"درب حلب" لـ نضال الصالح ..وبعدُ، وقبلُ، وأبداً، فإلى حلب.....

"درب حلب" لـ نضال الصالح ..وبعدُ، وقبلُ، وأبداً، فإلى حلب.....

ثقافة

الثلاثاء، ١٤ أبريل ٢٠١٥

في كتابه "درب حلب" الصادر حديثاً عن دار الشرق للطباعة والنشر، لا يريد الدكتور نضال الصالح أن يجعل من التفاصيل علامة ما أو إشارة دالّة، فالرسالة تبقى ذاتها سواء في السرد أو القصّ أو الاختزال. في ما يقارب الخمسين نصاً كل ما هو تفصيل موظّف لخدمة المدينة، وكل ما هو عامّ موجّه لخدمة المدينة. لا تغادر حلب المدينة عوالم النصوص، تباغتك آلامها ودمها وتبقى شخصية رئيسية في الكتاب. تلك هي ببساطة حماية الكاتب بمدينته وحماية المدينة بكتّابها!..
يقول الصالح في تقديمه للكتاب : "لم يكن يعنيني من الثقافة سوى الثقافة نفسها، ولم أرتض لنفسي، ولن أفعل، الانضواء تحت ظلال هذه الإقطاعية الإعلامية - الثقافية أو تلك، أو "الحجّ" إلى مكتب هذا المسؤول الإعلاميّ - الثقافيّ أو ذاك، أو التصفيق المجّاني لهذا الكاتب أو ذاك ممّن تمّ التواضع، زيفاً أحياناً، على أنّهم "قامات" في حياتنا الثقافية، وممّن كان يسترضي جلالاتهم غير مسؤول في هذه المؤسسة الثقافيّة أو تلك، أو في هذا المنبر الثقافيّ أو ذاك، وما بين إغماضة حقيقة وانتباهتها ردّ بعضهم خيرات الوطن شروراً، لا شرّاً واحداً فحسب".
في تقديمه للكتاب نقرأ للدكتور نبيل طعمة : "لم أعجب من أديب، يتناوله عقده الخامس، سُلط عليه حزُّ الحديد فلم يتسلط، وأصابه لفح النار، فلم يحترق، وعاش ضغط الماء عذاب نكر، فلم يستخذِ للعذاب، ولم يحفلْ به، بل أقبل على الحياة راضياً مطمئناً، وقبض على كل ذلك ثائراً؛ يثير الرضى من دون سخط، داعياً للاغتباط، منادياً لا للحزن، يحيي الرجاء برفض اليأس، حرارته فاضت من حريته؛ فكان بها طليعة وفاء ورسالة نهوض وكبرياء، شكّل من خلالها جبهة صراع، حمل سلاح الكلمة، فغدا أستاذاً مؤمناً بقضايا مريديه، درب حلب قاده إلى دمشق عبره متأملاً متفكراً، ممتلئاً حباً، أملاً بالعطاء من دون حدود، حيث رغبته تعلن عنه بافتخار، بأنه حامل فكري، يشق غبار التغييب معلناً حضوره كمثقف أديب مبدع في أجناس الأدب جميعها، من أطراف وجوهر روحه الحلبية، وراح ينثرها أزاهير على سطور صفحات الدوريات المنتشرة في وطنه؛ مقالة وقصة قصيرة، ومن ثمّ رواية، ليخوض بين هذا وذاك النقد الأدبي، ويتألق فيما اتخذه سبيلاً لنشر أفكاره المؤمنة بالثقافة كعلاج حقيقي لتطور وخلاص أي مجتمع من أزماته وآفاته. فإذا كان لكل داء دواء، فإني لأعتبره لحظة أن شرفني بالتقديم، لما ضمه بين دفتي مؤَلّفِه من دواء ثقافي لكثير مما أصاب ثقافتنا من داء الوهن والترهل والتعدي ومحاولات اغتيال ثقافتنا..".

 ويقول الصالح : "في هذا الكتاب اثنان وخمسون نصّاً (..)، وهي مرتّبةٌ حسْبَ تاريخ نشرها، لتعبير كلّ منها عن حدثٍ بعينه من الأحداث التي عصفَتْ بالوطن منذ ما يزيد على ثلاث سنوات ونصف، والتي جهرتْ بغير سؤال حول غير شأن، ولاسيّما أسئلة الوعي، والانتماء، والقيَم، قيم الحقّ والخير والجمال، وقبل ذلك، وبعده، سؤال الهويّة السورية بوصفها صفة مطابقة لموصوف، أو صفة ملحقة بموصوف". نقرأ تحت عنوان " فكانَ شجرٌ، وكانَ ماء" : "لا شجرةٌ أستظلّ بضفائرها، أو تأوي روحي إلى تفّاحها، فأثملَ بخطيئة الحياة. ولا سرابُ ماء يخاتلني، فيهدأ الغليلُ في رئتيّ. ولا غيمتي أوفتْ بوعدها باللقاء، فأقطف من أبيضها زاداً لمعناي. ولا الجليلُ هنا، ليكتملَ نقصي الضالّ، ويتجلّى لي وجودٌ. يبابٌ، ووحدةٌ، ووحشةٌ، واغترابٌ، وحنينٌ لأزمانٍ مضت، وأخرى ستأتي، ولمدينةٍ، ومدنٍ، كانت، ومدينة، ومدنٍ، ستكون، ولصبيّةٍ، ذات صباحٍ في طريقها إلى المدرسة، كنتُ أهديتُها وردةً، فتلعثمَ وردُها بالوردِ.".