سيرغي لافروف

سيرغي لافروف

نجم الأسبوع

الأحد، ١ نوفمبر ٢٠١٥

لم تكن مشاركة إيران في مباحثات فيينا، وغياب البحث فيها حول مصير الأسد، أول انتصارين دبلوماسيين يحرزهما لافروف، ولن يكونا الأخيرين.
وقد تسلم سيرغي لافروف في عام 2004 حقيبة وزارة الخارجية الروسية، التي يعمل فيها نحو عشرة آلاف موظف، لا يتجاوز عدد الدبلوماسيين منهم النصف. وهم يعملون لكي تسقط الحاجة في تطبيق السياسة الخارجية الملائمة لبلادهم إلى جهد مئات الألوف من العسكريين والموارد والضحايا.
وتنتفي العلاقة بين إمكانيات روسيا العسكرية وقدراتها الدبلوماسية، فهي كانت متساوية في حقبة وزير الخارجية أندريه كوزيريف “السيد نعم”، وفي حقبة وزير الخارجية يفغيني بريماكوف.
ولقد كتب المستعرب الروسي الشهير أليكسي فاسيلييف، مقارنا بين الشخصيتين: “في أعقاب حرب القرم (التي جرت بين روسيا من جهة وتركيا وحليفتيها فرنسا وبريطانيا من جهة أخرى) بين عامي 1853 – 1856، وخلال لقاء الأمير ألكسندر غورتشاكوف – وزير خارجية روسيا المغلوبة على أمرها – نظيره وزير خارجية بريطانيا المنتصرة في الحرب، سقط منديل جيب الوزير البريطاني على الأرض، فما كان من الوزير الروسي إلا أن داسه بحذائه.
وقد وقعت حادثة مشابهة بعد مئة وأربعين عاما ونيف، عندما سقط منديل وزير الخارجية الأميركي وورين كريستوفر من جيبه في أحد لقاءاته مع الوزير الروسي كوزيريف، الذي انحنى دون إبطاء، لكي يرفعه عن الأرض ويعطيه لزميله الأميركي.” ويتابع فاسيلييف: “ومع أن وزير الخارجية الأكاديمي يفغيني بريماكوف يترفع عن دوس منديل نظيره الأميركي، فإنه يأبى أن ينحني لالتقاطه.. إنه يحافظ على ماء وجه روسيا الشاحب.”
وقد فشل أيضا إيغور إيفانوف، الذي خلف بريماكوف، في إدارة السياسة الخارجية لروسيا في وقت استثنائي لها، حيث كانت تعيش مرحلة تحولية عميقة ومؤلمة، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، جعلت الغرب يعتقد أن عهد روسيا كدولة كبرى قد مضى وانقضى.
وقد كان لافروف منذ عام 1994 إلى عام 2004 مندوبا لروسيا في الأمم المتحدة، حيث كان مجلس الأمن يناقش باستمرار الملف العراقي، ويبحث المفتشون الدوليون عن أسلحة الدمار الشمل في بلاد الرافدين، وكان الرئيس الراحل صدام حسين يطردهم أحيانا. في ذلك الحين أضفى موقف روسيا الصلب إزاء المسألة العراقية على لافروف سمعة الرجل، الذي يقف بحزم ضد تفرد واشنطن رغم أن موسكو لم تستطيع الحيلولة دون غزو العراق.
وبعد خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشهير في ميونيخ الرافض للأحادية القطبية في العالم عام 2007، جرت محاولة لتطبيقها في جورجيا في عام 2008، فقاومتها موسكو عسكريا وانتصرت، ولم يدع لافروف النصر العسكري يتحول في عهد الرئيس دميتري مدفيديف إلى هزيمة دبلوماسية ونجح في ذلك.
أما في عام 2013 فقد خاطر لافروف في سعيه لتجنب توجيه ضربة أميركية إلى سوريا، حيث توسط مع الرئيس السوري بشار الأسد، الذي تعهد بتسليم جميع الأسلحة الكيميائية، التي تملكها دمشق إلى السلطات الدولية، لأن وزير الخارجية الأميركي جون كيري كان على وشك التراجع عن تعهده بالخروج سلميا من الأزمة، ولأن المسلحين كان يمكن أن يقوموا باستفزاز ضد المفتشين الدوليين. لكن كل شيء نجح، وأمكن تجنب اندلاع حرب أميركية كبرى في سوريا، وكتبت الصحافة الأميركية آنذاك أن “الدبلوماسيين الروس انتزعوا من الأميركيين خبز يومهم.”
وتبقى لدى الدبلوماسية الروسية مهمات صعبة، ومن بينها الأزمة في خاصرة روسيا الأوكرانية، ونشر الدرع الصاروخية في أوروبا. وقد نجحت الدبلوماسية الروسية في نزع فتيل الأزمة الأولى حيث لم تندلع “الحرب الباردة” من جديد. وفي ظل نجاح معالجة الملف الإيراني، الذي لعب فيه لافروف الدور الأبرز، يبدو أن الدبلوماسية الروسية بقيادة لافروف ستنجح في إقناع الجانب الأميركي بسقوط الحاجة إلى هذه الدرع ولو بعد حين.