الجيش التركي... هل يتدخل في سورية؟

الجيش التركي... هل يتدخل في سورية؟

أخبار سورية

الأربعاء، ١ يوليو ٢٠١٥

حميدي العبدالله

سرّبت وسائل الإعلام التركية معلومات تفيد بأنّ نقاشاً يدور الآن في أوساط صنع القرار العسكري والسياسي في تركيا حول التدخل العسكري المباشر من عدمه في سورية. وقد تجدّد هذا النقاش في ضوء التقدّم الذي حققته وحدات حماية الشعب الكردي على امتداد الشريط الحدودي بين سورية وتركيا، من القامشلي في محافظة الحسكة وحتى عين العرب في محافظة حلب، حيث صارت غالبية الحدود السورية التركية تحت سيطرة هذه الوحدات التي تشكل ذراعاً عسكرياً وسياسياً لحزب العمال الكردستاني في تركيا.


هذا الانتشار ترتبت عليه نتائج هي التي يسعى أردوغان إلى توظيفها من أجل الحصول، أو على الأقلّ تجديد المطالبة بتدخل عسكري مباشر في سورية، وهو حلم ظلّ يراود أردوغان منذ بداية الأزمة وحتى الآن.

أول هذه النتائج، تعطيل قدرة تركيا على التدخل في مناطق واسعة في محافظات حلب والرقة والحسكة حيث كان لأنقرة من خلال تنظيمي «القاعدة» و«داعش» والتنظيمات المسلحة الأخرى دور كبير في هذه المناطق، وتعمل كلّ هذه التشكيلات بالتعاون والتنسيق مع الحكومة التركية، الأمر الذي عزز نفوذ تركيا في الشمال السوري، ومن خلال هذا النفوذ تعاظم تأثير أنقرة في مجمل الوضع في سورية.

ثاني هذه النتائج، أنّ القوات المنتشرة الآن على المقطع الأطول من الحدود التركية – السورية هو عدو رقم واحد لحزب العدالة والتنمية لأسباب عديدة منها سياسية ومنها إيديولوجية، ومنها ما يخصّ الوضع التركي، ومنها ما يخصّ نفوذ تركيا في سورية والعراق.

لكن هل تستطيع تركيا اتخاذ قرار بالتدخل العسكري المباشر في سورية، وتكون حصيلة المشاورات قراراً يلزم الجيش التركي بإرسال وحداته الجوية والبرية إلى داخل الأراضي السورية.

هذا الاحتمال ضعيف إنْ لم يكن غير وارد على الإطلاق في ضوء العوامل الآتية:

أولاً، اجتياز حدود سورية يحتاج إلى غطاء دولي وإقليمي، وواضح أنّ مثل هذا الغطاء لم يكن متوافراً في السابق، وهو غير متوافر الآن، ولن يكون بمقدور الحكومة التركية اتخاذ قرار ينطوي على مخاطر كثيرة في غياب مثل هذا الغطاء، وهذا هو الذي يفسّر فشل محاولات أردوغان السابقة على امتداد عمر الأزمة السورية.

ثانياً، أيّ تدخل سوف يصطدم مع الأكراد ومع الدولة السورية والجيش السوري، وسيقود إلى مزيد من التلاحم بين وحدات حماية الشعب الكردي والجيش السوري، ومن شأن ذلك أن يؤثر سلباً على استراتيجية الغرب القائمة الآن على التعاون مع الوحدات الكردية لمقاتلة «داعش»، كبديل عن التعاون مع الجيش والدولة السورية.

ثالثاً، نتائج الانتخابات التركية الأخيرة، بما مثلته وعبّرت عنه من توازنات سياسية وشعبية، تعزز موقع وموقف قيادات الجيش التركي إزاء محاولات زجه في مغامرات غير محسوبة، تجعل الوضع الآن أصعب مما كان عليه في السابق بالنسبة لأيّ قرار يمكن أن يسعى إلى انتزاعه أردوغان.

رابعاً، يحمل أيّ صدام مع الأكراد ومع الجيش السوري احتمالاً كبيراً بنقل الصراع إلى داخل الأراضي التركية، لأنّ مقطع الحدود الذي تنتشر فيه وحدات حماية الشعب الكردي محاذ لمناطق تقطنها غالبية كردية داخل تركيا.

هذه العوامل مجتمعة تؤكد أنّ أيّ قرار بالتدخل العسكري المباشر، فضلاً عن أنه احتمال ضعيف ومستبعد، يشكل نوعاً من الانتحار الذي لن يسمح لأردوغان وجماعته بزجّ تركيا فيه.
البناء