فــوج إطفـاء درعـا يطفـئ الحرائق ولا يجد مـن يطفــئ لـهيب مشكلاته.. سـيارات الـنجـدة الأولـى بـلا وقــود والاهتراء يـأكل جنبـاتها

فــوج إطفـاء درعـا يطفـئ الحرائق ولا يجد مـن يطفــئ لـهيب مشكلاته.. سـيارات الـنجـدة الأولـى بـلا وقــود والاهتراء يـأكل جنبـاتها

أخبار سورية

الأحد، ١٤ يناير ٢٠١٨

وليد الزعبي
ليس بخافٍ على أحد مدى خطورة المهمات التي تقوم بها أفواج الإطفاء وخاصة في ظل الأوضاع الراهنة، حيث يتدخل رجالها وفي أصعب الظروف غير مبالين بمدى خطورة ذلك على حياتهم في سبيل إنقاذ أرواح الآخرين والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة من خلال إخماد الحرائق، وأمام ذلك لا أحد يتوقع أن تكون جاهزية سيارات ومعدات تلك الأفواج إلا بالمستوى العالي وحقوق رجال الإطفاء إلا بالمستوى المطلوب، لكن الواقع في فوج إطفاء درعا عكس ذلك تماماً ولا ينم عن إدراك المعنيين به لأهمية عمله وضرورة تمكينه من التدخل السريع والفاعل وحصر الأضرار في حدودها الدنيا.
344 مهمة
إن حجم العمل كبير جداً في فوج إطفاء درعا، ووفقاً للإحصاءات الموثقة لدى الفوج 5 فإن عدد مهمات الإنقاذ وإخماد الحرائق المنفذة خلال عام 2017 وفي ظل ظروف قاسية وصعبة بلغ 344 مهمة، تتوزع بين 96 مهمة في حوادث الحريق العادية و21 في حرائق الكهرباء الناجمة عن ماس كهربائي و4 في حرائق الغاز و183 في حرائق الأعشاب والمزروعات و8 في حرائق القمامة ومهمة واحدة في حادث انهدام وتصدع و16 في حوادث حريق السيارات، إضافة إلى 6 مهمات مختلفة.
من دون وقود
يتواجد في فوج إطفاء درعا 14 سيارة إطفاء، وحسب رجال الفوج، فإن مجلس المدينة الذي يتبع له الفوج لا يبالي بالجاهزية التي يفترض أن تكون بالحالة القصوى ضمن الظروف الراهنة، إذ لا يزود تلك السيارات بالوقود الكافي وخاصة منها سيارات النجدة الأولى البالغة 5 سيارات، وقد شاهدنا بأم العين عداداتها وتبين أن مؤشر الوقود على الأحمر أي على الاحتياط، وأكد العناصر أن هذا الوضع غير مقبول أبداً ولاسيما أن هذه السيارات في حال حدوث طارئ يستدعي التدخل السريع ستكون عرضة للتوقف وعدم إكمال تنفيذ مهمتها لاحتمال نفاد وقودها في أي لحظة وهو ما حدث فعلاً في بعض الحالات، والنتائج من جراء ذلك لن تكون محمودة العواقب، لافتين إلى أن نفاد المازوت من السيارات سيتسبب أيضاً بإرباكات في عملية إعادة تشغيلها بعد تعبئتها من جديد بسبب الرواسب في أسفل خزان الوقود، مع التنويه بأن السيارات في حال عدم وجود مهمات تقتضي تحركها ينبغي تشغيلها مرتين في اليوم الواحد (نهاراً وليلاً) للحفاظ على الجاهزية، وأشار رجال الفوج إلى أنه لا يوجد أي مبرر لمنع تزويد السيارات بالوقود الكافي، وإذا كان هناك شك من مجلس المدينة بسوء استخدام ذلك الوقود لأغراض أخرى فلا مانع لديهم من التحقيق من أي جهة للتأكد من أنه يصرف فقط لحركة السيارات في العمل، علماً أنه توجد لكل سيارة بطاقة شهرية محدد فيها المهمات والمسافات المقطوعة وهو ما يبين كمية الوقود المستهلكة، مع التنوية بأن الفوج طلب من المجلس إحضار وتركيب عدادات لساعات العمل الفعلية للسيارات من أجل دقة صرف الوقود، كما طالب بإقفال خزانات وقود السيارات لمنع أي خلل قد يحدث، لكن المجلس لم يستجب لذلك، واللافت للعين المجردة لدى الاطلاع على سيارات النجدة الأولى أن الهيكل المعدني الخارجي لها قد أكل الصدأ بعض جنباته وأصابها بالاهتراء، كما أن أبواب أماكن العتاد والمضخات تالفة أو منزوعة من مواقعها وهي تحتاج إلى إعادة تأهيل وترميم في أسرع وقت ممكن.
