بوابة بادية دير الزور الجنوبية ... بيد الجيش السوري

بوابة بادية دير الزور الجنوبية ... بيد الجيش السوري

أخبار سورية

الاثنين، ٢١ أغسطس ٢٠١٧

جدّد الرئيس بشار الأسد طرحه رؤية دمشق للحل في سوريا عبر مكافحة الإرهاب والمصالحات، مهاجماً الدور الغربي والتركي الداعم للإرهاب، ومشدداً على أن عودة العلاقات رهن تغيّر ذلك الدور. في موازاة ذلك، ضغط الجيش ليثبّت نقاطه في عمق البادية، فارضاً سيطرته على بلدة حميمة قرب حدود دير الزور الجنوبية
منذ دخول اتفاقيات «تخفيف التصعيد» حيّز التنفيذ على معظم الجبهات المشتركة بين الجيش السوري والفصائل المسلحة، والتي أتت بعد سلسلة «هدن» قلقة ضمن إطار محادثات أستانا الأول، دخلت عمليات الجيش وحلفائه ضد تنظيم «داعش» في المنطقة الشرقية، مرحلة حاسمة وجديدة.
التحول وتركيز الجهود على تنظيم «داعش»، تماشى مع رؤيةٍ كررتها دمشق وحلفاؤها مراراً، حول أولوية مكافحة الإرهاب وضرورة عزله عن مسار الحل السياسي. اليوم، ومع اقتراب الجيش من دير الزور بخطوات ثابتة، تبدو تلك الرؤية مكرّسة بشكل أوضح، ولا سيما أن مسار محادثات جنيف افترق عن الميدان لحساب جهود أستانا والتفاهم الروسي ــ الأميركي في الجنوب.
وتنظر دمشق بعين الارتياح إلى الوضع الحالي، مراهنة على أن ما لم تخسره في الميدان لن تخسره في السياسة، مع كامل إدراكها بأن عدم تقديم التنازلات في مسار الحل السياسي، سوف يعمّق القطيعة الغربية. وبدا توجهها نحو مكافحة الإرهاب وعقد المصالحات إلى جانب تطوير الاقتصاد مع حلفاء الميدان والسياسة، محور حديث الرئيس بشار الأسد، أمس، خلال افتتاح مؤتمر خاص بموظفي وإداريي وزارة الخارجية، في دمشق. الخطاب الذي أتى بالتوازي مع تحضيرات لجولات جديدة من المحادثات، تضمّن رسائل عديدة إقليمية ودولية. إذ شدد الأسد على أن «كل ما يرتبط بمصير سوريا ومستقبلها، هو موضوع سوري مئة في المئة»، مضيفاً أن أي عمل سياسي لا يبنى على أساس مكافحة الإرهاب «لا قيمة له».
وركز على أن مشروع الدول الغربية فشل حتى هذه اللحظة «ونحن لم ننتصر أيضاً حتى هذه اللحظة. ولو أن بوادر الانتصار موجودة»، موضحاً أن «وحدة الأراضي السورية هي من البديهيات غير القابلة للنقاش... ولن نسمح للأعداء أو للإرهابيين بأن يحققوا بالسياسة ما عجزوا عن تحقيقه بالميدان وعبر الإرهاب». وحول رؤيته لمبادرات «تخفيف التصعيد»، اعتبر أن «الجوهر واحد، وهو وقف سفك الدماء وعودة المهجرين وإدخال المساعدات الإنسانية وتسوية الأوضاع... وبالتالي عودة سيطرة الدولة وخروج المسلحين وتسليم السلاح». وعن مسار «أستانا» ووقف الأعمال القتالية، أكد أن دمشق «تعاملت بإيجابية... انطلاقاً من رؤية وطنية واضحة ومن ثقةٍ كبيرة بأصدقائنا في إيران وفي روسيا». وقال إن «مشاركة وفد (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان في هذا المؤتمر تعطيه دوراً في سوريا. هو يسعى إلى دور يشرعن وجود وحدات تركية في سوريا»، مضيفاً أن «موقفنا كان واضحاً، وهو أن أي شخص تركي موجود على الأرض السورية من دون موافقتنا هو محتل». وشكر الأسد كلاً من حزب الله وإيران وروسيا والصين، على دعمهم لسوريا، موضحاً أن ذلك «جعل إمكانية التقدم الميداني أكبر، وخسائر وأعباء الحرب أقل». وختم بالتأكيد أن أي تعاون أمني أو فتح سفارات مع الدول التي «ناصبت سوريا العداء» ــ حتى مع بعض الدول التي بدأت أخيراً تتحدث عن أنها تسعى إلى دور في حل المشكلة ــ مشروط بقيامها «بشكل واضح وصريح... بقطع علاقتها مع الإرهاب والإرهابيين».
وجاء كلام الأسد، بالتوازي مع تغييرات يشهدها الجانب المعارض، الذي يخوض محادثات داخلية تهدف إلى صياغة تفاهمات أولية حول عدد من بنود الحل السياسي، والخروج بوفد واحد يجمع منصات المعارضة الثلاث، في الرياض والقاهرة وموسكو. ومن المقرر أن تشهد العاصمة السعودية اليوم، اللقاء الأول لتلك الوفود، بعد تأجيل انعقاده أمس، بسبب تأخر وصول وفد «منصة موسكو». كذلك، تشهد العواصم الإقليمية والدولية عدداً من اللقاءات المهمة للملف السوري، بينها زيارة أردوغان للملك الأردني عبدالله الثاني، اليوم، تزامناً مع وصول وزير الدفاع الأميركي جايمس ماتيس إلى عمّان، قبل انتقاله إلى أنقرة. ويعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الأربعاء، لقاءً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي الروسية، سوف يركز على الوضع السوري.
أما في الميدان، فقد حقق الجيش وحلفاؤه تقدماً مهماً في بادية حمص الشرقية، عبر السيطرة على بلدة حميمة التي شكلت مقراً أساسياً لتنظيم «داعش» على حدود دير الزور الجنوبية. وترافق تحرك الجيش مع استهدافات مدفعية وجوية كثيفة نفذها الجيش ضد نقاط التنظيم في محيط البلدة. وتمكنت القوات المتقدمة من تثبيت نقاطها داخلها، على الرغم من كثافة الهجمات المضادة التي شنها التنظيم لمنع ذلك، والتي استخدم فيها مفخخات وعدداً كبيراً من المسلحين. وبالتوازي، كثف الجيش نشاطه جنوب موقع الكوم التاريخي، وتقدم نحو تلة سيرتل غرب بلدة الطيبة في ريف حمص الشرقي، مقلصاً المسافة التي تفصله عن الوحدات المتمركزة شمال السخنة إلى 20 كيلومتراً. وهو ما قد يفضي إلى حصار جيب آخر يسيطر عليه «داعش»، بين محور الكوم ــ السخنة شرقاً، وجبل الفاسدة والخشابية غرباً. كذلك، نشّط الجيش عملياته غرب جبل الشاعر، في محاولة للتقدم من محوري جبلي الشومرية وأبو ضهور، نحو جبل البلعاس.