منحوتات عبد الله العك..ملامح إنسانية متفردة

منحوتات عبد الله العك..ملامح إنسانية متفردة

ثقافة

الثلاثاء، ١٤ أبريل ٢٠١٥

ريم الحمش

تجسد منحوتات الفنان عبد الله نغمات داخلية مكثفة، متداخلة، مجردة، هادئة الحركة استطاع بمهارة إظهارها بقوة من داخل الكتلة التي يعالجها بكل حب ومرونة ورهافة إحساسه الفني، بسبب خطوطها المنحنية التي تنساب فيما بينها بسهولة، وبحرية مطلقة، ورشاقة مقرونة بثقة كاملة بالأداء الفني مع حيوية ومهارة هائلة في الصنعة، يرافقها طموح كبير نحو المستقبل المشرق، للوصول إلى الرؤية الفنية والجمالية الخاصة به.
يعد النحات عبد الله أحد أبرز النحاتين الشباب, حاملاً بقلبه حبه لوطنه، فهو صاحب فكر مميز في الطرح بأعماله مع الحجر بتلقائية وعمق فني، حيث استطاع أن يزاوج بين أصالة الفكرة والمعاصرة, بتشكيلات نحتية منوعة تنبع من داخل كيانه الإنساني تتشكل في الفكرة والعمق الجمالي في آن, وهو يتراوح في مجمل تجاربه الفنية بين الواقعية الجديدة والتعبيرية الحرة مؤكداً مقدرته الفنية وفهمه الواسع لقضايا الفن التشكيلي المعاصر.
يقول النحات: تتميز الساحة التشكيلية في الوقت الحالي بظهور أسماء كثيرة ظهروا بفترة وجيزة أغلبيتهم ممن يبحثون في خصوصيتهم، وهنا التنافس في حد ذاته ظاهرة جميلة ولكن أعمالهم الفنية غير مكتملة في المضمون والشكل لأنهم يفكرون في تحقيق الانتشار فقط, ويعرف النحت بأنه نوع من التعبير والتفاعل مع محيط الإنسان، فهو لمحة فكرية يصوغها الفنان أو انفعال إنساني: تنهيدة أو حالة فرح، غضب، تذوق للجمال يعبر عنها بشكل مرئي ثلاثي الأبعاد.
النحات عبد الله العك من مواليد محافظة السويداء, عام 1974, عضو اتحاد الفنانين التشكيليين, يهوى النحت منذ الصغر, درس الفن دراسة خاصة, تتلمذ على يد الفنان شفيق نوفل والأستاذ الكبير فؤاد أبو عسلي والأستاذ شبلي سليم وغيرهم, له أعمال مقتناة لدى البلديات مثل بلدية الصورة الصغيرة حيث قام بإهداء مبنى البلدية أعمالاً مثل عمل قيد الإنجاز أمام المركز الثقافي في القرية ارتفاعه خمسة أمتار عبارة عن عمل تعبيري عن الشهداء, أيضاً شارك في عدة معارض معرض مركز الأبحاث في مجمع سابق في السويداء وعرض شغف من وحي الموسيقا في المركز الثقافي, وشارك بعمل عبارة عن يد تخرج من بين الأنقاض تتأمل الفرج, وقد سبق أن قام بنحت صورة لقائد الثورة السورية الكبرى سلطان الأطرش على الحجر البازلتي، ورأس غزال، ورأس فتاة، وشطرنج بشكل فني متميز وبأدوات نحتية بسيطة، وعدد آخر من المنحوتات الجميلة بمواصفات فنية لافتة, كذلك تمكن من تحويل كتلة صخرية من الحجر البازلتي القاسي تزن حوالي ستة أطنان إلى تحفة فنية، عبارة عن مصب قهوة عربية مكتملة المواصفات الفنية وتحمل نقوشاً تزيينية من الطبيعة، تعد من أكبر المنحوتات البازلتية التي تمت حتى الآن لمصبات القهوة العربية, ويصل