تمهيد جوي لمعركة تحرير تدمر.. «خلال أيام»

تمهيد جوي لمعركة تحرير تدمر.. «خلال أيام»

أخبار سورية

الجمعة، ٩ أكتوبر ٢٠١٥

رجح مسؤول سوري بارز بدء حملة عسكرية كبيرة لتحرير مدينة تدمر وتحصين مناطق حمص الشرقية من وجود تنظيم «الدولة الإسلامية»، وذلك مع استمرار الحملة الجوية السورية والروسية لـ «استهداف المتطرفين» في ريف المحافظة الشرقي، وفي المناطق الفاصلة بينها وبين مدينة حماه من «دون توقف».
وقال مسؤول كبير في المنطقة الوسطى لـ «السفير» إنّ حملة سلاحي الجو السوري والروسي حققت «نتائج كبيرة» في ريف حمص الشرقي، مشيراً إلى أن القوات البرية ربما تبدأ هجومها النهائي لاستعادة تدمر، وذلك خلال «أيام قليلة مقبلة».
وقامت الطائرات الروسية، أمس الاول، بقصف 21 هدفاً، من بينها تجمعات لتنظيم «داعش»، ومقارّ قيادية، ومستودعات أسلحة بالقرب من بلدة القريتين، وصولا الى منطقة السخنة التي تعتبر مركز تجمع للتنظيم التكفيري.
ويسعى سلاح الجو الى التمهيد لتقدم بري تحضّر له قوات الجيش السوري مدعومة بوحدات من «الدفاع الوطني» و«المغاوير»، بالإضافة الى «قوات صديقة»، وهي غالباً العبارة التي تشير إلى مجموعات من «حزب الله» في المعارك.
وقال مسؤول سوري إن الجيش لا يزال يعتمد على مجموعات «الدفاع الوطني» و«المغاوير» لمؤازرته في عملياته العسكرية، ولا سيما تلك التي تحتاج الى العنصر العددي.
ووفقا لما شرحه مصدر محلي لـ«السفير»، فإن الجيش السوري تمكن من تأمين ثلاثة محاور سيتحرك من خلالها، للتقدم باتجاه تدمر، مشيرا إلى طريق تدمر ـ دمشق جنوبا، وتدمر ـ حمص غرباً، وعبر الوسط من جهة القريتين والبيارات القريبة من حقول جزل النفطية، والتي تمكن الجيش السوري من تأمينها خلال الأسابيع الماضية.
وبالرغم من أنه يصعب القول بأنّ مدينة تدمر تشكل نقطة استراتيجية، من الناحية العسكرية، إلا أن أهميتها تبقى مرتبطة بقربها من الحدود العراقية، التي تشكل خطوط إمداد لتنظيم «داعش»، ومجاورتها لمناطق التغذية النفطية والغازية الوحيدة المتبقية تحت سيطرة الدولة السورية.
واستبعد المسؤول قرب تأمين طريق تدمر ـ دير الزور بسبب صعوبة السيطرة على مئات الكيلومترات من البادية المحيطة.
من جهة أخرى، تشكل عملية استعادة مدينة تدمر، إذا نجحت، تتويجاً مهماً لجهود القتال السورية ـ الروسية، ولا سيما أن هذه الجهود موجهة ضد عدو مشترك مفترض لتحالف القوى الغربية.
وتفوق قيمة المدينة المعنوية والتاريخية قيمتها العسكرية والاقتصادية، بالرغم مما أصاب أوابدها الأثرية من دمار.
من جهتها، لم تتوقف طائرات التحالف السوري ـ الروسي عن قصف مجموعات قريبة من التحالف الغربي، ولا سيما في شمال حمص، حيث أكدت مصادر رسمية لـ«السفير» مقتل 68 عنصراً من «جبهة النصرة». وشملت الضربات مستودعات ومراكز تدريب في الغنطو والدار الكبيرة وحتى تلبيسة والرستن.
ووفقا لما ذكره مصدر واسع الاطلاع في المنطقة الوسطى لـ«السفير»، فإنّ الأهداف كانت محصورة بمراكز تجمع «القوى المتطرفة»، سواء كانت من «النصرة» أو حلفائها، ولا سيما ما يعرف بـ «لواء العز». وأضاف المصدر أن الاستهداف جاء بناءً على معلومات استخباراتية، من بينها إحداثيات وفرتها القوات السورية للطيران «الصديق».
