رجل يشفي الناس بطاقة النظر

رجل يشفي الناس بطاقة النظر

نجم الأسبوع

الأحد، ٢٥ أكتوبر ٢٠٠٩

يمتلك كل فرد منا طاقة خاصة، وقواه الخفية التي قد يستعمل الجزء القليل جداً منها فتؤهله للقيام ببعض الأعمال التي نجدها استثنائية خارقة، لكنها في الواقع طبيعة ميزته لأنها تواجدت فيه، وفي مفهوم الطاقة أن لها تأثيرها على الآخر، وقد تتمركز في النظرات. الكلام. الحركة. الفعل. حيث أكدت الميثولوجيا مثل هذا، وتحدثت عن بشر عبر عنهم في عصرنا الحالي أدب الخيال العلمي.

أبــو وحــيــد

حين قابلنا أبو وحيد البالغ من العمر 93 سنة، وجدناه طبيعياً. مرحاً. لا شيء يوحي بما سمعنا عنه في شفاء أمراض البهاق. الثآليل. الأكزما. السكر. العيون. ونورد ملاحظة أن ما دفعنا لزيارته هي السمعة الطيبة، والأحاديث التي تدور عن إمكانيته في الإشفاء، وزواره كثر، يأتون من المحافظات السورية. لبنان. أنطاكية. الأردن. يميز الرجل تواضعه الكبير، وأخلاقه، فهو لا يدّعي، ولا يقبض أموالاً مقابل عمله الذي يعتبره خيراً ويقوم به لوجه الله تعالى، وهذا من المتعارف عليه بين أبناء منطقته، ومن يحضرون لعنده، ولا ندري إن كانت مقدرته نابعة من إيمان، وهي مسألة علمها عند الله، أما العلم فإنه يتردد بين قبول مثل هذه المظاهر، أو رفضها، وتختلف النظريات حولها، لكنها قائمة، وتحقق نجاحها، والأنموذج الشعبي يتقبلها ويمارسها، خاصة في غلاء أسعار الأدوية والأطباء، واستعصاء أمراض مثل البهاق من الشفاء، لكن أبو وحيد يخرق هذا الاستعصاء، ويدمره، فكيف ذلك؟

الأحــلام

حين كان أبو وحيد في الثانية عشرة من عمره رأى في حلمه أنه جاء إليه أحدهم وأعلمه أنه بطريقة النظر يستطيع شفاء الثآليل، فاستيقظ دون أن يأخذ بالموضوع ولم يفكر به، وبعد مدة وعن طريق المصادفة انتبه أن على أصابع أحد رفاقه "ثآليل"، فطلب إليه أن يراها، وهذا ما حصل فعلاً، وبعد أسبوع لاحظ المصاب أنها قد اختفت تماماً، مما دفعه للتكرار والاكتشاف والمتابعة والاهتمام، وبدأ الخبر ينتشر بين الناس، وصاروا يأتون للعلاج، وهكذا جرب مع البهاق. والأكزما. والسكر. والعيون.

التــوازن جديد الـدكتــور نبـيـل طـعمـة

عن المدونة بقلم المهندس محمد طعمة 

شخصية العدد على الأزمنة تاريا هالونين

سفير فنلندا في دمشق في لقاء خاص للأزمنة 

سمعنا أحاديث عن رجال ونساء حضروا وهم في حالة اليأس ثم عادوا محاولين تقبيل يديه كنوع من الشكر، وهو لا يدّعي المشيخة، ويرفض أنها معجزة، ولا يقبل إلا أن يكون إنساناً يعيش حياته كما يرغب، وله ماضيه، وكان يميل سابقاً إلى النساء، ووضعه المادي أقل من عادي، ورفض منذ البداية مغادرة قريته، وبقي في أرضه يعمل، يشفي الناس وهم يشفون ويرجعون لتقديم ما يمكن، لكنه يرفض، وله رأيه في ذلك، فما جاء من خلال الحلم لا يتاجر به، وهي هبة منحها له الله جلّ جلاله كنوع من التكريم، وحافظ عليها، ولن يبخل في ما منحه الله، ولن يستغله، هذه هي أفكاره التي يطبقها، يصل عدد زواره إلى خمسين أو أكثر كل يوم، وبرغم كبر سنه إلا أنه دائم الابتسام، مرحباً بالجميع، لا يفرق بينهم، ولا يفضل واحداً على آخر.

