ريف إدلب .. هزيمة للجيش السوري أم "طُعم" يمهّد لـ"أم المعارك"

ريف إدلب .. هزيمة للجيش السوري أم "طُعم" يمهّد لـ"أم المعارك"

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٩ يوليو ٢٠١٥

لايختلف اثنان اليوم، بأن المعارك في سوريا بدأت تأخذ مسار أكثر سخونة مما كانت عليه في وقت سابق، المسار الجديد انطلق من بعد هزيمة "فتح درعا" بمراحلها الأربعة لما كانت تشكله للعصابات المتشددة من أهمية في حال استطاعت السيطرة على مدينة درعا مايعني سيطرة على الجزء الأهم من الجنوب السوري، إضافةً إلى انهيار تحصينات النصرة وتوابعها المتشددة في الزبداني والتي باتت على بعد مسافة قصيرة من تحريرها بشكل كامل، حيث سيؤدي سقوطها بيد الجيش السوري إلى انهيارات متتابعة تبدأ في سرغايا ومضايا المجاورتين لها، ماسيفتح الطريق أمام الجيش إلى وادي بردى و"ملحقاتها" ، وهذا ماسيمنح الجيش السوري أريحية أكثر في التحرك بمحيط دمشق، لاسيما وأن فشل "جيش الإسلام وفيلق الرحمن" الميليشيات المتجمّعة في جوبر من فتح المعركة هناك، أدى إلى تمدد الجيش أول أمس وتوسيع نطاقه على حساب اندفاعات الميليشيات هناك. من جهة أخرى يرى المتابع كيف اشتعلت "فجأة" جبهة ريف إدلب والتي كان لها نتائج "قاسية" مع اقتراب ميليشيا "جيش الفتح" من مناطق سهل الغاب. وهي مناطق "خطوط حمر" قد تنقل واقع المعركة إلى أكثر خطورة، خاصة وأن الجيش خسر خلال ساعات عدّ تلال "حاكمة" تزامن مع هجوم عنيف شنّه ميليشيا جيش الفتح منذ ليل أول أمس بهدف السيطرة على باقي الريف الإدلبي الجنوبي، وليتصبح المجاميع المتشددة على تخوم معسكرات الجيش السوري في جورين شمال غرب مدينة حماة، ما دفع الكثير إلى التعبير عن مخاوفهم حول المستجدات الأخيرة عبر أسئلة قد تكون محقّة ولكن مبالغ فيها .. هل انتهى تواجد الجيش السوري هناك ؟؟.. هل خسرنا سهل الغاب بعد اقتراب الميليشيات والوقوف على "أطلاله"..؟

في الحقيقة وبعد تأزّم الوضع التركي الأخير، كان من المتوقع أن تحاول أنقرة نقل معاركها إلى سوريا وخصوصاً إلى إدلب ومحيطها، باعتبارها المنطقة الأكثر "أماناً" لها مع توسيع "جيش الفتح" لسيطرته بالمنطقة، فبدأت معاركها بمحيط بلدتي الفوعة وكفريا، حيث انتهت المعارك بعد 72 ساعة بفشل ذريع لميليشيا الفتح، ما دفعه إلى الانتقال وبشكل مباشر إلى “تحرير باقي ريف إدلب الجنوبي”، وهي نقاط محسوبة على جسر الشغور أدت بالمحصلة إلى سيطرة “سريعة” على عدة تلول حاكمة كان أهمها “تلة خطاب – الشيخ الياس – أعور – المشيرفة - واسط” إضافة إلى قرى صغيرة" نسبياً تحيط بتلك التلال أهمها الزيارة، والتي استعادها الجيش مع “تل واسط” الاستراتيجي خلال عملية عسكرية معاكسة وسريعة بدأها فور الانتهاء من الانسحاب والتجميع، مع استمرار الاشتباكات حتى اللحظة في المنطقة، في محاولة على مايبدو للجيش للعودة إلى المناطق التي خسرها قبل أن يتمكن جيش الفتح من تثبيت قواته فيها، في إشارة من الجيش بحسب اعتقادنا بأنه لن يأخذ وقت كثير للعودة إلى مواقعه لما لها أهمية في تأمين "معسكراته" في سهل الغاب، مستفيداً من اندفاع جيش الفتح بعد سلسلة المكاسب التي حصل عليها خلال ساعات قليلة في تلك المنطقة..

