في غياب الشريك المفترض.. المرأة العصرية.. قناعة بامتلاك مقومات النجاح وأفكار تصنف الزواج كعائق حقيقي أمام طموحها ..

في غياب الشريك المفترض.. المرأة العصرية.. قناعة بامتلاك مقومات النجاح وأفكار تصنف الزواج كعائق حقيقي أمام طموحها ..

أخبار سورية

الجمعة، ٢٨ أغسطس ٢٠١٥

تحررت من كل عادات المجتمع البالية التي طالما رسمت أقدار النساء، فمهما درست وناضلت في سبيل الحصول على شهادتها العلمية تبقى الشهادة الأكبر في نظر المجتمع هو “العريس” الذي يرسم ملامح المستقبل واستقرار الحياة في عيون القدر، لم تشعر سمر لمرة واحدة بحاجة إلى من يدير شؤونها، فمنذ أن كانت طالبة في الجامعة تسكن لوحدها، ووجدت لنفسها عملاً يضمن لها مصروف الدراسة والمعيشة، وقد سردت لنا بعض التفاصيل والصعوبات في بداية الأمر، ولكنها عادت لتؤكد أنها اعتادت نمط حياتها الفردي، وأحبت الاستقلالية التي سوغت لها بيتاً مستقلاً عن منزل العائلة لزوم البقاء في دمشق، ما دفعها إلى تبني فكرة رفض الزواج واعتباره عائقاً حقيقياً أمام طموح المرأة الناجحة، فهل فعلاً الرجل عدو نجاح المرأة، والعزوف عن الزواج هو الطريق إلى تحقيق طموحها والوصول إلى القمة، وماهي نظرة المجتمع لهذه الظاهرة؟
بيت الأحلام دون رجل
يقر المجتمع الشرقي وجوب وجود عريس يبني بيت الأحلام، وبيت الزوجية يؤمن مستقبلاً جميلاً آمناً من غدر الزمن، إلا أن المرأة المثقفة الواعية برهنت قدرتها في رسم مستقبل آمن وناجح بالاعتماد على قدرتها وثقتها بنفسها وعلمها، تضيف سمر بأن عملها هو أساس حياتها وتبذل قصارى جهدها في التفوق والتميز، وهو ما أعطاها فرصة أيضاً في الحصول على قرض استطاعت شراء بيت جعل من أحلامها حقيقة واثقة وآمنة من “غدر الزمن والبشر” حسب تعبيرها، ومن هنا نقول إنه لم يعد هناك ارتباط بين الاستقرار ووجود الرجل في حياة المرأة، حيث كفل عملها كافة شروط الاستقرار والاستقلالية.

عروض غير مناسبة
ولأن أسلوب الحياة العصري فتح المجال واسعاً أمام قدرات المرأة لتعيش وحدها، قادرة على إدارة شؤونها وتلبية حاجاتها دون الاستعانة باخ أو صديق، ودون الشعور بضرورة القبول بأي عرض زواج غير مناسب، حسب ما تؤمن به عواطف، وهي الصحفية الناجحة في حياتها المهنية والتي استطاعت أن تحفر اسمها في ذاكرة الحياة، وتؤكد على أنه لم ينقصها سوى وجود رجل يشاركها أحلامها وضغوط حياتها وعملها، لكن القدر بخل عليها بمن تحلم، وتكررت العروض غيرالمناسبة، وأضافت أنها تمنت الزواج لما يعنيه من استقرار وتكوين عائلة وأطفال، إلا أن “حظي هيك” حسب تعبيرها والكثيرات من صديقاتها أيضاً، لم يتزوجن مطلقاً لقلة العروض المناسبة، فأكملت حياتها عواطف بالاكتتاب على شقة سكنية لتحقيق أول أحلامها ويضمن لها الخروج من وصاية الأهل أو الأقارب الذكور بغياب الرجل، وتابعت أقساطه حتى استلمت بيتها المنتظر فكان جنتها دون “عريس اللقطة”، وسقف المنزل الذي يحمي رأسها، لم يعد حكراً على الرجل، صار حقاً من حقوقها وواجباتها أيضا تجاه نفسها، حق يرمز إلى كل مطالبات المرأة بالتساوي مع الرجل ويتوج إنجازاتها ككيان أساسي في المجتمع يحق له أن يقرر أسلوب حياته.

