الجذور الفاسدة للزهور السامة

الجذور الفاسدة للزهور السامة

ثقافة

الجمعة، ٦ مارس ٢٠١٥

محمد خالد الخضر
منذ سنوات عديدة والثقافة تتعرض لمحاولات تهديم.. وإن أكثر ما كان يسهم في ذلك هو تبني بعض ضعفاء النفوس وتركهم يكتبون دون حساب, فالضعف أمر مثير للآخر فليس لديه إلا أن يفكر الأقوى باختراق الأضعف.. الفترة التي مرت وأغمض الشعر الأصيل عينيه وانسحبت الخيول إلى وراء الأكمة، واقتصر الشعر على اللحى المسنونة حتى الركبتين وانطلقت كتابات وأعمدة يجهل التراب إلى أين تنتمي وكيف حصلت على ما حصلت عليه، فهؤلاء أصبحت لهم تداعيات كثيرة فساهموا في المهرجانات وأشعلوا الدبكات الدائرية والاستوائية والانشطارية.. وراحت ميمي ترقص في الوسط وذلك الذي صبغ شعره رفع نظارتيه ومسح لعابه الممزوج ببيض الدود بكم قميصه، وتشدق وادعى الوطنية، وافترى فعين كانت في دمشق وأخرى كانت في استنبول، أما الأكهى الذي رفع يديه إلى الأعلى حتى وصل إلى مقاس الركبتين، فدفع بحرماته إلى الغرب وهناك كانت استراحة أبي نظارة.. وما الذي أعمى البصيرة لتتغير الأناشيد وينكسر البحر الوافر الذي كان يكتب عليه عنترة العبسي، فيستبدل بنعيق الغربان وليس هناك من ينبث ببنت شفة.. هكذا اشتد عود المارقين فصارت صدورنا دريئة لرماحهم وصرنا كمن يبحث عن قبر ليموت بعيداً عن مزابل التاريخ.
ومنذ أعلنت أمريكا وتركيا والكيان الصهيوني وقطر وحلفاؤهم رغبتهم وأشهروا عوراتهم. خلع أولئك المارقون ثيابهم، فمنهم من أصبح في تركيا ومنهم من أصبح في دبي ومنهم من بات في قطر ومنهم من لحق بنصف عورته الآخر إلى الدول الماجنة الأخرى كفرنسا وألمانيا والسويد، ومنهم من دهن وجهه كما فعل الثعلب ليلة قابل الأسد في الغابة وراح يطلع من وكره في الليل ويطلع من نفقه في النهار.... كل هذه التداعيات والذي خلع نظارته مازال يمسح لعابه النتن وعيناه ترنوان مرة أخرى إلى كرسي.. هكذا كانت تؤتى الخيانة.... وهكذا تنمو أذناب هؤلاء في الأرض كما تنمو السراخس والطحالب والإشنيات.. وليس علينا إلا أن نفتح عيوننا ونشهر سيوفنا، فالقادم أخطر والديدان بدأت تأخذ حقها وحق غيرها فتأكل بقايا الروث ثم تتسرب من الثقوب الصغيرة إلى المطابخ فتأكل الخبز وتزرع بيضها في حليب الأطفال.
من الذي ترك للأعرج الإدلبي فرصة النمو، ولمثله أن يأخذ حق الآخرين وماذا تسمى مثل هذه الحالة على مرّ سنوات ثم جمع زوادته التي خبأها ورحل، ومن الذي شرب الخمر وأخذ بالإبل إلى الموارد حتى يصبح أدنى مدمن مخدرات متقدماً ليقول لي: إذا دفعت مبلغاً من المال يسمح لك بالعودة إلى قريتك، ثم يكسر باب مكتبتي رجل اتهم باغتصاب زوجة أخيه ثم يحرقها من قتل أباه... هذه هي المنظومة القادمة مع الورود المصطنعة والزهور السامة. ولو لم نكن ثقبنا من خاصرتنا وصفقنا لمحمود درويش عندما حاورته ها آرتس الصهيونية وعشقته ريتا اليهودية، ولسميح القاسم عندما ما انتسب لحزب يهودي. ولو لم نصفق لأدونيس عندما أوفد نفسه متبرعاً عن جهة مجهولة وقال : إن إسرائيل تنتمي لمنطقة معينة. ولو لم نسمح لعزمي بشارة أن يسخر منا ويمرغ شيبتنا بالكذب، لما انعكس هذا الشكل الثقافي الخرف الذي أصبح وجهه الآخر يرفل بالراقصات المتلونات واللاثغات الهاجرات جحورهن.. ولما وجدنا من هو أقوى منا بعزمه الخائر في ساحتنا الثقافية.. فالرجل الذي رضع حليباً نقياً منتمياً إلى ثدي مبارك لا يشهر عورته في العراء، ولا ينام على مزبلة في الخيام... هي هكذا تؤتى الثقافة والحكاية والحلم... هي هكذا تتعرى الحقائق ويقف الوطن سائلاً ومحاكماً ومهدداً ومتوعداً... فهل تكشف تلك المرآة لهذا الواقع رداءة قبحه وفداحة سوءته؟ فننتفض من أسرتنا أجمعين لنردد الشعار الوطني ونحيي العلم، ثم نمتطي الخيول ونقرأ تراتيل الفرسان ونستمع إلى زغاريد الحرائر وهن يستقبلن الخيول القادمة من الجنوب والعائدة من الشمال.
في هذه الأيام بالذات يفتح الله السماء وتترقب الملائكة نخوة الرجال، وتستمع إلى أول ما كتب شاعر عربي في معارك الشرف وآخر، ما سيكتب شاعر عربي في الانتصار الأخير ستطرب الملائكة لقول طرفة بن العبد وهو يقول :
إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني...عنيت فلم أكسل ولم أتبلد
وستشمخ لقول عنترة
حصاني كان دلال المنايا..... فخاض غمارها وشرى وباعا
ثم سأختم أنا تلك الحكاية وأقول :
إذا الصقر الكريم أتى لأرض.....حرام أن يدنسها الغراب