وبرغم استبعاد المصدر إمكانية حصول تقدم عسكري بري في الريف الشمالي، باتجاه مدينة الرستن، بسبب تعقيدات عسكرية «على الاقل في القريب العاجل»، إلا أن «التغير الكبير الحاصل في موازين القوى ربما يسرع في خطوات مصالحة وهدن طال انتظارها هناك».
وقال محافظ حمص طلال البرازي لـ «السفير» إن وفوداً أهلية وصلت بالفعل من مناطق في شمال حمص إلى المدينة لهذا الغرض.
ووفقا للبرازي، فإن «جبهة النصرة» وغيرها من الجماعات المتطرفة تشكل «العائق الرئيس في حصول أي وقف لإطلاق النار، وفي مصالحات كانت جاهزة كاتفاق المصالحة المتعثر مع حي الوعر»، وهو آخر الأحياء التي تحوي مقاتلين من الفصائل المعارضة في حمص.
ووفقا لمعلومات مصادر رسمية، فإن قسماً كبيراً من المقاتلين بدأ فعلا بالمغادرة باتجاه ريفي إدلب وحلب.
من جهته، قال مصدر سوري رفيع المستوى لـ «السفير» إن «الحملة الجوية الروسية، تركت ارتياحاً معنوياً عاماً، ولا سيما على المستوى الشعبي»، وذلك للمرة الأولى منذ أشهر، ولكن من دون أن يعني هذا قرب «الخلاص» على حد تعبيره.
ووفقا لقراءة «مطمئنة» من دمشق، فإن الموقف الروسي الداعم لاستقرار الدولة السورية لم يعد بحاجة لبرهان ميداني، بعدما كانت الشكوك منذ عامين تطفو على السطح بين حين وآخر، وذلك برغم الدعم السياسي غير المحدود من قبل موسكو للدولة السورية. وفي السنوات الماضية، بدت موسكو في أوقات معينة مستعدة لحل سياسي تفرضه موازين القوى على كل الأطراف بمن فيهم حلفاؤها، إلا أن «هذا تغير الآن»، رغم أن أحدا لا يستطيع التكهن تماماً إلى أين سيأخذ الازدحام الميداني والجوي الأوضاع في سوريا.
وقلل مصدر مطلع جيداً على أجواء التعاون بين روسيا وسوريا من أهمية تصوير ما يجري من مساهمة «عسكرية روسية» باعتباره «بداية حقبة تاريخية جديدة»، معتبراً أن هذه الحقبة ربما بدأت منذ أعوام، ولا سيما بالغزو الأميركي للعراق، وما نعيشه اليوم هو «من تداعياتها»، مشيرا إلى صعوبة التكهن بما ستنتهي إليه الحرب السورية على المستويين المحلي والاقليمي.
وفي تقدير السلبيات، ولا سيما أنها «تنتج آليا» من كل تطور نوعي يصيب الأزمة السورية، انتقد المصدر محاولة التحالف الغربي إعطاء هوية مذهبية لأهداف القصف الجوي، في محاولة لـ«تسعير المشاعر الطائفية وتلوين المشهد الحالي بهذه السمة».
وساهمت في وسم الأجواء طائفياً، دعوة تنظيمات مثل «الاخوان المسلمين» ومجموعة علماء سعوديين، وفصائل عسكرية أخرى، جميعها تقريبا تحت التأثير التركي والخليجي، الى إعلان «الجهاد المقدس» ضد «الاحتلال الروسي» وأحيانا «الصليبي»، الذي «يهدف الى إبادة السنّة».
يذكر انه سبق لهذه الجماعات أن اعتبرت المساندة الإيرانية لدمشق بمثابة «احتلال مجوسي» يحاول «تشييع الشعب السوري».
وتعتقد دمشق أن قسما كبيرا من الحملة الإعلامية في هذا المجال، سابقاً وحالياً، تصب في إطار تعميق الصراع الديني الاقليمي، وذلك برغم تناقضاته الساخرة، التي تجمع الروس «الارثوذكس» كاحتلال «صليبي»، والإيرانيين «الشيعة» كاحتلال «مجوسي» في قالب ديني واحد.
وفضلاً عمّا سبق، لا يرغب البعض في التقليل من قلق إضافي يتمثل في محاولة الاميركيين إثبات «تقوية ركائز تفاوضهم» العسكرية عبر تقديم المزيد من الدعم لفصائل مسلحة في الشمال، بما يزيد المشهد الميداني بعناصر تصعيد إضافية.