الضربات الجوية الروسية.. كيف ستؤثر في الميدان السوري؟؟

الضربات الجوية الروسية.. كيف ستؤثر في الميدان السوري؟؟

أخبار سورية

الخميس، ١ أكتوبر ٢٠١٥

عمرمعربوني – بيروت برس -
لم تمضِ ساعات على موافقة مجلس الإتحاد الروسي على طلب الرئيس بوتين باستخدام القوات الجوية الروسية خارج البلاد، حتى نفّذت الطائرات الروسية أولى غاراتها بالتنسيق والمشاركة مع القوات الجوية السورية.
الغارات نُفّذت في ثلاث محافظات سورية، حيث قصفت الطائرات الروسية والسورية أهدافاً في اللطامنة وكفرزيتا في محافظة حماه، وفي غمام وجبل زويد وديرحنا في محافظة اللاذقية، وفي تلبيسة والرستن والزعفرانة والمكرمية في محافظة حمص.
والجدير ذكره إنّ الأهداف التي تم استهدافها تابعة لجماعات إرهابية مختلفة وليس لتنظيم داعش فقط، وهو ما يتماهى مع التوصيف الروسي وتوصيف مجلس الأمن الدولي لجهة اعتبار جبهة النصرة وغيرها من مشتقات القاعدة تنظيمات إرهابية، وهو مؤشر على أنّ الطائرات الروسية لن تستثني أحداً من هذه الجماعات من ضرباتها.
المعلومات أشارت الى تنفيذ حوالي 20 غارة جوية، ما يعني أنّ عدداً كبيراً من الطائرات شارك في تنفيذ الغارات بين طائرات قصف أرضي وطائرات حماية لها، وهو الأسلوب الذي سيتم اعتماده. ما يعني أنّ القيادة الروسية تأخذ بعين الإعتبار امكانية الإصطدام مع طائرات التحالف الأميركي، رغم أنّ تنسيقاً ما سيكون بحكم الضروري لأميركا وحلفها في الإتفاق على آلية تنسيق مع الروس لعدم حصول حوادث اصطدام.
هذا في الشكل، أمّا في المضمون فمن المهم أن نعرف الى ما يمكن أن تؤدي هذه الضربات الجوية، وخصوصًا فيما يتعلق بالمتغيرات الميدانية.
تقنيًا، سأتعرض لمسألتين:
-        تقنيات الطائرات الروسية.
-        المتغيرات الميدانية الناتجة عن الضربات الجوية.
1- ليس سرًّا أنّ سلاح الجو الروسي هو من أسلحة الجو الأقوى في العالم، ويمتلك تشكيلة طائرات من الجيلين الرابع والخامس تمتلك احدث اجهزة الملاحة والتصويب وتستخدم ذخائر موجهة عالية الدقّة. واذا ما تابعنا نوعية الأهداف التي سيتم التعامل معها، فهذا يعني ان طائرات متقدمة ستقوم بالمهمة ليلاً نهاراً وفي كل الأحوال الجوية والقتالية. وبتقديري، فإنّ عدد الطائرات الروسية التي ستشارك في القصف يمكن ان يصل الى 200 طائرة وحوامة هجومية خلال اشهر قليلة، إضافةً الى عدد يمكن ان يصل الى عشرات الطائرات بدون طيار سواء منها المسلّحة او المتخصصة بشؤون الإستطلاع.
العدد العامل حالياً من الطائرات الروسية يتجاوز الـ50 طائرة اغلبها من طرازات سوخوي 24 و25 و30، وهي في الأساس طائرات مهمتها الأساسية القصف الأرضي، وهي طائرات قادرة على العمل كما ذكرنا في كل الظروف الجوية ما يعني ان احوال الطقس لن تشكل عائقاً امام مهمات القصف كما هو الوضع حالياً مع اغلب طائرات سلاح الجو السوري.
في هذا الجانب لا بد من الإشارة الى انه من البديهي ان تشارك الأقمار الصناعية الروسية بشكل فاعل في عمليات الرصد والمتابعة والإستعلام، اضافة الى امكانية معالجة بنك الأهداف الذي تمتلكه اجهزة المخابرات السورية بسبب الأعداد الإضافية من الطائرات الروسية، ما سيساعد في استعجال عمليات الإستهداف لمواقع الجماعات الإرهابية على كامل الجغرافيا السورية.
2- في متغيرات الميدان، لا بدّ بدايةً ان نتابع الأهداف التي تم قصفها اليوم لنعرف انها استهدفت مفاصل اساسية كالرستن وتلبيسة التي تشكل مع محيطها بؤرة فصل بين مدينتي حماه وحمص، وتركيز القصف بشكل دائم على مقار وتجمعات ومستودعات الجماعات المسلّحة، فهذا يعني إضعافها وشلّ حركتها بعد فترة، ما سيساعد في فتح الطريق بين حمص وحماه اضافة الى الزعفرانة والمكرمية التي تشكل استكمالاً لقوس انتشار هذه الجماعات في محيط تلبيسة والرستن. اما بخصوص الضربات في منطقة غمام وجبل زويد في محافظة اللاذقية، فهي مرتبطة بشكل استراتيجي بنقاط تواجد رئيسية للقوات الروسية. كما ان هذه المناطق مع مناطق اخرى في جبل الأكراد يمكن استخدامها لقصف مطار حميميم الذي يشكل القاعدة الجوية الرئيسية للطائرات الروسية، وهذه المناطق بالتأكيد ستكون تحت النار بشكل دائم لضرب قدرة الجماعات المسلّحة على الحركة واطلاق الصواريخ. واذا ما لاحظنا ضرب اللطامنة وكفرزيتا، اكبر تجمعات الجماعات المسلّحة في ريف حماه الشمالي، فهذا يعني ان اعادة ربط حماه بحلب هو مهمة رئيسية للجيش العربي السوري في المرحلة القادمة عبر خان شيخون ومعرة النعمان، ومن المؤكد ان ضربات كبيرة ستحصل في حلب واريافها مع استمرار الضربات في المناطق المذكورة، ما يعني ان الهدف الأول من الضربات الجوية سيكون تمهيد الطريق للقوات البرية للجيش العربي السوري لربط المدن الكبرى ببعضها عبر الطرقات الرئيسية، وهو ما سيكون على رأس اولويات القيادة السورية في المرحلة القادمة.
الحديث عن التطورات الميدانية في الميدان السوري سيكون يومياً وسنشهد تطورات نوعية سواء في نوعية الأهداف اوالمناطق التي سيتم استهدافها، ومن الطبيعي ان آلاف الأهداف ستكون على لائحة القصف في الشهور القادمة، وهوما سنتابعه بشكل دائم ونتابع تطوراته حيث لن نكون امام مشهد جامد بل امام مشهد متحرك بشكل يومي.
*ضابط سابق (خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية).