الدكتور مصطفى محمود..إجابات عن أسئلة حائرة

الدكتور مصطفى محمود..إجابات عن أسئلة حائرة

ثقافة

الخميس، ٢٦ مارس ٢٠١٥

ماجدة بدر
مجموعة من الأسئلة، تدور في أذهاننا، لا نجد لها إجابة أحياناً، وأحياناً نجيب عنها بعد تفكير وتفكير.. وقلما ندونها، ونعيد النظر فيها، مصطفى محمود كاتب مصري، وهو كاتب قدير يتبع لنظرية خاصة وهي «يجب ألا نضع أي قيود على حرية الفكر أو الاجتهاد، سواء فـي الدين أو السياسة، أو أي موضوع آخر فـي الحياة.. فالإسلام دين فكر ودين حرية بمعنى الكلمة» وهو يرفض أن يغلق عقله عن التفكير أو أن يعايش أفكاراً سابقة التجهيز..» جمع مجموعة من الأسئلة المتعددة والشائكة التي تشير إلى مواضيع متنوعة وأجاب عنها فـي كتاب فلسفي اعتمد المناقشة البناءة، وتقديم الحلول المعقولة..
إنها أسئلة عديدة، حملت عناوين فصول كتابه وتضمن كل فصل الإجابة عن واحدٍ منها وهي:
*سألت نفسي عن أسعد لحظة عشتها..؟؟
فـي إجابته عن هذا السؤال: يرى الكاتب أن أسعد لحظة عاشها هي لحظة من اللحظات سجد فيها وشعر أن كل أعضاء جسده تسجد وتصلي وتسبح معه، فسكن القلق الداخلي فيه، فأحس بالسعادة، يقول عن هذه اللحظة: (نعم.. تلك كانت الحرية الحقة.. حينما بلغت غاية العبودية لله، وفككت عن يدي القيود التي تقيدني بالدنيا وآلهتها المزيفة المال والمجد والشهرة والجاه والسلطة واللذة والغلبة والشهوة..).. ثم يعرض نماذج من الحب، ويبدأ بطواف الكعبة، المسلمون يطوفون حول الكعبة فـي خشوع وتبتل، ثم يُعرّض بالساسة العرب بقوله: (ولو أن العرب طافوا فـي سياستهم حول نقطة واحدة كما يطوفون الآن، ولو أنهم اجتمعوا أبيضهم وأحمرهم وأسودهم فـي رحاب رأي واحد كما يجتمعون فـي الكعبة لما ذلوا ولما هانوا، ولما أصبحوا عالماً ثالثاً أو عالماً رابعاً كما نراهم الآن)، فالتفرقة تسود معظم البلدان العربية مما يجعلهم فريسة سهلة لأي استعمار أو احتلال أو أي بيئة خصبة لانتشار أي فتنة، سرعان ما تقضي على تآلفهم وتوادهم وتراحمهم. ويرى الكاتب في السينما بضاعة المغفلين، فلا أحد يتكلم ويسير على طبيعته، وهي تؤثر تأثيراً سيئاً على الجيل الجديد من خلال النماذج المريضة فيقومون بتقليد النجوم والنجمات ويتهتكون فـي المشية ويغنجون فـي النطق، ويستثني الكاتب بعض الأفلام الرائعة الهادفة مثل: (الناصر صلاح الدين، فجر الإسلام، الرسالة). ويرى الكاتب فـي هذه السينما خطة إعلامية لتغليب الوعي، يتحكم بها تجار المال، لذلك ينصحنا بأن نسأل أنفسنا مرتين قبل أن نفكر بشراء تذكرة لأي فيلم سينما؟! ويختم بقوله: (وتأكد أنك لن تشتريها أبداً...).. وهذا ما يحدث حقيقة حين ندرك أثر هذا الفن الهابط على نفوس أولادنا؟؟
السؤال الثاني: *على من يرفعون عصا الشريعة؟!...
يرى (محمود) أن الشريعة الإسلامية لم تتنزل على المسلمين ليسيروا بها فـي تظاهرات مسيّسة دون أن يفكر الذي يهتف ويتظاهر ويحمل اللافتات ويقذف ويحرق ويدمر فـي طريقه كل شيء، إنه مخدوع، ومن قام بخداعه هم دول كبرى ودول صغرى وأحزاب تستعمل يده وتستعمل حنجرته وتستعمل الدين لتثير الانقلابات والفتن.. فالذي يرفع عصا الشريعة الإسلامية على الحكومة لن يصل إلى تحقيق النفع لأن الشريعة تحتاج لتطبيقها إلى همة أفرادها وأن يطبقها أولاً كل فرد على نفسه، وإلاَّ فالتغيير سيكون ظاهرياً، ولن يحقق أي نتيجة. وهؤلاء الناس لا يريدون شريعة بل تحركهم شهوة الحكم ومطلب السلطة.. يقول محمود: (العنف والإرهاب والانقلابات والإضراب والتظاهر وخطف الطائرات وتلغيم السيارات..، فتلك بضاعة الساسة الماكرين وأهل الأغراض والأهواء والمهيجين والمجرمين والمتاجرين بالعقول.. ونحن ضدهم فهم يفتحون لنا جهنم على مصاريعها).