احتباس للعتاد
توافر العتاد اللازم لإنجاح أداء المهمات ضروري جداً، وحسب مصادر الفوج التي التقيناها، فإنه وصل منذ نحو شهرين عتاد جديد يشتمل على خراطيم متنوعة وقواذف مياه وأجهزة اقتحام وشفط دخان وتعبئة أسطوانات هواء وستر إطفاء وجزمات شتوية لزوم الحرائق والفيضانات ومناشير خشب وحديد وغيرها، وقد قام رئيس مجلس مدينة درعا باحتباسها وعدم تسليمها للفوج حتى تاريخه على الرغم من الحاجة الماسة لها في أداء المهمات، علماً أن مكانها الطبيعي ينبغي أن يكون في مستودع الفوج من أجل استخدامها في المهمات، كما بيّنت المصادر أنه تم تقديم طلبات لشراء عتاد إطفاء ضروري غير الوارد ذكره آنفاً على حساب الموازنة المستقلة لمحافظة درعا، ومن أهم هذا العتاد على سبيل المثال، غاطسة ماء كهربائية لزوم فصل الشتاء والتدخل وقت حدوث فيضانات في أقبية الأبنية السكنية أو غيرها، وكفوف جلد عازلة للحرارة والكهرباء وبيل لزوم الحرائق وصاروخ قص، وهي بقيمة لا تتعدى 2.5 مليون ليرة سورية، إلا أن رئيس مجلس المدينة رفض رفعها للمحافظة متذرعاً بعدم وجود اعتمادات مالية بالمحافظة، وهذا ما كان سبباً في عدم تقديم طلبات أخرى لتأمين عتاد ضروري لعمله.
حقوق مهضومة
أوضحت مصادر فوج الإطفاء أنه أصيب نتيجة مهمات الإنقاذ 5 من رجال الإطفاء خلال عام 2017، وعلى الرغم من ذلك فلا يوجد أي تأمين صحي وطبي لهم، حيث لا يزال مطلبهم بالتشميل بمظلة التأمين الصحي معلقاً ولا يجد آذاناً مصغية لتلبيته أسوة بدوائر أخرى عملها لا يقارن من حيث الصعوبة والخطورة مع عمل فوج الإطفاء، كما أن صرف بدل الأعياد توقف منذ منتصف عام 2015 وحتى منتصف 2017، علماً أن هناك مرسوماً يقضي بذلك، وحتى عندما عاد الصرف خلال النصف الثاني من عام 2017 لم يتلاءم مع التعليمات النافذة التي راسلت بها وزارة الإدارة المحلية محافظة درعا بالكتاب رقم 4270 ص/ط تاريخ 10/10/2017، حيث إن ما يحصل الآن هو أن مجلس مدينة درعا يصرف التعويض الإضافي عن يوم واحد فقط خلال الأعياد لكل رجل إطفاء يعمل بنظام ورديات 24 ساعة عمل يليها 48 ساعة راحة، على حين أن كتاب الوزارة المذكور أكد أن تعويض الإضافي يصرف عن كل يوم عمل مكون من 8 ساعات، ما يعني أن رجل الإطفاء الذي يداوم وردية عمل لمدة 24 ساعة يستحق الإضافة عن ثلاثة أيام، أضف لذلك أنه لا يتم صرف بدل ساعات الاستدعاء التي تتم لبعض العناصر خارج أوقات الدوام للقيام بأعمال خاصة بالفوج، كما لا يصرف بدل الاستنفار.
