فشل «عاصفة الجنوب» في درعا بلسان قاداتها.. حقائق وأسباب تنشر للمرة الأولى

فشل «عاصفة الجنوب» في درعا بلسان قاداتها.. حقائق وأسباب تنشر للمرة الأولى

أخبار سورية

الثلاثاء، ٣٠ يونيو ٢٠١٥

تلقت الفصائل المشاركة “بعاصفة الجنوب” في درعا ضربة قاسية بعد أن منيت بالفشل الذريع رغم ضخ “غرفة الموك” كل الامكانيات العسكرية واللوجستية لإنجاحها.

وتعيش الفصائل اليوم في حالة من التخبط والبلبلة بسبب الخيانات الداخلية التي ساهمت بشكل كبير في إفشال مخطط المسلحين من جهة، وتصدي الجيش السوري لهم من جهة ثانية، إضافة إلى رفض المدنيين بعد سنوات من سيطرة المسلحين وبطشهم من التعامل مع الفصائل.

ما يلي، وقائع وحقائق من قبل قادة في “عاصفة الجنوب” يتحدثون عن أسباب فشل العملية وإلقاء اللوم على “الجيش الحر” الذي طعن الفصائل المسلحة وجبهة النصرة” التي لم تقاتل بشكل جدي بل أخذت دور المتفرج فقط.

1- النصرة كانت تعلم ان هذه المعركة وهمية و انها اعلامية و رفضت زج مقاتليها على اصعب محور و هو سجنة خوفا ان يتكرر ما حصل في شهداء الخندق . مازلت اذكر يوم معركة شهداء الخندق عندما قال احد امراء النصرة حينها بان علينا منذ اليوم ان نأمن النظام مرة و الحر مرتين ، و هكذا فعلت النصرة في عاصفة الجنوب .

في اليوم الاول اكتفت الجبهة باستهداف سجنة بعشر قذائف بالعدد بين 57 و دبابة ثم جلست تترقب حال المعركة هل سينسحبون ام لا ، و في اليوم الثاني شاركت النصرة مع فتح لواء التوحيد لجبهة المنشية و لكن مشاركة خفيفة و حذرة خوفا من غدر محتمل ، و في اليوم الثالث توقفت المعركة و صاح احد الامراء وقال ” قلتلكم ” .

باختصار النصرة اختارت الحر حليفا وهي الان لا تثق بحليفها وتخاف منه الغدرة، تشارك في المعركة حالها كالمثل القائل “رجل ورا ورجل قدام” و هي الان تشارك و حالها “الرجلتين ورا وعيونها قدام عم تراقب العدو والحليف”.

2- أكبر الخاسرين في لعبة عاصفة الجنوب كانت فصائل المثنى و المعتز والتوحيد، أي فصائل مدينة درعا ومن يتواجد على تخومها، فجميعهم يرابط على هذه الخطوط منذ سنتين تقريبا و قدم عشرات القتلى من عناصره و يعتبر أن هذه المعركة تعنيهم بشكل مباشر لإيقاف حالة الاستنزاف التي تعيشها فصائلهم ماديا وعسكريا وبشريا .

بمعنى آخر فإن الفصائل العسكرية التي أتت من ريف درعا للمشاركة في معركة المدينة لم تشارك بالشكل المطلوب و المتوقع و اكتفى دور بعضهم على المشاركة الاعلامية واخرون على قصف بعيد ، و تعتبر هذه المشاركة الخجولة أو السيئة سببا هاما في خسارة المعركة ، فكانت الفصائل الثلاث المذكورة تطالب بدعم بشري و نيراني كبير لتتمكن من خلاله من اقتحام المدينة و إلا إن كانت غنية عن هذه المساندة لاستطاعت اقتحام المدينة منذ سنتان.

3- أبرز المحاور التي شهدت هجوما حقيقيا كان محور المشفى الوطني للمثنى و محور حاجز السرو للمعتز و محور المخيم المطاحن و جميعها في اليوم الأول ومحور المنشية للتوحيد في اليوم الثاني، أما باق المحاور وتحديدا النعيمة تل السكري ومحور سجنة ومحور ساحة بصرى فالهجوم عليها كان لا يرتقي أبدا لحجم هكذا معركة بل كان أشبه بالمناوشات المعتادة على هذه النقاط.

4- الخطة التي كانت موضوعة للمعركة هي التمهيد المدفعي لمدة 4 ساعات يليها اقتحام لمواقع النظام فينسحب النظام الى خارج درعا و نسيطر عليها.

معظم وقت التخطيط للمعركة كان فعليا وقت التخطيط لما بعد المعركة من الحواجز في داخل المدينة و حظر التجول و المؤسسات الحكومية و الغنائم والأسرى والمساجين.. الخ .

لو كان للفصائل أعين في داخل درعا المحطة لعرفوا أن عوائل ضباط النظام وعناصره مازالت تسكن في المحطة ولم يخرج أحد منها، ولعرفوا أن النظام لا يفكر للحظة بالانسحاب من أهم معقاله جنوبا.