اقتراب مايسمّى جيش الفتح المدعوم بشكل مباشر من تركيا باتجاه خطوط الجيش السوري، يؤكد ما قلناه سابقاً وتحديداً عقب انسحاب الجيش من آخر معاقله في قلب مدينة إدلب، بأنه يسعى إلى استمالة الميليشيات المسلحة لاستخدام أقصى ما باستطاعتها فعله هناك، وجس نبضها لاستخدام أحدث ماقدمته الدول لداعمة لها من أسلحة، حيث يحافظ الجيش السوري على مواقعه الرئيسية "الأكثر تحصيناً" في محيط سهل الغاب ومن ثم القيام بعملية معاكسة تكون بداياتها موزعة من "نبّل والوهراء" إلى "الفوعة وكفريا" وصولاً إلى "معسكراته في سهل الغاب"، والتي ستكون رأس الحربة في الهجوم الهادف لاستعادة مناطق إدلب التي خسرها مؤخراً بالدرجة الأولى ولاحقاً ماخسره في وقت سابق. إذاً نعتقد أن الدولة السورية استثمرت الفوضى التركية الداعية لمناطق آمنة في سوريا في إدلب بشكل رئيسي، وتركت الأنظار تتجه إلى هذه المنطقة بالتحديد دوناً عن غيرها في شمال حلب أو الرقة ...، وبالتالي فإن الاندفاع "الغير محسوب" لجيش الفتح برأينا سيكتب لهذا التنظيم نهايته في إدلب وبوقت قريب .. وقد يكون أقرب مما نتوقع، خاصة وأن الجيش بعد انسحابات أمس لم يقف مكتوف اليدين كما حصل سابقاً، بل على العاكس فهو اليوم مبادر في العملية العسكرية وستكون الساعات القادمة، حاكمة فيما إذا كان الجيش فعلاً خسر مناطقه لـ"عدم تمكنه من حمايتها"، أو لأنه زرع للميليشيات التركية "طعماً" كبيراً ابتلعته على تخوم سهل الغاب لـ"تختنق" به..!!

قد يفهم البعض، أن ماسبق يأتي في إطار "رفع المعنويات" بعد انسحاب "موجع" للجيش العربي السوري من مناطق سيطرته في الريف الإدلبي، ولكن ليتذكر ذلك البعض أن اندفاع تركيا في إدلب في المرات السابقة لم يكن محدوداً، وأنه كان مصحوباً باندفاعات أخرى على جبهات ثانية أدت لفشل فاضح في اختراقها سواء جبهتي "نبل والزهراء" أو مؤخراً بـجبهتي "الفوعة وكفريا"، وهذا يبيّن جزء مما يفكر فيه قادة الوحدات العسكرية في تلك المنطقة، بأنه "إن لم تستطع الذهاب إلى عدوّك.. امنحه فرصة القدوم إليك"، وهذا بالضبط برأينا ما فعله الجيش أمس لسببين رئيسيين أولهما: زيادة انتشار الميليشيات وعدم تمكينهم من التجمّع ضمن قطاعات محددة، مايمكّن الجيش من ضرب المجموعات الصغيرة والتوسّع على حسابها جغرافياً.. وثانياً: إنهاء المعارك الصغيرة التي تتعرض لها وحدات الجيش المنتشرة على التلال الحاكمة، وتحويل معركة إدلب ومعها سهل الغاب وحماة إلى "أم المعارك"، بهدف إنهاء الوجود المسلح من تلك المنطقة، ومنح قرى سهل الغاب ومعها ريف اللاذقية أريحية أكبر في نفض غبار الإرهاب عن جسدها خاصة في ريف حماة الشمالي والقرى الموزّعة شرق سهل الغاب، والتي تعتبر تلك القرى منصّات للصواريخ التي التي تستهدف عادةً مدينة محردة أو السقيلبية وغيرهما من المناطق الكبيرة في سهل الغاب..