صــدق أو لا تــصــدق

حدّثنا أبو وحيد عن أحلام كثيرة تأتيه، حلم بحرب تشرين قبل قيامها بأسبوع، وعن قيام الحركة التصحيحية التي قادها الرئيس حافظ الأسد، وبحرب تموز التي خاضتها المقاومة، وهو يرويها كجزء من حياته، فما يراه بالحلم يجسده في الواقع على أنه حقيقة شارك فيها، فيقول مثلاً: (رأيت نفسي مقاتلاً) أي بما معناه أن قناعته بالحلم جعلته يشارك بالفعل، وقد حدّثنا أبناء قريته عن أحلامه التي لا تخيب، ومن يقول لها أبو وحيد أن العريس سيحضر فسوف تتزوج بعد وقت قصير جداً، وإذا كنا قد آمنا بتفسير الأحلام، ووقفنا إلى جانب علم النفس فيما يخصها فعلينا أن نقدر أن مسلسل أحلامه مستمد من مشاهدة الثانية عشرة من العمر، حين أوحى له زائر المنام إلى إمكانية الإشفاء بالنظر، وسنربط هذا بما يطلق عليه علم النفس الطاقة البشرية، ومنها ما هو كامن لا يستفاد منه، أو متأجج يقدم الخير، وعكسه، ومن المعروف أن نسبة عالية من الطاقة المذكورة يفتقدها الإنسان لمجرد ولادته ومع تطور العمر قد تغيب بكاملها عند بعض الأشخاص، ويبقون مجردين دون أي تأثير وغالباً ما يميلون للسلبية، والحيادية في الحياة، ولا أثر لتوهج نفوسهم، وأبو وحيد من الذين يحلمون ولا يفسرون أحلام الغير، فخصوصيته تنصب بحلمه مما يشير إلى سلامة عنصر الخيال بذهنه.

عــشــبــة نــادرة

سوف نبتعد عن موضوعنا قليلاً، لكن يمكننا ربطه به من خلال القوة المتواجدة على الأرض ونحن نعيش عليها، فقد حدّثني الشاعر اللبناني ألبير حرب أنه عانى خلال سنوات من مرض الكلية، ما تتطلب غسلها كل أسبوع، وبالمصادفة قابل رجلاً فقدم إليه ماء عشبة خاصة تناولها مدة شهر واحد فقط، ثم شفي تماماً، ولم يعد بحاجة للغسل حتى الآن، قد تكون المسألة طبيعية، لكن المستغرب بالأمر أن العشبة لا تنبت إلا ضمن مساحة ضيقة من بستان متواجد في إهدن، وليست موجودة بأي مكان آخر، وأجرى الشاعر حرب بحثاً عنها، ولم يتمكن من العثور عليها لا في سورية ولا لبنان، وهي عشبة موسمية تستمر مدة شهر واحد، اكتشف صاحب الأرض المغترب مفعولها بالمصادفة، ثم صار يحضر سنوياً في موسمها لقطافها وغليها والمعالجة بمائها.

على كل حال أوردنا ذلك كي نشير إلى علاقة الأرض بالإنسان، وكلاهما يـأخذ من الآخر، وكما للأرض قوتها كذلك للإنسان، وما الحلم والخيال والطاقة إلا من عناصر تكوينه، فأي سر يحمله أبو وحيد؟ السؤال يحتاج لشرح الفلسفة وهو طويل وإذا دخلنا فيه فسوف يفقد موضوعنا هدفه.

قابلنا بعض الذين شفاهم - والشافي هو الله جلّ جلاله- حدّثونا كل حسب اعتقاده. ثقافته. ومفاهيمه الحياتية.

إجمالاً تلك المظاهر اللامدعية، أو الداجلة، من الجدير التوقف عندها، ودراستها علمياً، الإنسان وطاقاته الخفية، ولأننا أهملنا الفلسفة كثيراً، وابتعدنا عن البحوث، والنظريات في علم الكون والوجود، فسوف نفقد الكثير من المظاهر المتواجدة بيننا دون أن نعطيها أي اهتمام، ولو أن ثمة اهتمام بالعشبة النادرة، لو أنها حللت ودرست، وتم السعي لانتشار زراعتها لأنقذت الكثير من أمثال الشاعر الذي شعر كأنه ولد من جديد، ولا بد أن الشفاء من المرض سيخلق هذا الشعور، والولادة الأخرى تعني عودة الأمل، وتجديد النظرة صوب الحياة.

على كل حال أبو وحيد متواجد في قريته، وهو يستقبل الناس ويمكن للمهتم أن يحضر ويقابله، ونعتبرها دعوة من مجلة الأزمنة، علنا بذلك نساهم في خدمة المرضى، ونؤدي دوراً إعلامياً هو من واجبنا- يضع سره في أضعف خلقه- وهذا الرجل النحيل جداً، والضاحك دائماً، والقريب إلى القلب، يبعث الراحة في نفس زائره، وهو ما شعرت به وأنا أصغي إليه، وفي حديثه الجذب النادر الذي لا يتوفر إلا عند القليل من البشر.

زهــير جــبــور