معركة جسر الشغور والعملية العسكرية المعاكسة

معركة جسر الشغور والعملية العسكرية المعاكسة

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٧ مايو ٢٠١٥

حسين مرتضى
حقّق الجيش السوري الإنجاز الأهم، بفكِّ الحصار عن الجنود المحاصرين منذ قرابة الشهر في مشفى جسر الشغور، والذي كان في داخله نحو 250  جُنديا وعددٌ من المدنيين. المشفى شهد على الصمود الأسطوري للجنود الابطال الذين استطاعوا صّد عشرات الهجمات من إرهابيي النصرة الذين استخدموا أطناناً من المُتفجّرات على أسواره بهدف اقتحامه، لكن ارادة الصمود والحياة كانت أقوى، وخرج اصحابها إلى النور من جديد.
الوقائع الميدانية التي حصل عليها "العهد الاخباري"، نقلا عن مصادر خاصة، تشير الى ان الجيش السوري استطاع بعد عملية امنية دقيقة، ملحقة بعملية عسكرية ناجحة، فك الحصار وتأمين وصول وحدات الجيش المحاصرة في المشفى الوطني في جسر الشغور.
وحسب المصادر، حصلت قيادة الجيش السوري على معلومات نبهته الى ان المجموعات المسلحة شارفت على الانتهاء من إعداد نفق يصل الى اسفل المشفى الوطني، بعد استقدام المدعو "أبو مصعب شنان"، الذي يعد أحد أبرز خبراء حفر الأنفاق في ما يسمى بأحرار الشام إلى محيط المشفى، وكشفت المعلومات ان المجموعات المسلحة تجهز كمية ضخمة من المتفجرات، تقدر بعشرات الأطنان، لنسف المشفى بمن فيه من الجنود والمدنيين.
وعليه، تقاطعت معلومات الجيش السوري مع معلومات أدلى بها "أبو عيسى الشيخ"، القائد لما يسمى بألوية صقور الشام، بأن المجموعات المسلحة شارفت على انهاء عقدة مشفى جسر الشغور، وان النفق شارف على الانتهاء، بالإضافة الى التحذيرات التي كان يرسلها الجنود داخل المشفى، عن سماعهم أصوات حفر تتم قرب المشفى. القرار اتخذ، ولم يكن يحتمل التأخير، عملية عسكرية يتم من خلالها فك الحصار وتأمين خروج الجنود والمدنيين من داخل المشفى.
 وعلى الفور بدأ التخطيط للعملية، واختارت القيادة العسكرية توقيتا مهماً لتنفيذها، وهو الوقت الذي لا تتوقعه المجموعات المسلحة، ففي تمام الساعة الثامنة والنصف من صباح الجمعة، وبعد اتفاق حصل بين قيادة العمليات في منطقة القرقور وسهل الغاب بريف حماة الشمالي، مع الجنود داخل المشفى، على تنفيذ تكتيك السهم لكن بشكل معاكس، في تجربة عسكرية جديدة ضمن تكتيكات الجيوش المتبعة.
  يعتمد هذا التكتيك على أسلوب تقدم تتخذه قوات الجيش، ويأتي على شكل اندفاعة جنود بعملية عسكرية مباغتة، وتقدم عنيف بأعداد كبيرة، باتجاه المكان المحاصر، لرفع الحصار عنه، مع دعمه بإسناد ناري كثيف وقوة نارية صاروخية. التكتيك الجديد للجيش السوري، كان يتطلب من عناصر الجيش داخل المشفى ان يكونوا هم رأس السهم، مع دعمهم بشكل كبير بالنيران والوسائط، وبالفعل تم تقسيم العناصر إلى ثلاث مجموعات، وكانت المجموعة الأخيرة، وقوامها 30 عنصراً، تتولى امر التحكم والسيطرة والقيادة، الامر الذي فاجأ المسلحين واربكهم، فهم لم يتوقعوا هذا النوع من التكتيكات العسكرية، بل أن يكون الهجوم من خارج أسوار المشفى الى داخله.
وفي ساعة الصفر، بدأت وحدات الاسناد الناري عملها المتقن والدقيق، فسلاح الجو نفذ أكثر من 80 غارة جوية على مناطق انتشار المسلحين في محيط المشفى الوطني، وعلى طول الطريق الذي تتقدم به القوات المنسحبة حتى بلدة الكفير، بالتوازي مع تنفيذ المدفعية السورية لمئات الرميات المدفعية، على محاور عدة كان ابرزها السرمانية ومعمل السكر واشتبرق والتي أوقعت عشرات القتلى في صفوف المسلحين وأسهمت بشكل كبير في فتح الطريق أمام القوات المنسحبة، لتتوجّه تلك القوات من الكفير الى معمل السكر ومن ثم القرقور لتصل الى الزيارة في ريف حماة الشمالي.
حزام النار هذا، والذي استطاع من خلاله الجيش السوري تأمين خروج المجموعات المحاصرة من المحور الجنوبي للمشفى، باتجاه بلدة الكفير والتي تبعد عن جنوب المشفى حوالي 2 كم، وفي هذه المسافة خاضت وحدات الجيش المنسحبة، مع وحدات النخبة المتقدمة للتأمين والتمشيط، اشرس المعارك أسفرت عن مقتل عدد من المسلحين وفرار الكثير منهم.
ساعات الانتظار كانت طويلة على قادة العملية، الا ان صبرهم تكلل بالفرج، ففي تمام الساعة الثانية ظهراً وصلت المجموعة الأولى من جنود الجيش الى معمل السكر، اما المجموعة الثانية فقد وصلت عند السادسة والنصف، لتلتحق بها المجموعة الثالثة في التاسعة مساء، حيث كانت المشافي الميدانية بانتظارهم لمداواة المصابين على ان تقوم سيارات الاسعاف بنقل من كانت جراحه خطرة الى مشافٍ أخرى في مصياف واللاذقية.
العملية العسكرية التي كان التنسيق العالي والتخطيط الدقيق السمة الابرز فيها، شكلت نقطة تحول نوعية في عمليات الجيش السوري، الذي بدأ بابتكار تكتيكات عسكرية تتوافق مع طبيعة المعارك، وتتماشى مع القدرة العالية على السيطرة والتحكم، بالإضافة الى الاعتماد على بنك أهداف ومعلومات يساعده بتنفيذ المهام القتالية الموكلة له.
العهد