في عرف المجتمع والناس الزواج الثاني للمرأة.. اتهامات بالتخلي عن الأسرة والأنانية المفرطة.. وتجاهل لحقوقها!

في عرف المجتمع والناس الزواج الثاني للمرأة.. اتهامات بالتخلي عن الأسرة والأنانية المفرطة.. وتجاهل لحقوقها!

أخبار سورية

الجمعة، ٢٤ فبراير ٢٠١٧

لم يمض عام على وفاة زوجها حتى فاجأت الجميع بقرار زواجها الثاني، لتبدأ الأحاديث، والتحليلات الصباحية من قبل أصدقائها، ومحيطها الاجتماعي لقرارها هذا، ولسان حال الجميع يقول: هل هذه هي مكافأة سهى لزوجها، ووفاؤها له، متناسين أن أطفالها مازالوا صغاراً، وبحاجة إلى من يرعاهم، ويوفر لهم احتياجاتهم الأساسية، فقد اعتاد مجتمعنا على الغفران للرجل، وإيجاد مئات المبررات لزواجه الثاني في حال وفاة زوجته، أو حتى طلاقهما، تحت ذريعة عدم قدرته على إكمال حياته دون زوجة ترعاه، وترعى أطفاله، وفي المقابل لا يتوانى المجتمع ذاته عن توجيه أصابع الاتهام بعدم الوفاء، والأنانية للمرأة عند زواجها للمرة الثانية، فلماذا يرفض المجتمع زواج المرأة لأكثر من مرة، وبخاصة في حال وجود أولاد؟! هل يعد هذا الرفض تبريراً رادعاً لعدم وفاء الزوجة في حال وفاة زوجها، أو حتى طلاقها، ليصل الأمر إلى حد ما إلى أخلاقها، وكأن المجتمع يصور الزواج الثاني أو الثالث للمرأة على أنه وصمة عار!.

أكثر نجاحاً

أظهرت دراسة جديدة أن الزواج الثاني أكثر نجاحاً من التجربة الأولى، بعد أن يكون الرجل والمرأة قد أصبحا أكبر سناً، وأكثر حكمة من السابق، وخلافاً للاعتقاد السائد، فإن الزواج لمرة ثانية بعد الطلاق، أو حتى بعد  وفاة الزوج، يبدو أكثر نجاحاً، ولفتت الدراسة إلى أن 45% من الأزواج الذين تزوجوا لأول مرة خلال العام الحالي يتجهون إلى الطلاق، بينما تنخفض هذه النسبة إلى 31% بالنسبة للذين يتزوجون للمرة الثانية بعد إنهاء العلاقة الزوجية الأولى، فالزواج الثاني بشكل عام أفضل من الأول، حسب الدراسة، لأن الأزواج دائماً ما يتزوجون للمرة الثانية وهم في سن أكبر من الزواج الأول.

بين الرفض والقبول

كثيرة هي الحالات التي قابلناها لنساء خضعن لتجربة الزواج الثاني، وقليلات منهن من باءت تجربتهن الثانية بالفشل، مبررات فشلهن بمقارنة الزواجين ببعضهما، وعدم القدرة على تناسي فشلهن في الزواج الأول، ومنهن من كان الزواج الثاني بداية لحياة جديدة بالنسبة لهن، معتبرن أن الزواج الثاني هو تجربة جديدة استفدن خلالها من تجربة الزواج الأول، ولكن بشرط عدم وجود أولادو ذلك أن زوج الأم لم ولن يكون بمثابة الأب من ناحية العطف والحنان الذي يقدمه لأطفال الزوجة، وبالتالي لن يعوّض مكان الأب الحقيقي!.

في المقابل نفت أخريات هذا الكلام، فالخالة زوجة الأب لن تكون بمثابة الأم، وبالتالي زوج الأم الثاني لن يكون ملاكاً أيضاً، لكنه أيضاً لن يحمل تلك القساوة التي يصوّرها لنا المجتمع، خاصة أننا بتنا في عصر أكثر وضوحاً وتفهماً، وعند قرار الأم لزواجها الثاني، لابد أن تكون قد درست خياراتها بشكل أنضج من الزواج الأول، في حال كانت مطلقة، أو حتى أرملة، ويجب أن تستوعب سلبيات التجربة الأولى، وأسباب فشلها، والاستفادة من هذه التجربة لإنجاح تجربة الزواج الثاني، بعيداً عن المقارنات السلبية بين الزواجين الأول والثاني، كذلك استيعاب شخصية الزوج الثاني بعيداً عن ترسبات الماضي، وفي المقابل كان لكثير من النساء رأيهن بتفضيل البقاء أرامل ومطلقات على أن يكررن تجربة الزواج مرة أخرى خوفاً من نظرة المجتمع القاسية لهذا الموضوع، وحفاظاً على أبنائهن من آثار الزواج الثاني، والسبب الأهم هو الخوف من الخضوع لتجربة زواج ثانية بعد الفشل الذي لحق بالمطلقات من الزواج الأول، وعدم الرغبة بتكرار هذا الفشل مرة ثانية.

الوعي والعقلانية

لا ننكر الظلم الكبير الذي يوجهه مجتمعنا للمرأة، إن كانت عازبة، أو أرملة، أو مطلقة، فمجتمعنا الشرقي، برأي الدكتورة رشا شعبان، “علم اجتماع”، يختزن كماً هائلاً من المواقف والاتجاهات القديمة تجاه المرأة، والتي يظهرها عند أول موقف تخالف به المرأة معتقدات هذا المجتمع الخاطئة، ومجتمعاتنا للأسف تظلم المرأة على مستوى عدم إعطائها الحرية في تقرير طريقة حياتها، متناسين أن حياة المرأة تخصها بالدرجة الأولى، وأنها إنسان له كيانه، وله وضعه الخاص، وحاجاته، وشؤونه، ولها حياتها التي تعيشها لنفسها، وتسعد بها، لذا لابد من إعطائها هامش حرية أوسع عند اتخاذها لأي قرار يخصها، مع تقديم المشورة والنصيحة في حال قرارها الثاني للزواج، خاصة إذا كان هذا القرار بمثابة هروب من المشاكل التي تصاحب المرأة عند عودتها لمنزل أهلها مرة أخرى مع أطفال، أو حتى دونهم، عندها سيكون قرارها يحمل نوعاً من التهور الذي قد يقودها إلى تجربة زواج فاشلة تحمل عواقب أكبر مما ستحملها في حال عودتها إلى منزل أهلها، أما في حال كان قرارها الزواج للمرة الثانية صادراً عن وعي وإدراك لإيجابية هذا الزواج، وعقلانية قرارها، فيجب عليها أن تراعي عدم المقارنة بين التجربتين، وخضوعها التام لبداية جديدة لا تنعكس آثار التجربة السابقة عليها، واحتياج المرأة للزواج الثاني ليس مادياً فقط، ولا عاطفياً فقط، وإنما هناك احتياج شديد لوجود إنسان، شريك، سند يشاركها الحياة، وتجربة الزواج الثاني عند المرأة تنجح غالباً، لأنها تكون أكثر إيجابية، وأكثر قوة وعطاء، وتبذل جهداً، وتضحيات أكبر.

ميس بركات