الصدمة والرعب، عنوان المرحلة القادمة في سورية

الصدمة والرعب، عنوان المرحلة القادمة في سورية

أخبار سورية

الأحد، ٤ أكتوبر ٢٠١٥

عمر معربوني - بيروت برس -

بين قائلٍ إنّ الدخول الروسي الى سورية ضربة معلم وآخر يقول إنها وقوعٌ في المستنقع، تستمر الغارات الروسية على مواقع الجماعات الإرهابية المسلحة.

وقبل الدخول بشرح معالم المرحلة القادمة، لا بد من الإشارة الى ما صرّح به الرئيس بشّار الأسد اليوم لقناة "خبر" الإيرانية، أنّ العمليات العسكرية الروسية جوية بحتة وأنّ الغرب أصيب بالإحباط بعد عجزه عن فصل سورية عن محور المقاومة، وبأنّ مواقف بعض الغربيين حول مسألة بقائه في السلطة تعكس هذا الإحباط نتيجة الهزائم المتكررة للجماعات الإرهابية في سوريا.

وبالعودة الى الوقائع الجديدة لمستجدات الميدان في سوريا، من المؤكد أنّ الجماعات الإرهابية انتقلت الى مرحلة الصدمة والرعب بنتيجة الضربات الجوية الروسية، رغم عدم تجاوز الغارات الروسية المئة غارة. والأدلة على الأمر، تسليم ألف مسلح لأنفسهم وأسلحتهم في منطقة درعا، وبدء الجماعات الإرهابية في الشمال بنقل مستودعاتها وأسلحتها الثقيلة الى مناطق التماس مع الحدود التركية معتبرةً أنها ستكون بمأمن من الضربات.

ويعزز الأمر ورود تحذيراتٍ من المخابرات التركية لقادة الجماعات المسلحة بأنهم باتوا في اعلى مراحل الخطر، وهذه التحذيرات تم نقلها مباشرة عبر ضباط من المخابرات التركية في اجتماعات حصلت في اكثر من مكان في الشمال السوري.

الغارات الروسية لا زالت في بدايتها، ويصح القول أنها مجرد بروفات، وفي معلومات مؤكدة انها ستدخل المرحلة العملانية الواضحة خلال أسبوعٍ خصوصًا أنّ الغارات استخدمت فيها انواع مختلفة من الطائرات والذخائر وتم استهداف اهداف مختلفة وفي اكثر من منطقة سورية.

في انواع الطائرات، صار مؤكداً استخدام طائرات سوخوي 24 وسوخوي 25 وسوخوي 27 وسوخوي 34 وايضاً سوخوي 35، ولكل طائرة من هذه الطائرات خصائص تقنية وقتالية مختلفة سواء في سقف الرماية العملاني او في طريقة الإستهداف، حيث تتم اغلب الرمايات من طائرة سوخوي 25 على الهدف الواحد بقنبلة دقيقة التوجيه على الهدف الرئيسي وبرشقات من قذائف الحاويات 57 ملم وبرشقات من رشاش جريازيف 30 ملم، ما يؤدي الى تدمير كامل للهدف ومحيطه المباشر.

كذلك الأمر بالنسبة لطائرة سوخوي 24، التي تستطيع تنفيذ ضربات وهي في بسرعة 2 ماك اي حوالي 2000 كلم في الساعة على مختلف الارتفاعات وبأسلحة مختلفة، وهذه الطائرة لها صوت مرعب على الارتفاعات المنخفضة، وهو عامل اساسي في ايقاع الرعب بصفوف الذين يتعرضون للضربة لجهة عدم اعتلام الطائرة وهي في حالة الإقتراب من الهدف وعدم تمكنهم من استخدامهم لوسائط الدفاع الجوية بحوزتهم.

أما طائرتا سوخوي 27 وسوخوي 34، فهما من نوع الطائرات القادرة على الرماية من ارتفاعات عالية جداً وبدقة عالية ضمن مختلف الظروف القتالية والجوية وفي حالات التشويش الالكتروني المختلفة، بالإضافة الى قدرة بقاء طويلة في الجو تصل الى ساعات طويلة ما يعني القدرة على تحريم الأجواء وشل قدرة الحركة لعربات الجماعات الإرهابية على مدار الساعة.

