انكسار زخم هجوم «النصرة» على حلب

انكسار زخم هجوم «النصرة» على حلب

أخبار سورية

الجمعة، ٣ يوليو ٢٠١٥

تشهد حلب أعنف هجوم منذ ثلاثة أعوام، حيث تقود «جبهة النصرة» مجموعات مسلحة إسلامية في محاولة لاقتحام حي جمعية الزهراء الإستراتيجي، فيما تهاجم مجموعات إسلامية أخرى مركز البحوث العلمية جنوب جمعية الزهراء، فيما تحاول القوات السورية، مدعومة بالمدفعية والطيران، صد الهجمات.
في هذا الوقت، يشهد المدخل الشرقي لمدينة الزبداني اشتباكات بين مجموعات مسلحة والقوات السورية، فيما شنت الطائرات الحربية والطوافات غارات مكثفة على المنطقة، التي تعتبر أحد آخر معاقل المسلحين القريبة من الحدود اللبنانية.
وترأست «جبهة النصرة»، بعد فشل «غرفة عمليات فتح حلب» في إحراز أي تقدم في الهجوم الذي شنته مطلع شهر رمضان، «غرفة عمليات» جديدة لمهاجمة حلب، حملت اسم «أنصار الشريعة»، ضمت 13 فصيلاً «جهادياً»، أبرزهم «حركة أحرار الشام» و «جبهة أنصار الدين».
وأعلنت «غرفة العمليات» الجديدة، في «البيان رقم واحد»، أن هدفها «تحرير مدينة حلب»، الأمر الذي تلاه مباشرة قصف عنيف لأحياء المدينة الخاضعة لسيطرة الحكومة في الجهتين الشمالية الغربية والجنوبية الغربية.
واستهدفت شوارع النيل، الخالدية، الأشرفية، الزهراء بعشرات القذائف قبيل موعد الإفطار أمس الأول، الأمر الذي تسبب بمقتل خمسة مدنيين وإصابة أكثر من 100، في حصيلة أولية، وفق مصدر طبي تحدث إلى «السفير»، وذلك في وقت كان يزور فيه رئيس مجلس الوزراء الدكتور وائل الحلقي حلب، بعد أن قررت الحكومة تقديم منحة مالية إلى المدينة بقيمة 4 مليارات و 625 مليون ليرة سورية (حوالى 15 مليون دولار).
ولم يكد ضجيج القذائف يهدأ، حتى اندلعت مواجهات عنيفة على محورين. وشن «الجهاديون» هجوماً على جبهة الزهراء - اكثار البذار ومركز «الدفاع الوطني»، وآخر على جبهة الخالدية باتجاه دوار شيحان، لتستمر الاشتباكات لأكثر من ست ساعات، استعملت خلالها شتى أنواع الأسلحة الثقيلة، قبل أن تهدأ وتيرة الاشتباكات، من دون أي تغيير على خريطة السيطرة، وفق تأكيد مصدر ميداني، الأمر الذي دفع الفصائل المهاجمة إلى فتح جبهة جديدة استهدفت هذه المرة حي الأشرفية، حيث اندلعت اشتباكات، تصدت لها قوات الجيش السوري والفصائل التي تؤازره.
وتابعت الفصائل «الجهادية» بحثها عن ثغرة لاختراق المدينة، فاختارت هذه المرة جبهة «البحوث العلمية» شمال غرب المدينة، حيث كثفت هجماتها على المقر الذي يشكل نقطة دفاع متقدمة عن المدينة، وبوابة تحمي حي حلب الجديدة، أحد الأحياء المكتظة بالسكان والمهجرين. وقال مصدر ميداني لـ «السفير»، إن المهاجمين استخدموا عدداً كبيراً من الصواريخ الحرارية، وأمطروا المنطقة بمئات القذائف، الأمر الذي أجبر القوات المتواجدة على الانسحاب نحو أبنية خلفية، ما أدى لتقدم الفصائل «الجهادية» وسيطرتها على جزء من مركز البحوث العلمية.
وفي وقت اعتبرت فيه الفصائل المهاجمة السيطرة على جزء من المركز «انتصاراً ونقطة انطلاق نحو تحرير حلب»، أكد مصدر عسكري لـ «السفير» أن «قوات الجيش السوري والفصائل التي تؤازره لن تسمح بأي خرق للمدينة وستسترجع هذه النقاط»، مشدداً على أن «مدينة حلب خط أحمر لن يسمح الجيش بتجاوزه»، موضحاً أن «المعارك ما زالت في بدايتها، وقد كلفت المهاجمين خسائر كبيرة في العتاد والأرواح»، مشدداً على أن «القوات الموجودة على نقاط التماس ستفاجئ المهاجمين». وقال «لا صواريخهم ولا أسلحتهم ستمكنهم من اختراق مدينة شكلت شوكة في حلقهم منذ بداية الحرب. لا خوف على حلب».
ويأتي حديث المصدر العسكري في وقت قام فيه الحلقي بزيارة نقاط عسكرية متقدمة في محيط حلب، الأمر الذي يعطي إشارات كبيرة عن مدى أهمية المدينة وإصرار الحكومة على الدفاع عنها.
وعلى الرغم من تعتيم الفصائل المهاجمة على أرقام قتلاها، إلا أن مصدراً معارضاً أكد أن العدد «كبير جداً»، مشيراً إلى أن المستشفيات في قرى شمال وشمال غرب حلب، ضجت بالقتلى، في حين امتلأت المستشفيات الميدانية بالجرحى، موضحاً أن «بعض الجرحى تم نقلهم إلى المستشفيات التركية».
وعرض التلفزيون السوري عشرات الجثث لمقاتلين مسلحين، قائلاً إن الجيش قتل ما لا يقل عن 100 مسلح في الهجوم المضاد.
وفي ريف دمشق، كثف الجيش السوري استهدافه لمواقع المسلحين في مدينة الزبداني، حيث تعرضت إلى عشرات الغارات الجوية، في وقت ارتفعت فيه وتيرة المعارك على المدخل الشرقي للمدينة.
وقالت مصادر مطلعة، لوكالة «رويترز»، إن «حزب الله» أرسل تعزيزات في الآونة الأخيرة إلى مناطق قريبة من الزبداني. وألقت طوافات الجيش السوري منشورات تطالب الأهالي بالابتعاد «عن مناطق تواجد الإرهابيين».
وقال مصدر عسكري لوكالة «سانا» إن «سلاح الجو نفذ ضربات على أوكار ونقاط تمركز التنظيمات الإرهابية في محيط مدينة الزبداني أسفرت عن مقتل عشرات الإرهابيين وتدمير مستودعي ذخيرة ومعمل لتصنيع القذائف الصاروخية ومدفع عيار 23 ملم وأربع آليات مزودة برشاشات».
وتشكل الزبداني نقطة ارتكاز للفصائل المسلحة، لقربها من لبنان (نحو 10 كيلومترات عن الحدود)، وإطلالها على خط دمشق ـ بيروت، الأمر الذي يجعل سيطرة الجيش السوري وقوات المقاومة عليها «ضربة قاصمة» للفصائل المسلحة، وتأميناً إستراتيجياً على هذا المحور. وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ذكر أن المسلحين شنوا هجوماً على احد حواجز الجيش في المنطقة.
وتعد مدينة الزبداني واحدة من آخر المناطق الحدودية بين سوريا ولبنان الواقعة تحت سيطرة المسلحين، لا سيما بعد العملية المشتركة بين الجيش السوري و»حزب الله» في منطقة القلمون.