نوري إسكندر

نوري إسكندر

نجم الأسبوع

السبت، ٢٩ أغسطس ٢٠١٥

يخوض المؤلف الموسيقي نوري إسكندر منذ عام 1964 وحتى الآن في تجارب موسيقية من أجل تطويع المقامات والأجناس بمرونة وأصالة ضمن حركة حوارية ديناميكية، لخلق حوار موسيقي وفكري في آن واحد ولخلق موسيقى جديدة مستمدة من التراث السوري والعربي وبلغة موسيقية محلية، مستفيداً من المعطيات الإيجابية في الموسيقى العالمية في علوم الهارموني والصيغ المفتوحة. كما اشتهر باشتغاله على الموسيقى السورية وبحثه عن جذورها وجمعها ونقلها من تراث شفوي معرض للضياع، إلى مدونات يمكن أن تعطي فكرة واضحة عن التطورات التي مرت فيها في مختلف العصور.

وبذلك يعتبر نوري إسكندر من أكثر الباحثين والمؤلفين الموسيقيين السوريين اهتماماً بتوثيق الموسيقى السورية القديمة ولاسيما السريانية (الكنسية أو المدنية) التي تعود لكل من مدرسة الرها (أورفا) ومدرسة دير الزعفران، حيث قام بجمعها ضمن كتابين وفق نظام الكتابة الموسيقية الحديثة (التنويط)، وله أعمال هامة بدا فيها شغوفاً بتحقيق تداخل الأجناس والعلاقة بين المقامات الشرقية والغربية.

وعن ذلك يقول نوري إسكندر: «التراث الموسيقي السوري هو حصيلة مجموعة ألحان فولكلورية شعبية وأصيلة ومعبرة عن روح الشعب وأفراحه ومعاناته».

وبرأيه، فإن أبرز مميزات هذه الموسيقى الأصيلة هي:
- بناؤها على أساس الأجناس الشرقية (تتراكورد) مثل جنس الراست، البياتي، السيكاه، الحجاز، الصبا... الخ.
- تراكيبها الإيقاعية بسيطة ومركبة ومتميزة، بعضها خاضع للوزن الشعري للنص وبعضها مخالف.
- تراكيبها اللحنية مؤلفة من خلايا وجمل موسيقية خاصة، حيث لا نجد أمثالها إلا في الموسيقى الشعبية حالياً في العراق وسورية ولبنان والأردن وفلسطين.

يقول: «تعتبر الموسيقى السريانية مرجعية هامة للموسيقى السورية ذات الشخصية المتميزة وهي تتألف من قسم من الألحان القديمة التي كانت تغنى في المعابد قبل المسيحية، والقسم الآخر هو من الألحان الشعبية، وقسم من تأليف وإبداع أناس آخرين يحبون الموسيقى منهم الفخارون الذين لعبوا منذ القديم دوراً متميزاً في الموسيقى. إضافة إلى ذلك هناك تأثيرات أخرى للألحان اليونانية حيث تتجاوز خمسين لحناً جاءت من جزيرة قبرص وكريت في القرن السابع والثامن وقام بترجمتها يوحنا الدمشقي ثم ترجمت إلى السريانية وتم غناؤها. مجموعة التراتيل هذه، ورغم اسمها الديني، هي ألحان شعبية تعود إلى ما قبل المسيحية، حيث يمكننا القول إنها تشكل مرجعية الموسيقى السورية».

مؤخراً، وفي حفل موسيقي موازٍ لفعاليات احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008، قامت دار الأوس للنشر بإصدار الألبومين الجديدين للموسيقي السوري الكبير، هما «رؤية» و«تجليّات».

رؤية «Vision»

يضم هذا القرص عملين هامين هما كونشرتو العود وكونشرتو الكمان الجهير (التشيلّو Cello)، مع أوركسترا حجرة الوتريات في المعهد العالي للموسيقى، قادها في كونشرتو العود المايسترو ميساك باغبودريان، وفي كونشرتو الكمان الجهير نوري إسكندر بنفسه.
Revelations
العملان هما خلاصة تجارب نوري إسكندر في تعدد الأصوات (البوليفونية Polyphony) والتوافق أو الانسجام (الهارمونية Harmony) على بعض المقامات الشرق-عربية، وأيضاً في علاقة أبعاد الأجناس (المسافات الصوتية) في المقامات ببعضها، لاسيما ما يتعلق منها بأرباع الصوت التقريبية.