الزواج “سترة”
تعترض معظم الأمهات على أسلوب الحياة الجديد لبناتهن، وعلى مبدأ “الزواج سترة”  تقول أم معن بأن الزواج سنة الحياة وسترة للفتاة، ويؤمن لها استقراراً نفسياً واجتماعياً يحميها من لسان الناس، وتكمل حديثها وعينها على بناتها الخمس متمنية أن يحظوا بمن يفرح قلوبهن و”يستر عليهن” وهي عبارة تكاد تكون لصيقة بكل دعوى توجه إلى فتاة في أغلب الأماكن المحافظة، بالرغم من حرصها على تعليم بناتها وحصولهن على فروع في الجامعة ، إلا أنها تقول إن المجتمع لا يرحم والفتاة مصيرها إلى بيت زوجها، وإلا لاكتها الألسن ونغصت حياتها، على اعتبار أن الفتاة الغير مرتبطة تكون غير ملتزمة اجتماعياً وأخلاقياً.

الحب والتوازن
على المرأة أن تكون متوازنة في إدارة حياتها وشؤونها، كما تقول الأخصائية الاجتماعية الدكتورة رشا شعبان، وإن هذا التوازن وعدم تبني وجهات نظر خاطئة كالنجاح الفردي دون الرجل، أو أن الرجل عدو النجاح، يجعل من قراراتها أكثر منطقية وعقلانية، ففي حالات وجود رجل يشاركها النجاح والتألق في مسيرتها، لمَ لا؟ وهي الأكثر جمالاً وتفوقاً بوجود استقرار عاطفي ونفسي، ونحن نعرف أن الحب يطيل العمر عدا عن كونه مصدراً للطاقة الإيجابية والذكاء وتدفق القدرات، أما هناك حالات فقد لا تحظى المرأة بمن يدعم مسيرتها، بل قد يعرقلها بفكره المنغلق وتعصبيه لذكوريته فدونه أفضل.
الاعتماد على الذات.. شعارها
وهنا على المرأة أن ترفع شعار نجاحها بالاعتماد على قدرتها الذاتية، متكئة على عقلها وواثقة بقدراتها، بعيدة عن المجتمع ونظرته التقليدية، وشرحت د. شعبان كيف أن المجتمع غيّر جزئياً هذه النظرة، تبعاً للظروف التي فرضت ضرورة وجود المرأة المثقفة والعالمة خارج إطار المنزل، وتقبل وجودها باستقلالية كاملة غير مشروطة، ولا ننسى الأزمة التي فزرت الكثير من النساء دون رجال نتيجة الموت أو الطلاق أو حتى الخطف، فكانت المرأة السورية قادرة على إكمال مسيرتها دون معيل أو وصي عليها.

وأخيراً…
نحن بدورنا نقول لقد تخلصت المرأة المثقفة والفاعلة في المجتمع من سيطرة العادات والتقاليد المجتمعية بفضل دراستها وثقافتها وشخصيتها القوية، واستطاعت التحدي والإصرار على إثبات جدارتها في إدارة شؤون حياتها مستقلة عن الأهل أو الرجل، فهناك أمثلة كثيرة لنساء كنّ أكثر فاعلية وتأثيراً في المجتمع وهنّ عازبات مستقلات، كما أن التاريخ مليء بالزيجات الفاشلة التي أرغمت المرأة على ضرورة تقبل وجود رجل في حياتها تماشياً مع المجتمع، فعانت من خلالها الكثير من العنف والاضطهاد، عدا عن تكوين أسر غير متوازنة وإنتاج أفراد معاقين نفسياً، وهنا يكون الطلاق، أبغض الحلال والمنبوذ اجتماعياً، حلاً حقيقياً ناجعاً في تصحيح مسيرتها وحياتها،  لذلك المرأة هي الوحيدة القادرة على رسم طريقها مع نبذها لأي فكرة بالية قد تعيق وتؤثر على مسيرتها، وعلينا كإعلام ومجتمع إعادة تأهيل المرأة وتمكينها ثقافياً واجتماعياً كي لا تظلم نفسها أو يظلمها المجتمع.

فاتن شنان