السؤال التالي: *من الأصولي؟
يعرف الكاتب الأصوليين: (هم الملتزمون بحرفية النصوص، والسائرون على قدم النبي(ص) حذو النعل بالنعل لا يزيدون على ما يقوله حرفاً ولا ينقصون حرفاً يقلدونه فـي كل فعل)، وهم يرون أنفسهم المسلمين الحق وأن سواهم ناقص فـي إسلامه، وهم أهل تشدد على أنفسهم وعلى غيرهم..، ترى هل كان الرسول بأخلاقه الحميدة قدوةً لهم.. ويرى الكاتب أن الإسلام دين قابل للتطور حسب مقتضيات العصر، فالإسلام لن يضيع بالاجتهاد والتحديث بل سيلمع جوهره أكثر. أما قضية الخلافة والحكم والملكية والجمهورية والاشتراكية والرأسمالية، فالخلافات جعلت المسلمين يتوهون فـي بحر من الجدل وخرجت كل فرقة على الأخرى بالرشاشات والمدافع، وادعى كل واحد منهم أنه أصولي.. فالكاتب يرى أن الأصولي الذي يصوب رشاشه إلى من يخالفه الرأي هو ضيق الأفق والصدر، فهذه الخلافات تظهر حاجتنا إلى فكر جديد واجتهاد جديد وتكون عندنا فلسفة إسلامية وفكر إسلامي نشط. فنظام الحكم فـي الإسلام يغير ما فـي الناس بالحسنى واللين والقدوة الطيبة وليس بالثورة والعنف والانقلابات..
ويجيب الكاتب عن سؤال مهم جداً وهو: الفن حرام أم حلال؟!.. بأن الفنان مسؤول ومحاسب، فهو حين يهبط بقرائه ومشاهديه ويأخذ من مالهم لا يدخل ذلك فـي باب الكسب، بل فـي باب النشل!
أما وسائل الإعلام فـي فصل (إلى أين نسير؟!).. فالراديو يروج الموسيقا الصاخبة، ومحطات الإذاعة والتلفزة العربية تشتم بعضها بعضاً، بفحش وإسفاف، والصحف تذيع أخبار التلوث والإرهاب والخطف والتفجير والمجاعات والحروب والأزمات.. فلقد وقعنا نحن الدول النامية فـي الشباك العنكبوتية للماكرين الكبار. ويستثني من لم تفسدهم الرشوة والغواية وكثرة المفاسد لأنه من أصلابهم تخرج الصفوة الصالحة التي تنتقل بالتاريخ من حال إلى حال..
وفـي (هل هم رجال أم عيال؟) يرى الكاتب فـي تحول الخمسين مليوناً من المواطنين فـي مصر مثلاً إلى مليون عقل يفكر ويعمل هو التقدمية الحقيقية، فالعلم والتكنولوجيا تصنع الرخاء، وفي فصل (من هو بوذا؟).. يعرف الكاتب بجوتاما بوذا المعلم والحكيم والفيلسوف، فلو سألت أي ياباني من هو بوذا لأجاب بأن البوذا هو جوهرك.. هو الصفر ويقولون: ادخل فـي الزن، (وهي تعني الجلوس بصمت وأن تتخطى نفسك واسمك وعلمك وعملك ومتعلقات النفس الطماعة، فتلامس جوهر الوجود) تلك حقيقة الوردة والثمرة والميكروب.. فإن تحتاج لبوذا لنزع الشوكة من نفسك.. ثم يناقش الكاتب فرويد فـي تفسيره للأحلام، إذ يقول: (إن ما نفعله وما نفكر فيه وما نحلم به يتم فـي جبرية وحتمية تبعاً لما ينفثه فينا اللا شعور والعقل الباطن). والإحساس بالذنب والتوبة والندم عقد نفسية وأمراض يجب التخلص منها.. أما الموقف الإسلامي من النفس وأمراضها فهو مختلف، لأنه يبدأ بالإنسان من موقف حرية فلا جبرية ولا حتمية فـي الإسلام والنفس خلقها الله حرة تختار خيرها وشرها. أما الفصل الأخير فقد خصصه الكاتب ليدحض مزاعم من آمن بعودة الروح بعد موتها بالاستناد إلى الآيات الكريمة والروايات الإسلامية والمناقشة المقنعة التي لا تثير النزعات الطائفية والأفكار المغلوطة..
يقع الكتاب فـي 109 صفحات من القطع الوسط. وهو من إصدار دار المعارف بمصر.