ماذا بعد تدمر؟

ماذا بعد تدمر؟

أخبار سورية

الأربعاء، ٢٧ مايو ٢٠١٥

كثرت التحليلات السياسية والصحافية عن إنسحاب الجيش السوري من مدينة تدمر في وسط سورية، بعضها تحدث عن إمكان وصول تنظيم "دأعش" الى مدينة حمص ثم الى العاصمة دمشق، وبالتالي سقوط الدولة، لاسيما أن سبق هذا الانسحاب، سقوط مدينة جسر الشغور في محافظة أدلب في يد "جبهة النصرة"، وهذا الأمر ليس مستغرباً، فالكلام عن قرب "إنهيار الحكم" في "الجارة الاقرب" ليس مستجداً، بل جاء مكملاً للعدوان العسكري والاقتصادي المقام ضدها منذ نحو خمسة أعوام، ويأتي في سياق الحرب النفسية التي تشن على الشعب السوري، لإحباط معنوياته، وضرب ثقته بدولته، لاسيما بعد الإنجازات الاستراتيجية التي حققها الجيش السوري وحزب الله في القلمون، للتعمية عليها.

لاريب أن سورية تمر بوضع دقيقٍ في المرحلة الراهنة، خصوصاً في ضوء محاولات الدول الشريكة في العدوان إحداث تبديل في موازين القوى على الأرض، لمصلحة فروع تنظيم "القاعدة" في بلاد الشام، ولهذه الغاية، تزودهم هذه الدول بمختلف اشكال الدعم اللوجستي والبشري والاستخباراتي والتوجيهي اللازم لتحقيق الغاية المنشودة، ولكن حتى الساعة لم ينجح التكفيريون في قلب المعادلة الميدانية، بحسب ما تؤكد مصادر ميدانية متابعة، وفي الوقت عينه لا تنفي خطورة المرحلة الراهنة ودقتها، لافتةً الى ان الهجوم التكفيري على "تدمر، كان فوق إمكانيات وحدات الجيش السوري المنتشرة فيها، لاسيما أن المدينة التراثية مفتوحة على مدينتي دير الزور و البوكمال، ثم محافظة "الانبار" في العراق، حيث يأتي المد البشري والدعم اللوجستي للمسلحين، إضافة الى أن المدينة المذكورة، مفتوحة على سلسلة الجبال التدمرية الوعرة، لذا يتطلب الدفاع عنها تعزيزاتٍ عسكريةٍ كبيرةٍ، في وقت لدى الجيش السوري أولوياتِ استراتيجية في بقع جغرافية أكثر خطورةً من تدمر في هذه المرحلة المفصلية، فآثر الانسحاب تكتيكياً منها، برأي المصادر.
وبوصول "داعش" الى تدمر في وسط الاراضي السورية، يكون استولى على عقدة مواصلات، تؤدي الى كل من مناطق: دير الزور، حقل الشاعر- حمص والضميّر- ريف دمشق، ولكن لا أحد بامكانه أن يحدد وجهة تحرك المسلحين في المرحلة المقبلة، على حد قول المصادر. وتلفت الى أن طريقي "الشاعر" و "الضميّر" مكشوفة أمام الطيران الحربي السوري، أما طريق "دير الزور"، إضافةً الى منطقة "غرب الفرات"، فيدخلان ضمن نطاق عمليات التحالف الغربي، حيث تستهدف طائراته بعض مواقع "داعش" و "النصرة" في هاتين المنطقتين. وترجح المصادر تجّنب تحليق الطيران السوري في "نطاق التحالف"، خصوصاً في غياب التنسيق المباشر بين قيادة الجيش السوري و"التحالف" في شأن ضرب مواقع "القاعدة"المنتشرة على الاراضي السورية.
وفي إطار إتخاذ التدابير الدفاعية، للتصدي لأي تمدد تكفيري محتمل، لاسيما بعد التطورات الميدانية الأخيرة شرقي حمص، أشارت المصادر الى ان الجيش السوري عزز وحداته المنتشرة على خطي "الضمير- الغوطة الشرقية" و "البادية- الحدود الاردنية"، لان استيلاء "تنظيم الدولة" على تدمر، يمهد الطريق أمامه للتقدم باتجاه هذين الخطين، ما يحتّم على القيادة العسكرية تعزيز حمايتهما تحسباً لأي طارىء، تختم المصادر.