تجليات«Revelations»

يعتبر هذا العمل من الأعمال الجادة الجديرة بالتأمل، والذي يجب على المستمع أن يتعايش معه ليكتشف منابع السحر والجمال والحداثة، وليكتشف أيضاً أنه خرج عن المألوف الذي اعتدناه في موسيقانا العربية، إلى جديد نحتاجه وننسى به ما عفا عليه الدهر تأليفاً وعزفاً وغناءً، وهذا يتطلب - كما فعل نوري إسكندر - توظيف الطاقات الآلية والصوتية توظيفاً مثالياً كي تخدم العمل الموسيقي فكرياً تأملياً كان أو طرباً شعبياً.

في هذا العمل، نجد أنه دمج الأصالة الشرقية بروح الموسيقى الغربية برؤية عربية خالصة هادفاً من وراء لغته الموسيقية التي يتقن، الوصول إلى المحبة بين الناس، ونجد أيضاً أنه اختار آلات بعينها بعد أن درسها دراسة موضوعية فيما إذا كانت تخدمه أم لا، لأن دراسة الآلات الموسيقية وقدراتها وإمكانياتها فن قائم بذاته، ومن أولويات أي عمل موسيقي. فليست أية آلة موسيقية وطاقتها تفرض على المؤلف والملحن الآلة التي يريد أن يعبر من خلالها عن المضمون.

من مؤلفاته المطبوعة

- بيت كازو، الألحان السريانية الرهاوية، الصادر عن دار ماردين، حلب، سورية، في 746 صفحة من القطع 17×24سم.
- بيت كازو، الألحان السريانية بالنوطة، الصادر عن دار ماردين، حلب، سورية، في 592 صفحة من القطع 17×24سم.

نوري إسكندر في سطور

- 1938: من مواليد حلب.
- 1964: حصل على ليسانس في التربية الموسيقية من القاهرة.
- 1964-1989: درّس مادة التربية الموسيقية في إعداديات حلب ودور معلميها. وفي هذه الفترة قام بتجارب موسيقية غنائية آلية على المقامات الشرقية-العربية، البوليفوني، الهارموني، وفي تداخل الأجناس وعلاقات المسافات الموسيقية ذات الأرباع.
- 1986-1989: من هذه التجارب «الثلاثي الوتري»:
- كونشرتو لآلة العود مع أوركسترا الحجرة.
- كونشرتو لآلة التشيللو مع أوركسترا الحجرة.
- تأليف وتلحين قصيدة «خطامة» للكورال وأوركسترا الحجرة للشاعر حسين حمزة.
- 1989: مجموعة حفلات موسيقية في السويد.
- 1990: مشروع مشترك مع الجالية السورية في السويد في تسجيل ألحان الموسيقى السريانية.
- 1995: إعداد «حوار المحبة».
- 2002: تأليف موسيقى للمسرحية اليونانية «باخوسيات Bacches»، لمؤلفها اليوناني يوريبيدس عام 400 ق.م. وتم تقديم هذه المسرحية الغنائية بالاشتراك مع الفرقة المسرحية الهولندية Z. T. Hollandia، في مهرجانات صيف عام 2002 في بروكسل، فيينا، كولن، أثينا، وأمستردام.
- 1986-2003: جمع الألحان السريانية من مدرسة الرها (أورفا) ومدرسة دير الزعفران ضمن كتابين، وقام بكتابتها وفق نظام الكتابة الموسيقية الحديثة (التنويط).
- 1996-2002: مديراً للمعهد العربي الموسيقي بحلب.
- 2003: تأليف «الآهات».
- 2007: تأليف «يا واهب الحب»، مدخل إلى الصوفية، الكلمات للفنان التشكيلي ياسر حمود.

المراجع

1. لقاءات مباشرة مع نوري إسكندر.
2. صحيفة تشرين، 7 شباط 2008.
3. أرشيف مجلة حويودو.