مخاض لولادة معارضة سورية جديدة في القاهرة.. ثم ماذا بعد..؟

مخاض لولادة معارضة سورية جديدة في القاهرة.. ثم ماذا بعد..؟

أخبار سورية

الأحد، ٢٤ مايو ٢٠١٥

تتجه المعارضة السورية نحو إعادة تشكيل نفسها في كيان سياسي جديد، أوسع من "الائتلاف المعارض" الذي يتخذ من تركيا مقراً له، وبحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية فإن ولادة هذا الكيان ستكون خلال يومي 8 و 9 من شهر حزيران القادم، وكما يوضح عراب هذا المشروع "هيثم مناع" فإن 200 شخصية من "المعارضين المدنيين والعسكريين" سيكونون في المؤتمر الذي سيعقد في القاهرة لإعلان الولادة الجديدة للمعارضة، وبالتالي فإن "المعتدل" المناع قرر أن يعتدل وفق المنهج الأمريكي ويصبح في خانة واحدة مع قادة الميليشيات المسلحة، ليكون لكيانه الجديد شكلاً سياسياً وميليشياوياً يمكن أن يكسب رضا الأمريكيين ليكون الممثل الوحيد لـ "المعارضات السورية"، وعليه يجلس المناع وجوقته جلوس الند إلى طاولة "المفاوضات" مع الحكومة السورية، وهو ما يبحث عنه أمريكياً قبل أي قوة سياسية أخرى متدخلة في الملف السوري بشكل عدائي لدمشق.

السؤال الذي كان يطرح نفسه عن سبب تأجيل مؤتمر القاهرة بين المعارضات السورية الذي كان مقررا انعقاده في شهر نيسان الماضي، أجاب عنه الإعلان المصري، إذ إن التأجيل لما بعد لقاء كامب ديفيد الذي جمع أوباما بقادة الخليج، أفضى إلى أن التأجيل كان مناطاً بهذا اللقاء، ليصار إلى التوافق على الشكل السياسي والميليشياوي المراد للكيان السياسي الجديد للمعارضات السورية، في خطوة قد يقصى من خلالها شخوص الائتلاف من المشهد المعارض إن لم يدخلوا في الكيان الذي سينتج في القاهرة، وذلك بكون الائتلاف عجز عن إقناع جبهة النصرة بدخوله إلى مدينة إدلب ليعلن عن عاصمة ثانية في سوريا، في خطوة يقصد من خلالها نقل التجربة الليبية واليمنية، والتي أفضت إلى التصعيد الميداني أكثر في كلا البلدين، وذلك على الرغم من إن التصعيد الميداني حالياً في أوجه، ولكن كيف للولايات المتحدة الأمريكية أن تبلغ الروس بأنها مقتنعة أنه لا بديل عن الرئيس السوري بشار الأسد، وفي ذات الوقت تلعب على ورقة التغير في بنية المعارضة بما قد يقنع حلفاء سوريا في وقت لاحق للعب على وتر إنهاء الأزمة من خلال حل سياسي لايكون للدولة السورية الحالية وجود فيه، بمعنى إن واشنطن تحاول أن تكسب هامش وقت يسمح لها بمناورة سياسية قابلة للنقاش من قبل الحكومات الحليفة لدمشق، لكن الثابت في هذه النقطة أن موسكو وبكين وطهران، لايمكن أن تثق بالمشاريع الأمريكية لكونها مشاريع ذات مفنعة أحادية الجانب، تصب دوماً في خانة واشنطن وحليفتها الإستراتيجية الأساسية تل أبيب.

المشكلة في فهم المعارضات الخارجية للأزمة السورية تتمثل في تقديم خيار التعديلات الحكومية ودخولهم إلى منظومة العمل الحكومي السوري ضمن مناصب معينة تتناسب والرؤيا الأمريكية قبل خيار مكافحة الإرهاب المستشري في سوريا، والثابت إن هذه المعارضات باختلاف ميولها وتمويلها تعمل على الصيد في بركة الدم السوري، في مواقف لا تختلف كثيراً عن بعضها، فالمناع الذي استقال من هيئة التنسيق المعارضة لأسباب شخصية، شكل تيار قمح، ثم عاد ليكون رأس الحربة في مشروع الكيان المعارض الجديد، في خطوة من الواضح إنه يتخلى فيها عن "مدنية العمل الثورجي"، مقابل مكتسب شخصي وعد به ضمن شكل الدولة التي يريدها الأمريكيون في سوريا، واللافت إن يبقى المعارضون والمعترضون على مواقفهم، محاولين تغير مواقعهم في صفوف المعارضات، دون أن يكون ثمة شكل جديد للمشروع السياسي الذي سيطرحونه للحل السياسي في سوريا، فمن ضيع أربع سنوات دون القبول بالجلوس لمناقشة نقاط أساسية أهمها محاربة الإرهاب، لا يمكن أن يكون قادر على تحديد اولوليات الدولة، فالمستفيد من الفوضى المنتشرة في سوريا هم الأطراف التي تغذي هذه الفوضى بكل أشكال الدعم، ومن هذه النقطة، يبنى فهم واضح جداً، مفاده، أن المعارضات المنشغلة في تشكيل كيانات سياسية جديدة مقدمة المناصب على الدم السوري، في وقت تعلو فيه الأصوات الشعبية المؤيدة لرأي الحكومة السورية في ضرورة محاربة الإرهاب، لن تقدم أي إضافة إلى مشاورات جنيف، أو منتدى موسكو، أو أي عملية سياسية تطلق في الشأن السوري سوى مبررات جديدة لاختلاق خلافات مع الحكومة السورية لعرقلة الحل لا أكثر، وهذه المهمة الأساس لكل الكيانات السياسية للمعارضات الخارجية، القديمة منها والجديدة هي عرقلة الحوار لحين الوصول إلى أعلى ذروة في التسخين الميداني ليصار إلى مشروع تقسيم لن يمر بفعل صلابة القرار السوري، والمعطيات الدولية من حلفاء سوريا، فلا يمكن تقسيم سوريا، إلا إذا اقنع محور المقاومة بحل نفسه، أو أقنعت روسيا، بأن دمشق بشكلها الحالي ليست الامتداد الإستراتيجي لموسكو إلى المياه الدافئة، أو أن تقنع بكين بأن دمشق، ليست الضامن لسلامة منطقة الشرق الأوسط، بالتالي.. ما الذي يمكن أن ينتظره السوريون من كيان مناع.