أما بالنسبة لطائرة سوخوي 35، فتجربتها الأولى كانت مع طائرتي استطلاع إسرائيليتين مقابل شاطئ اللاذقية، عندما قامت الطائرات الروسية بإتمام عملية الإطباق الراداري على الطائرات الإسرائيلية ما جعل هذه الطائرات تغادر الأجواء فوراً، وهذا يعني أنّ الأجواء السورية أصبحت في حماية الطائرات الروسية، وهي رسالة سياسية اكثر منها عسكرية ستفهمها القيادة الإسرائيلية بالتأكيد.

وفي الإجراءات التي تدل على دخول الجماعات الإرهابية مرحلة الصدمة والرعب، انها بدأت عمليات حفر خنادق وحفر وإخلاء لأغلب مقراتها، كما صدرت تعاميم بتغيير هذه المقرات بشكل دائم وكذلك مواقع الأسلحة الثقيلة والدبابات ووضع الذخائر على اعماق تصل الى 15 متر تحت الأرض لحمايتها من ضربات الصواريخ المضادة للملاجئ.

وفي هذه الظروف والأوضاع الجديدة باتت ملامح المرحلة القادمة شديدة الوضوح، لجهة قدرة وحدات الجيش العربي السوري على استثمار نتائج الضربات الجوية ورسم معالم وخطوط قتال جديدة للجبهات في الشهور القادمة.

الأولوية في الضربات الجوية ستكون للمستودعات ومقار العمليات والأرتال، التي بدأت تتحرك بحذر شديد وباعداد قليلة من العربات لتتجنب الخسائر الكبيرة في المعدات والارواح، وهو ما سيؤثر على قدرة هذه الجماعات في تنفيذ عمليات هجومية سواء كانت شاملة او محدودة.

الهدف الأساسي للجيش العربي السوري سيكون اعادة ربط المدن الكبرى عبر شبكة الطرقات الرئيسية، والعمل على فصل وعزل الجماعات الإرهابية في المحافظات عن بعضها لمنعها من قدرة التواصل والدعم وإجبارها على القتال في بقع منعزلة، وهذا الأمر له هدفان اساسيان هما الوصول الى مرحلة ازالة الخطر عن مدينة حلب بشكل نهائي واعادة عجلة الحياة اليها والقتال في الارياف ضمن خطط العزل والفصل، إضافةً الى نقل المعركة الى المنطقة الشرقية عبر خطي اقتراب من جهة تدمر ومن جهة الريف الشرقي لحلب.

في المباشر، حددت القيادة الروسية فترة اربعة اشهر للضربات الجوية، وهذا يعني أنّ عملية ربط المدن الكبرى ببعضها ستتم خلال هذه الفترة خصوصاً أنّ الجماعات المسلحة بدأت باخلاء الكثير من مراكزها وعدم الإقتراب منها.

إشارة الى أنّ بنك الأهداف يتغير يومياً ضمن قدرات رصد واستعلام استخباراتي عالية الدقة، سواء عبر الأقمار الصناعية أو عبر الوسائط التقليدية للمخابرات السورية عبر متعاونين معها في مناطق سيطرة المسلحين، وهو امر يتزايد يومياً وسيؤدي الى نتائج هامة ونوعية.

في العراق سنكون قريباً امام مشهد مماثل خصوصاً بعد تصريح رئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي لعدم ممانعته من التعاون مع الروس، والإقدام على تقديم طلب مماثل لطلب سورية، وهو ما سيؤدي الى نفس النتائج التي ستحصل في سورية وهو ما سيحرم الجماعات الإرهابية وخصوصاً تنظيم داعش ميزة الإنتقال عبر الجغرافيا.

المشهد سيتغير كل يوم بعد دخول الضربات الجوية مرحلة الضربات الإنتقائية والإنتهاء من مرحلة إشباع الأهداف وشلّها.