معركة الزبداني تعيد يبرود إلى الأذهان.. و«البركان الثائر» يخمد!

معركة الزبداني تعيد يبرود إلى الأذهان.. و«البركان الثائر» يخمد!

أخبار سورية

السبت، ٤ يوليو ٢٠١٥

حسين طليس
مجدداً وقعت المجموعات المسلحة في الفخ الإعلامي الذي نصبه حزب الله والجيش السوري حول معركة الزبداني. وكما حصل في معظم المعارك وآخرها "معركة القلمون"، نجحت خطة جر المجموعات المسلحة إلى شن "الهجوم الإستباقي القاتل".
في المنظور العسكري، يصنف الهجوم الإستباقي في خانة "المغامرات العسكرية"، فإما أن يكون محسوباً ومحضراً بشكل يضمن نجاحه وبالتالي تحقيق الصدمة المرجوة منه، لإفشال مخططات الطرف الآخر، وإعادة تشكيل ميدان المعركة عبر خطوط إنتشار جديدة وسيطرة تقلب واقع الجبهات. أو يكون إنتحاراً عسكرياً للطرف المهاجم في حال فشله، فيكشف أقصى قدراته الهجومية ويفشل مفاجآته، كما يسلط الضوء على خطوط إنسحابه وأماكن تمركزه وتجمعاته، لتصبح عرضة للإستهداف، إضافة الى حجم الخسائر الكبير الذي يتسبب به فشل هكذا هجوم، وتأثيره على الروح المعنوية للمقاتلين، وهو ما حصل اليوم في منطقة الزبداني.
وكما سبق أن حصل في جرود القلمون، ساهمت أنباء التحضيرات الهجومية التي يقيمها الجيش السوري وحزب الله للزبداني، والتي شغلت الإعلام في الأيام الماضية، في دفع المجموعات المسلحة للبحث عن خطوة تقلب الوقائع الميدانية القائمة، والتي تتمثل في الحصار الكامل الذي تشهده المدينة، إضافة الى الإشراف الميداني الذي يملكه الجيش السوري من خلال سيطرته على التلال المحيطة بالزبداني، والقصف العنيف الذي يستهدف كافة نقاط تمركزهم وانتشارهم داخل المدينة، إضافة الى تحصيناتهم على الأطراف.
"البركان الثائر"، تلك كانت تسمية المعركة الإستباقية التي أطلقتها المجموعات المسلحة في الزبداني بقيادة جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا، والتي إستهدفت عدة نقاط تمركز للجيش السوري في محيط  بلدة الزبداني، كان اعنفها الهجوم الذي استهدف حاجز "الشلاح".
وبحسب المعلومات، فقد شنت المجموعات الإرهابية هجوماً متزامناً فجر امس الجمعة، إستهدف عدداً من الحواجز ونقاط التمركز التابعة للجيش السوري على أطراف مدينة الزبداني، بهدف إفشال التحضيرات الهجومية التي يقيمها حزب الله والجيش السوري لاقتحام المدينة، وإستعادة السيطرة على التلال الحاكمة والمشرفة على كامل تحركات المسلحين، إضافة الى فك الحصار المطبق الذي فرضه الجيش السوري على المدينة، خاصة بعد إطباق الجيش على الطرق التي تصل الزبداني بسرغايا وعزلها تماماً عن محيطها، الأمر الذي دفع المسلحين لشن هجوم ضخم على حاجز "الشلاح" الواقع شرق المدينة، إندلعت على إثره إشتباكات عنيفة بعد أن صدم المسلحون بالإستعدادات الدفاعية للجيش، التي لم تكن متوقعة في وقت يتحضر فيه للإنطلاق من وضعية هجومية. تلك المفاجأة كانت بانتظار المسلحين عند كل نقطة هاجموها خاصة من الناحية الغربية التي شهدت بدورها إشتباكات طيلة الليلة الماضية في معارك كر وفر بين البساتين، إنتهت جميعها بإنسحاب العناصر المسلحة مخلفين خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد دون تحقيق أي إنجاز ميداني يذكر.
عوضا عن ذلك، تقول المعلومات إن انسحاب العناصر المسلحة كشف خطوط تحركاتهم والمراكز التي لجؤوا اليها، ما حولها إلى أهداف واضحة لقصف كان الأعنف الذي تشهده الزبداني، توزع على القصف المدفعي والصاروخي والجوي سمعت أصواته في بلدات البقاع اللبناني بشكل واضح، حيث تم تسجيل اكثر من 20 غارة لسلاح الجو السوري، وسقوط عدد كبير من الصواريخ الثقيلة والقذائف المدفعية، التي دمرت بحسب المعلومات، معظم تحصينات المسلحين في المدينة وعلى أطرافها، كما دمرت معسكر "جيش الفتح" و مبنى العمليات التابع لجبهة النصرة في وسط مدينة الزبداني، ما ترك المجموعات المسلحة في حالة تشرذم وتوتر، من جراء فشل الهجوم الإستباقي والقصف المركز الذي شتت وجهتهم ودمر مراكزهم، وهو ما انعكس تقاذفاً للمسؤوليات بين الأطراف والفصائل، كذلك دفع البعض لإعلان نية الإستسلام ما رفع من حدة الخلافات بينهم.
حزب الله لم يعلن إنطلاق هجومه على الزبداني، كذلك الجيش السوري، حيث ما زالت الإستعدادات جارية لتمهيد الطريق أمام عملية الإقتحام. إلا أن مصادر عسكرية أشارت الى أن المشهد العام لمعركة الزبداني، يعيد الى الأذهان الواقع الميداني الذي كان قائماً قبل يوم واحد من الهجوم على مدينة يبرود سابقاً، وذلك بسبب التطابق في المعطيات الجغرافية والعسكرية، وهو ما يرجح أن تسير المعركة وفق سيناريو يبرود، مع فارق واحد، هو مصير المسلحين في المدينة حيث لا إمكانية أمامهم للفرار نحو الجرود، ولا شرقاً نحو البلدات الأقرب من العاصمة السورية دمشق، وعليه ستكون خياراتهم محصورة ما بين الإستماتة في الدفاع، الذي سيؤدي الى نتيجة واحدة مهما طال أمد المعركة، وهي الموت تحت القصف وخلال الهجوم، أو تسليم أنفسهم للدولة السورية ومحاولة إحياء مبادرة المصالحة التي كانت قائمة قبل أشهر في الزبداني، لحفظ ماء الوجه وحقن الدماء وتفادي مزيداً من الدمار في المدينة، وهو ما دعاهم اليه الجيش السوري عبر منشورات رماها فوق منطقة الزبداني داعياً لعودة المسلحين الى كنف الدولة.