في ظل المسابقات الأدبية العتيدة

في ظل المسابقات الأدبية العتيدة

ثقافة

الأحد، ٢٩ مارس ٢٠١٥

محمد خالد الخضر
جاء الحسون أبو حسون ليعرض عضلاته قائلاً لا يمكن أن يسبقني أحد فأنا فائز بجائزة ما بعدها جائزة وهي جائزة فرع اتحاد الكتاب العرب في محافظة من محافظات قطرنا الجميل، ويحاول الحسون المرفرف أن يفرد بأجنحته على من حوله فالجائزة بحسب ما يوهمهم هي ضربة بطل.. ولأنني لست موجوداً في الوقت ذاك على الساحة خاض وماج فأنا أعرف مدى هذا الحسون لأنني كنت مشرفاً على المسابقة وأنا من أدرت احتفال فوزها أما المتسابقون.. فكانوا لا يتجاوزون عشرة كتاب من الشباب وكون الجائزة لثلاثة وجاءت مناصفة فمعنى ذلك أن المتسابقين هم الفائزون وعضلات صاحبنا عبارة عن بالون ينتظر دبوساً فينفجر هذا البالون ويتحول إلى هواء متشتت وفي ذلك العام كافة المسابقات كانت على شاكلة واحدة ولاسيما أن الساحة الأدبية في أغلب الأماكن كانت محكومة بميلشيات تدعي الفهم والفهلوية وتتبجح بالاشتراكية الرمزية وترفع الحرية والجنس شعارات سافرة وعلى أعقاب ذلك الوضع المفجع طلعت نتائج مسابقات بائسة ثم لحقت بفجائع الاشتراكية الرمزية الملغومة والتابعة أفقياً وشاقولياً لغرائز خارجية هي من لقحتها وفراخ هذه الاشتراكيات الآن تبعق وتنعق وتنهق في الخارج ثم انبرت مسابقة أمير الشعراء على شاكلة سوبر ستار وضاعت الحالة مابين وجع ووجع فكيف علينا أن نقتنع بأن الشاعر أو الأديب أو الفنان قد أخذ جائزة شريفة ونظيفة إذا كانت اللجنة مكشوفة ومعروفة وكيف لا نشك بنزاهتها وكل شيء تتعاطى به القنوات الفضائية يعتمد على الوسيلة المادية وبمقدورنا أن نفكر قليلاً فنرى أن الذين وصلوا على كافة الأصعدة لا يساوون ذيل حصان وفي نتيجة الانهزامات والانكسارات صار بعض المنابر الطالعة من خلف الأزمة وإذا صح التعبير من خلف الحرب على سورية تقلد تلك المسابقات ولا أريد أن أتسبب بجلطات دماغية لأحد، فاللواتي يأخذن شهادات تقدير وكلمة الحق تقال جميلات قد وعرض وطول وشكل وقمن برفع الشهادة في وجه الكمرة بشكل لائق أما الشباب الذين فازوا بجوائز في واقع الأمر أيضاً أكرموا شعرهم أكثر من شِعرهم ومشكلة الشعر هذه أصبحت وقفاً على المتشاعرين والمتفننين والمتشكلين وعلى من كان يعتبره اللقالق فناناً وأعطوه أدوار البطولة (مجدي رياض) ابن الوزير والسفير ورئيس دائرة البرامج والذي لعق حتى الشفقة السابق رياض نعسان آغا والجدير بالذكر أن مجدي رياض لم يعجبه السم المذكر فأضاف له ياء واسمه الحقيقي مجد وابتلع الكنية ليتلاءم الاسم مع الجل المصنوع من البيض والفانيلا الذي كان يصدره سعد الحريري، والراء المصنوعة في مراكز الباليه بفرنسا وهي نتائج كلها تؤدي إلى الفوز مادامت عصا موسى مخبأة أو قد تكون بيد فارس ما ينتظر لحظة حاسمة.
أما شعبية المسابقات الهستريائية ليست أكثر ألقاً وفهماً من المتسابقين فالمسابقة الفنية التي أجرتها إحدى الإذاعات منذ شهر تقريباً كانت مثيرة للضحك.. لقد اتصلت بمديرة الإذاعة للتغطية الإعلامية فأخبرتني أن أغنية حبات التوت فازت بالمرتبة الأولى والأغنية تقول بعد أن استعنت بصديق لأعرف ماذا تقول الأغنية :
طقي يا حبات التوت.. من التوتات العشفافا
طبعا أنا لا أنقص من قيمة الفنان قد يكون لديه أغنيات مهمة ولكن هناك كثير من الأغنيات التي تهتز لها المشاعر والضمائر وتثير النخوات... فإما جمهور المسابقة منخور الذائقة وإما لم يصل إليه ما يجب أن يصل.. ولو أردنا أن نقارن هذا الفوز بما يجب أن يكون لكانت كل النتائج لا تساوي فكاهة تستحق السخرية.
وعلينا الآن أن ندرك أن المسابقة يجب أن يسلط عليها الضوء إعلامياً حتى يكثر المتسابقون من كل الأطياف الأدبية أو المغنون أو الراغبون بأي حضور ثقافي ثم تصل المسابقة إلى إعلان النتائج دون أن يعرف اسماً واحداً من أسماء أعضاء لجان التحكيم إلا بعد صدور النتائج وغير ذلك كافة المسابقات لا تشبه إلا المطربين الشعبيين الذين كانوا سابقاً يغنون في بيوت الشعر على الطرقات العامة ويشكلون استراحة لسائقي السيارات فيرتاحون لديهم ويرشون عليهم بعض المال والأجمل شكلاً قد يصل إلى أكثر سعراً.
ومن لا يقتنع بما نذهب إليه الآن فأنا أدعوه لأن يقدم إلي ما لديه فيفقأ عيني ويقنعني بإشراقاته وإبداعاته وإذا أراد فأنا لست بقصير باع عن تناول أغلب المسابقات وتسليط الضوء على نتائجها الموجعة سواء كان في القطر أم خارج القطر على الصعيدين الأدبي والفني مما يصل بنا إلى ثقافة أبي الزلف التي تعودت على أن تدير ظهرها لأي غزو ثقافي.. ولعل من أهم من فرخته هذه الابتكارات كاتب كان قد وصل إلى أعمدة وزوايا ودهاليز وكان عبارة عن مزار يحج إليه المثقفون وعندما سألته ذات مرة أمام مريديه عن فعل الأمر -اكتب- هل يحتاج لهمزة أم لا.. ارتبك الرجل وكان ما كان إلى أن أصبح بطلاً خارج القطر وفي واقع الأمر كل كتاباته لا تتجاوز مساحة المتر على ساحة ثقافية خرقاء.
وفي النتيجة يبقى الضمير هو السيد الحقيقي لحركة الإنسان باتجاهاته المتعددة فعليه أن يتركه مستيقظاً لأن العدو ليس سهلاً ولا تؤخذوا إلى أسوأ المهازل.