل الجاري على جبهات السرمانية – كفردلبة، هدفه وضع قوات الجيش السوري على تماس مع المرتفعات الاستراتيجية الكاشفة لمنطقة سهل الغاب من جهة الغرب (نسبة إلى السهل)، وهو إنعكاس للعملية العسكرية الحالية وإنعكاس لنمط عمل الجيش السوري الهادف إلى عزل ميليشيات القاعدة وتضييق الخناق تمهيداً للانقضاض عليها.

وتفيد المصادر عينها، ان السيطرة على كفرعجوز وضعت الجيش بمحاذاة مدينة دورين بينما ستضع السيطرة على كفردلبة القوات تلك على تخوم مدينة سلمى معقل “القاعدة” الابرز، بينما شكلت السيطرة على بلدة “البحصة” بسهل الغاب، نقطة الهجوم على تل واسط (الاستراتيجي) التي ستسمع بتقدم القوات نحو “المشيك” في حين ان تقدم وحدات سورية من “خربة ناقوس” نحو “المنصورة” ستُسهم في تطويق مناطق سيطرة المسلحين في عمق سهل الغاب وتؤدي إلى تفريغها من القوة بعد شن هجمات عليها من عدة محاور ربما تسهم لاحقاً بتراجع “القاعدة” نحو مناطق ريف إدلب التي ستنتقل إليها المعارك فور تحقيق الاهداف أعلاه، اما التقدم نحو بلدة “كفرنبودة” في ريف إدلب إنطلاقاً من نقاط الجيش في “كرناز” ستؤدي حتماً إلى تطويق محورين هما “كفرنبودة – الهبيط” و “كفرنبودة – تل عثمان” والأولى ستمثل بدورها نقطة إلتقاء القوات التي ستعبر نحو خان شيخون من ريف حماة الشمالي.

إندفاعة الجيش السوري تدل على نمط جديد من الخطط القتالية المطعّمة بنكهة روسية وأسلوب تقوده “السوخوي” من الجو، فضلاً عن رفع درجة إستخدام بطّاريات الصواريخ التي أعطت شكلاً جديداً من مشهدية النار يوم أمس وارخت بظلالها على معنويات المسلحين.

في غضون ذلك واصل الطيران الحربي الروسي غاراته على تجمعات المسلحين في ريف اللاذقية الشمالي محققًا إصابات مؤكدة في صفوفهم، في وقت تحدثت مصادر عسكرية عن تمكن وحدات الجيش من إسقاط  طائرة استطلاع مسيرة للمسلحين في منطقة بيت حليبية بريف اللاذقية الشمالي.