لقاء خاص مع الفنان التشكيلي: عبد الباقي كورو سليمان

لقاء خاص مع الفنان التشكيلي: عبد الباقي كورو سليمان

نجم الأسبوع

الأحد، ١٢ يوليو ٢٠٠٩

الفنان كوروعاشق لرسم الطبيعة بفصولها وتجلياتها وتضاريسها، وورودها وحنانها وقسوتها.. وهو لا يملّ خصوصاً من رسم زهرة دوار الشمس، وشقائق النعمان المتواجدة بكثرة في بساتين وحدائق الجزيرة السورية فأمتع العين بأسلوب فني راق عالي الذوق والدقة والوضوح مستخدماً الألوان الزيتية بمهارة عالية، أدخل معها ورق الذهب والفضة كما رسم أعماله القديمة بأسلوب تعتيق، أما الأعمال الجديدة نرى أنه استخدم العديد من الألوان، وأغلبها البنفسجي والأزرق، ومع ذلك كانت أعماله حزينة تنتقل من القديم إلى الجديد.. إلاّ أن ذلك لا ينفي نظرة الأمل والتفاؤل في بعض اللوحات مثل( لوحة الورود البيضاء) والتي نال عليها شهادة تقدير عندما شارك بها في مهرجان المحبة الأول عن ذلك يقول كورو: (بحزني وألمي وشقائي أقوى إنسان ميت بين الأحياء)

عندما يرسم الفنان (كورو) يسمع أغان من المنطقة التي نشأ فيها وخاصة البزق والناي وعلى صوت إبراهيم طاليس لأنه كما يقول: (أمزج تلك الألحان مع الألوان ثم أرسم على المساحة البيضاء من القماش وأسيطر عليها من خلال قوة انفعالي للحالة التي أشعر بها، فالحزن غالباً ما يولد الإبداع أو يكون باعثاً له.

أما عن تعلقه بالطبيعة وحنينه الدائم لقريته(سفر) قال: إني لم أتذكر ملامح وجهي عندما كنت في قريتي )سفر( بل أتذكر كل ذرة من ذرات ترابها وبيوتها الطينية وحقولها وبساتينها وسنابل القمح، وأقراص عباد الشمس وشقائق النعمان وزهورها الملونة بألوان نيروز وطيورها وحيواناتها وأطفالها وشيوخها ونسائها.

*وما سر تكرار لوحات عباد الشمس في أعمالك؟

- إن لعباد الشمس مكانة خاصة لدي فمنذ طفولتي وأنا أزرعها مع والدي حول البساتين فهي رمز الطفولة والبراءة والسعادة والأمل.

 

وعن سر غياب الإنسان في لوحاته قال:

اللوحة الفنية لدي تشكل فسحات للنظر تأخذنا إلى أماكن عاش فيها الإنسان ولم يستطع الحفاظ عليها فأشعر عبر أعمالي أنه إذا دخل الإنسان إلى الطبيعة فسوف يشوهها، لذلك تصل لوحتي للمتلقي بفطرتها وحيويتها وجمالها الطبيعي عوضاً عن التشخيص المباشر، ولكنها تحمل عواطف إنسانية.

الفنان (كورو) المولود عام 1964 في قرية سفر القريبة من مدينة الدرباسية (محافظة الحسكة)، عضو اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين، درس الفن دراسة خاصة، له العديد من المعارض الفردية والجماعية، كُرِّم في بينالي اللاذقية الأول سنة 1995، ونال شهادة تقدير من وزارة الثقافة، من معارضه الجماعية. المعرض السنوي للفنانين التشكيليين السوريين، المعرض السنوي لفناني القنيطرة ،معرض بمناسبة عيد المرأة العالمي، معرض في بيروت بعنوان الفن والسلام، معرض تحية للفنان ألفريد حتمل، معرض الزهور الدولي معرض أوراق الخريف.يقول الناقد سعد القاسم عنه :

لوحاته عبارة عن مشاهد طبيعية مما تراه عينه أو مما تحفظه ذاكرته البصرية من الأزهار بشتى أنواعها من أقحوان وعباد الشمس وبالألوان الزاهية، متجذرة في الأرض أو رؤيتها مقطوفة في آنية، ويمكن أن تعتبر هذه اللوحات مستمدة من المدرسة الواقعية، ولكن الفنان لا يريد أن يسميها طبيعة صامتة، بل أحب أن تكون من الطبيعة الحيَّة، لما وضع فيها من أحاسيسه ومشاعره المرهفة، فهذه اللوحات ليست كاللوحات العادية فهي عبارة عن عصارة خبرته المتراكمة عبر ثماني عشرة سنة من رسم الورود، فهو يعيد رسم اللوحة الواحدة عدة مرات حتى يصل إلى تعبير عن الجمال المخزون في ذاكرته عن طفولته وقريته سفر، وليدلَّ عن الحالة الوجدانية التي هو فيها، أما بالنسبة للألوان فنلاحظ أنه يرسم بالألوان القاتمة للتعبير عن الحالة الوجدانية الحزينة التي يعيشها دون أن ينفي وجود نظرة الأمل والحب والتفاؤل.كذلك طرح الناقد التشكيلي أديب مخزوم رأيه فقال :

الزهور كما يبدو هي الموضوع الحي والثابت في يوميات ورسومات (كورو)، وهي تجنح نحو الواقعية في محاكاة سمات الأصل بوضوح وتوازن وانسجام وأناقة وعفوية أحياناً.... فاللوحة المعروضة هنا تتناسب مع طروحات أو نداءات العودة إلى الرسم الواقعي الذي يمكن أن يلاقي القبول من شريحة واسعة من الجمهور، وبالمقابل يمكن أن يلاقي الرفض من قبل بعض النقاد والفنانين والمتذوقين.

والتقنية التي يمارسها تندمج هنا مع طموحات الوصول إلى لمسة عفوية تحرك العناصر الجامدة، إنه شعور بإمكانية تجاوز التفاصيل الدقيقة عبر إضفاء المزيد من الكثافة اللونية ليصل من خلالها إلى نفحة شعرية وغنائية تتجاوز المعطيات السياحية الرتيبة التي نجدها على سبيل المثال في اللوحات الاستشراقية، وعلى هذا الأساس جاءت أعماله حاملة نفحة لونية حديثة جانحة نحو الغنائية والشاعرية رغم محافظته على قدر كبير من الإشارات الواقعية القادمة من مصادر فنية نهضوية ورومانسية، وهذا يوصله إلى ضفاف المناخ التعبيري إلى المعبر عن تقنيات الحالة الداخلية العاطفية.

ريم الحمش