مطالب بعقود سنوية
ولم يتوقف الأمر عند عدم صرف التعويضات بل هناك مطالب من رجال الإطفاء الذين يعملون بموجب عقود مؤقتة بتحويل هذه العقود إلى سنوية، ولاسيما أن بعضهم له حوالي 5 سنوات يعمل بموجب هذه العقود ورواتبهم على هذا الأساس لا تكفي لسداد احتياجاتهم المعيشية بحدودها الدنيا، كما إن بقاءهم على هذا الحال سيجعلهم في حالة من القلق على مستقبلهم وأسرتهم لاحتمال إلغاء عقدهم المؤقت في أي وقت ليصبحوا في الشارع ضمن قائمة العاطلين عن العمل، وأضاف رجال الإطفاء إنهم لم يستلموا مستحقاتهم من الحرامات منذ عام 2012، علماً أنه يفترض تسليم كل واحد منهم 4 حرامات بعد مضي 4 إلى 5 سنوات على تسليمها، كما ذكروا أن جميع أفواج القطر تحصل على اللباس الرياضي السنوي عدا فوج درعا، حتى إن اللباس السنوي الذي يصرف عادة في الربع الأول من العام لم يحصل عناصر الفوج عليه بشكل كامل بحجة عدم توافر اعتماد كاف لذلك.
التدفئة من جيوبهم
نظراً لخروج مقر الفوج الرئيس في مدينة درعا من الخدمة لوقوعه في منطقة ساخنة، أصبح يداوم في حديقة ضمن حي المطار في المدينة، والعناصر يقيمون في غرفة مسبقة الصنع وهي باردة جداً خلال فصل الشتاء وتحتاج إلى تدفئة، لكن الذي يحدث أن المكيف الموجود لا يقلع في ظل ضعف التيار الكهربائي، والمدفأة الموجودة لا يتوافر لها المازوت الكافي في ظل شح الكمية التي يقدمها مجلس المدينة.
الجاهزية لا تحتمل التقشف
وبشأن الجاهزية، أكد رئيس فوج إطفاء درعا العقيد محمد المحاميد حقيقة ما تقدم، مشيراً إلى ضرورة تزويد سيارات الإطفاء بالوقود الكافي لأداء العمل الذي لا يحتمل التقشف أو الانتظار، وضرورة تسليم العتاد الوارد من الوزارة إلى الفوج لتدعيم ما لديه من عتاد، وتالياً رفع مستوى الأداء وسرعة تنفيذ المهام، وأوضح قائد الفوج على صعيد التدفئة أنه منذ عدة أيام نفذ رجال الفوج مهمة في ساعات الليل المتأخر (من 9.5 ليلاً وحتى 12.5 بعد منتصف الليل) لإخماد حريق نشب في سوق الحميدية وعاد العناصر مبللين والبرد يسكنهم إلى المهجع الذي كانت مدفأته من دون مازوت، فتم صرفهم لبعض الوقت إلى منازلهم لتبديل ملابسهم والاستحمام والتدفئة ومن ثم العودة، وفي يوم آخر بارد تم شراء المازوت للتدفئة على حساب العناصر حيث دفع كل منهم 200 ليرة وجرى شراء كمية كوقود لمدفأة المهجع، لافتاً إلى أن هذا الوضع ينبغي ألا يستمر حرصاً على حسن أداء رجال الفوج لعملهم على أكمل وجه.
هل يستمر؟
ما تقدم يؤشر إلى أن واقع جاهزية غير مقبول أبداً في فوج إطفاء درعا، ما يعني احتمال تدني أداء المهمات الحيوية المرتبطة بالحفاظ على حياة الناس وممتلكاتهم على المستوى المطلوب، وهذا يستدعي الوقوف على الاستهتار واللامبالاة لمجلس مدينة درعا لأهمية عمل فوج الإطفاء ودفعه إلى تقديم كل مستلزمات العمل الذي لا يحتمل التقشف أو المماطلة أو التأجيل، علماً أن رئيس اتحاد عمال محافظة درعا أحمد الديري أثنى على الجهود الكبيرة التي بذلها ويبذلها رجال الإطفاء خلال الأحداث الراهنة التي يكتنفها الكثير من المخاطرة بالنفس تلبية لنداء الواجب للحفاظ على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة وحصر الأضرار قدر المستطاع في أدنى حدودها، مشيراً إلى أن مطالب رجال الفوج المحقة وصلت الاتحاد، وهي محط اهتمام ومتابعة وينبغي الأخذ بها ومعالجتها بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية، وذلك من أجل النهوض بجاهزية الفوج وتحفيز العاملين فيه على استمرار التفاني في عملهم الحيوي والمهم الذي يحمينا جميعاً.