لم يكن التخطيط للمعركة بل كان التخطيط لما بعد المعركة ، تماما كحال الائتلاف الذي يخطط لسوريا ما بعد الأسد و حصتهم فيها ولا يفكر أحد بسوريا في زمن الأسد.

5- اعتمدت غرفة عمليات المعركة على الاعلام بشكل مبالغ فيه لدرجة ظننا فيها أن المعركة اعلامية فقط ، فبدأتها بضخ اعلامي و تهويل و تضخيم لواقع التجهيزات ومسمى المعركة قبل أكثر من أسبوع على لحظة انطلاقتها، وفي ليلة المعركة بثت غرفة العمليات شريطا مرئيا قيل أنه لعنصر وقع بالأسر اثر عملية انغماسية قتل فيها ثلاثة آخرون، رغم أن الحقيقة أن العنصر منشق منذ أيام قبل المعركة، فعلى من كانت تضحك غرفة العمليات؟ على النظام وهو يعرف حقيقة العنصر ويعرف كذبة العملية الانغماسية؟ أم على عوام الناس ليصدقوا الكذبة أكثر؟

لم تكتف غرفة العمليات واعلامها هنا، بل لفقوا في واقع العمل العسكري على الأرض، فاعلنوا تحرير حاجز السرو بعد دقيقتين من دخول المقاتلين اليه وسيطرتهم على أقل من مساحة نصفه فكان البيان مكتوبا و عاجلا على الفضائيات، و على الأرض التف النظام على المقاتلين واسترد الحاجز وقتل من دخله واحتفظ بجثثهم، وفي حاجز رسلان فعلت غرفة العمليات ذات الأمر فمجرد أن دخل المقاتلون للطابق الأول نشرت الغرفة الخبر وأعلنته في كل مكان رغم أن صمود المقاتلين في الحاجز لم يستمر أكثر من ساعة واحدة.

فالمعركة كانت على الإعلام و القادة كان جلّ همهم المعركة الإعلامية فقط و المكاسب الإعلامية فقط و ايصال الرسائل الاعلامية فقط ، و ما على الأرض لا يعنيهم البتة.

6 – الثقة كانت معدومة تماما بين العناصر و القادة في غرفة العمليات ، جميع العناصر كانت تخاف أن تكون دماؤها رخيصة في لعبة لا يعرفونها ، العناصر كانت تطالب بأن تأتي القادة إلى الجبهات وتقاتل وتشرف معهم عليها، أبو هيال أبازيد واحد ممن تحدث بالأمر علناً ثم نفذ وأبدى مخاوفه من أن تكون المعركة تمثيلية وعندما أيقن بالحقيقة هاجم القادة بسلاحه، ومجموعات المخيم كانت تتحدث بنفس الأمر وكذلك عناصر المثنى.

الثقة كانت معدومة والجميع كان يعلم أن هناك ” إن ” وحلقة مفقودة في المعركة.

7 – عسكريا اعتمدت الفصائل على القصف بقذائف الهاون وراجمات الصواريخ على نقاط النظام في الأحياء المحتلة وكثير من الإصابات كانت عشوائية سقطت بعيدا عن مواقع النظام وتسببت بالعشرات من القتلى والجرحى من المدنيين، بينما كان الأجدر بهذه الفصائل تركيز قصفها على نقاط الاشتباكات على محاور الهجوم.

أيضا في اليوم الثالث تم إمطار البانوراما وكتيبة المدفعية براجمات الصواريخ بدقة، على الرغم من أن المعركة كانت متوقفة تماما، لماذا تم هذا القصف و المعركة متوقفة؟ ولماذا لم يتم والمعركة مشتعله في اليومين الأول والثاني؟

8 – خطوط إمداد النظام لمدينة درعا كانت مفتوحة بالكامل والحديث عن حصار النظام وأن الطريق الدولي منطقة عسكرية كانت كذبة من جملّة الأكاذيب و لم تكن غرفة العمليات تخطط أساسا لقطع الطريق لتجعله طريق انسحاب للنظام الذي لم يكن يخطط للانسحاب أبدا بل كان الطريق طريق امداد مفتوح له.

لو كانت غرفة العمليات تخطط فعلا لحصار هذا الطريق و تهديده و لضرب طريق النظام ضربة قاسمة لفتحت معركة على تل الخضر أو على الكتيبة المهجورة ، فالجميع يعلم أن النقطتين السيطرة على إحداهما تحاصر درعا تماما ، و لكن الغريب حقا أن المعركة بكاملها لم يأتي أحد على ذكر هتين النقطتين !!

أخيرا، يتم الآن إعادة ترتيب الأمور و قيل أن سبب الخسارة ضعف التواصل و التنسيق ، بينما يتم الآن الإعداد لتجميع المثنى واحرار الشام والنصرة وجند الملاحم ضمن قطاع واحد ليكون هذا المحور القبضة الحديدية التي تكسر خط الدفاع عن المحطة وتقتحمها ولكن جميع المشاكل والشكوك ونقاط الضعف الحقيقة لم يتم تداركها أبدا.