طولها إلى 170 سم, وقد ازدان جسم الدلة فوق الزناد من الجهة اليمنى برسم حصان يقف على رجليه دليل على الفروسية، فيما ازدانت قبضة اليد بزخارف هندسية منوعة، وغطاء المصب بورقة عنب تُعبّر عن البيئة المحلية، فيما ازدان الثلث السفلي منها بنقوش ٍناعمة تسمى بوشرت فوقها زنار مزخرف عليه رسم لطائر الحمام وعرق زيتون بمساواة سماكة القبضة دلالة على السلام, ويعمل النحات عبد الله حالياً على تصنيع قاعدة من الحجر البازلتي لوضع الدلة عليها على زاويتها الأمامية تجويفات لوضع فنجانين للقهوة المرة مصنوعين من الحجر البازلتي.
معرض آفاق للفنانة أمادو في ثربانتس
افتتح معرض الفنانة الإسبانية كلارا أمادوا بعنوان : آفاق بمعهد ثربانتس المركز الثقافي الإسباني بعمان.
/ 35/ لوحة بأحجام مختلفة تقول أمادوا عن تجربتها الأفق هو نظرتك، أصلك، ماضيك، حاضرك، غدك. الأفق هو..نافذة، بوابة، لون، هو ضربة فرشاة وبقعة تحتفي الفنانة في تجربتها بآفاق المستقبل، وبخيال يستلهم الآفاق المشرقة الناصعة والشفافة، ففيها الزوايا تنظر باتجاه أفقي واضح مستلهمة أفق سلام لا يأتي من الحلم، وإنما من الواقع، ولا يتأتى ذلك إلا بتسلق السطوح الوعرة المملوءة بالصعاب.
ألوان لوحات كلارا أمادوا خريس متدرجة تتماهى مع وقع الضوء والظل وموزعة فوق سطح اللوحة بحس وانسجام، وأسلوب الفنانة المنبعث من جمال الطبيعة والبيئة التي تشكل بدورها مخزونا لونيا يُفجر عواطف ومشاعر وبراعة الفنانة.
ولا بد من الإشارة إلى أعمالها التي مثلّت وشكلّت صور الطبيعة الأردنية بأبهى أشكالها، إذ حملت أسرار البيئة الأردنية، خصوصاً تلك اللوحات التي غلبت فيها ألوان التراب وزرقة السماء بمزيج من المتخيل في وعي وروح الفنانة، والمرئي المتشكّل في الطبيعة بمنظور بصري رائع.
في لوحاتها الجاذبة يكتشف المشاهد حركة الزمن وثبات وسكون المكان، لأن الفنانة عبرت مراحل زمنية ولونية منحتها قدرة على خلق تشكيل جديد هو نتاج حواري بين الزمان والمكان عبر صياغة لونية فريدة تقود المشاهد إلى التساؤل وتحثّه على البحث عن معنى التشكيل الناتج عن شغف لا حدود له بجمالية المكان، وإدراك عميق بإعادة صياغته بانسياب فني إبداعي رائع.
وأمام تجربة كلارا أمادوا نقف طويلاً أمام أعمالها التي وثقت فيها الطبيعة الأردنية والمعالم الأجمل الموزعة من الشمال إلى الجنوب، والتقطتها بعين فنان واثق متمرّس عاشق للطبيعة يتفاعل مع محيطه بمحبة وإعجاب وشغف, والمُتابع لأعمالها يلاحظ أنها تمثل إحدى مراحل مسيرة الفنانة التشكيلية، ففي كل معرض نرى شيئاً جديداً يشكل إضافة جديدة رغم التمسّك بأسلوبها المميز بانسياب وتناغم وتناسق اللون في كل لوحاتها وحتى تلك التي تقترب من التجريد إلا أنها تحافظ على روح المكان بصيغته التكوينية، لكن بألوان وأحاسيس الرسامة القادمة من برشلونة المسكونة بالطبيعة الأردنية وخاناتها اللونية.