تجسيد لوحة السلام في سورية.. عنوانها "أنتمي"

تجسيد لوحة السلام في سورية.. عنوانها "أنتمي"

أخبار سورية

الثلاثاء، ١ سبتمبر ٢٠١٥

خليل موسى – دمشق

لدى الدخول من باب المكان سيعلم الضيوف والمشاركون بأنها ليست فعالية عادية تقام وتنتهي بمجرد خرج، فالمعالم الحجرية القديمة والآثار منها الموضوعة ومنها المصورة في معرض، تفسح المجال للذهن أن يدخل قلاع التراث القديم ويتغنى بما فعله الأجداد في هذه البقعة من الأرض، وإن كان ضيفا أجنبيا عن البلاد سيقول في سره والعلن "لو أني أنتمي إلى هذه الحضارة".

المكان المبنى القديم لوزارة السياحة السورية، مبنى حجري أثري يضم عراقة الإنسان السوري القديم بما أنجزه، ويتغنى الأبناء بما ورثوه، ليكون اسم الفعالية "انتمي"، فعالية حضرها رجال دين مسلمون ومسيحيون ومسؤولون سوريون  وضيوف أجانب، ومواطنون.

لكن الهجمة الأكثر إجراما من همجية هولاكو فكرت بأن خيار محو هذه الحضارة بآثارها فعلٌ يجعل من هذا البلد منسيا، فبدأت بالتخريب والتنقيب والسرقة والتهريب، و ما كان من الدولة السورية سوى أن تحارب وتجعلها إحدى أهم مجالات معركة الدفاع عن الوطن، فالثروة الإنسانية هذه واحد من العناوين المحفورة على جدران الزمن لتكتب اسم سورية بكل اللغات الحضارية.

وهنا تشكل وزارة السياحة السورية فريقا يعمل ليل نهار بكل كوادره وطاقاته للدفاع عن آثار البلد والآثار التراثية الإنسانية في سورية تبدأ من الأماكن الدينية ولا تنتهي عند المنحوتات والقطع الاثرية النادرة او اللوحات.

ومن ضمن جولات هذه المعركة كان فعالية مساء أمس والتي تهدف إلى حماية التراث الإنساني السوري القديم، وعنوانها انتمي.. إذ أتبعت الكلمة بعناوين أخرى منها أنتمي لسورية، للإنسانية، للحضارة.. وذلك خلال عرض فيلم وثّق الآثار السورية في الاماكن التي دخلها الإرهاب كيف كانت قبل دخوله أي حتى عام 2011 وكيف تم التخريب فيها بعد هذا التاريخ والحدث كان موثقا بصور جوية تبين الفرق الكبير في معالم كل مكان تم عرضه من مساجد وكنائس وغيرهما..

ففي تصريح خاص لموقع قناة المنار تحدث وزير السياحة السوري بشر اليازجي  عن الفعالية موضحا اهميتها، على انها اتت بناء على طلب العديد من السوريين والمغتربين والشركاء، والمهتمين بالتراث الإنساني حول العالم، لإفساح المجال في المشاركة بدعم التراث الإنساني الذي يتعرض إلى تدمير ممنهج، منوها إلى ما يحدث في مدينة تدمر وسابقا في حلب، والعديد من الاماكن السورية، واضاف الوزير، أن المبادرة تهدف إلى طرح العديد من الأيقونات المنتمية إلى التراث الإنساني السوري العالمي، والمصنوعة بأيدي فنانين سوريين عالميين معاصرين منهم النحات السوري مصطفى علي، واعتمد على رمزيتها المستوحاة من الحضارات السورية المتعاقبة.

مفتي الجمهورية العربية السورية سماحة الشيخ أحمد بدر الدين حسون، شرح الأهمية الروحية والتاريخية لمنطقة بلاد الشام وأظهر مشددا على استخدام كلمة "سوريا" لجمع الدول الأربعة سورية ولبنان وفلسطين والأردن.

وخلال حديث أمام وسائل الإعلام أكد سماحة المفتي ان الشعب السوري ينتمي إلى أرض وجذور، وأنه بعد خمس سنوات من الحرب على سورية اكد هذا الشعب انه ينتمي لبلده سورية الأرض المباركة، كما توجه المفتي حسون بالشكر لوزارة السياحة التي رأى أنها أحيت هذا الانتماء، وأكد انه "على مساجدنا وكنائسنا وبيوتنا ومدارسنا ان تعيد مجد هذا الانتماء لأطفالنا وشبابنا كي يعودوا إلى سورية وليس إلى المغتربات لأنها محتاجة اليوم لإعادة البناء" .

الأب غبرييل داوود تناول في حديثه لموقع قناة المنار، ان من يتأمل الحرب التي تدار على سورية والمنطقة يجدها تهدف إلى هدم الحضارة وهدم الإنسان هنا، وهدم التراث والأصالة وتخريب القيم الإنسانية التي انتقلت عبر تراب الوطن سورية من الأجداد والآباء إلى الأبناء والأحفاد، ويؤكد الاب غبرييل ان الغاية من هدم المساجد والكنائس وقبور الاولياء والمزارات هو محو الهوية والحضارة الانسانية لشعب سورية.  لكي يكون هذا الشعب كغيره من الشعوب مشيرا أن هذا هدف اميركا التي ليس لها تاريخ لتتغنى به ليس لديها حضارة إنسانية .

وأكد غابرييل داوود أن معنى كلمة "انتمي" التي هي عنوان المبادرة، هي هنا في بلاده الانتماء إلى محور المقاومة والممانعة، لأن قدر ابناء هذه المنطقة هو مقاومة الإرهاب ومن معه.

وفي ختام الفعالية تم بيع الايقونات التي صنعها فنانو سورية من وحي الحضارة الانسانية السورية، حيث اقتناها مغتربون ورجال أعمال سوريين كبادرة لدعم هذه الأعمال ولدعم حماية التراث الانساني السوري.