المدعو سليمان شاه..رجل عادي ولكنه لسوء الطالع كان الجدّ الأكبر للعثمانيين وتوفي في سورية !!

المدعو سليمان شاه..رجل عادي ولكنه لسوء الطالع كان الجدّ الأكبر للعثمانيين وتوفي في سورية !!

ثقافة

السبت، ٢٨ فبراير ٢٠١٥

شمس الدين العجلاني
في 15 آذار 2014 تناقلت وسائل الإعلام التركية وغير التركية أن ما يسمى " داعش " تحاصر قبر سليمان شاه !؟ جدّ مؤسس الدولة العثمانية المدفون قرب حلب، وتعتبر تركيا مكان دفن سليمان شاه أرضاً تركية استناداً للاتفاقية الموقعة بين حكومة الانتداب الفرنسي لسورية والحكومة التركية عام 1921. !؟
وقبل هذا التاريخ لم يكن العالم يسمع بهذا القبر وصاحبه ! فقد طواه النسيان، وكان هذا القبر يعرف ولفترات زمنية طويلة بالقبر التركي وظل يعرف بهذا الاسم حوالي ثلاثمئة عام، ومن ثم أطلق عليه عام 1516 م مصطلح "تورك مزاري".
من سليمان شاه :
هو سليمان شاه قايا ألب بن قلتمش جد مؤسس الدولة العثمانية عثمان الأول بن أرطغل بن سليمان شاه، كان رئيساً لعشيرة صغيرة عدد أفرادها حوالي 5 آلاف نسمة تسمى (قايا) هاجر مع عشيرته من موطنه الأصلي، في آسيا الوسطى، ليستقر في الأناضول..
 سليمان شاه رجل عادي ولكنه لسوء الطالع كان الجد الأكبر للعثمانيين وتوفي في سورية !؟..
 منذ قرابة الثمانمئة عام وبسبب غزو جنكيز خان المغولي انطلقت موجات بشرية متلاحقة, من صحارى آسيا الوسطى, باتجاه الغرب, إلى مناطق الشرق الأوسط والعالم العربي, وصولاً إلى آسيا الصغرى (تركيا) وغربها هرباً من المغول.
عبرت أغلب هذه الموجات نهر الفرات, بالقرب من قلعة جعبر التي كانت قائمة على الضفة اليمنى لنهر الفرات في محافظة الرقة حالياً والتي أصبحت اليوم في وسط بحيرة الأسد. وسليمان شاه هو أحد الفارين من المغول هرب من المغول باتجاه سورية.
يروي الأتراك قصة سليمان شاه بأنه غرق في نهر الفرات بسورية، ويقولون إنه في عام 1228 م عبر سليمان شاه مع مجموعة من قبيلته نهر الفرات هرباً من المغول، وغرقوا في عرض النهر, فأخرجت جثامين سليمان واثنين من أبنائه ودفنوا قرب قلعة جعبر, وعرف القبر في ذاك الزمن ولفترات طويلة بالقبر التركي أو " ترك مزاري ". ولم يكن أحد يعلم من صاحب القبر !؟ أضف إلى ذلك أنه كان بعيداً عن الأنظار ويصعب الوصول إليه، ونادراً ما يُزار.
منذ دفن سليمان شاه في الأراضي السورية إلى عام 1516 م وقبره يعرف بالقبر التركي، ولم يكن يحظى بالاهتمام من الأتراك، وبعد حوالي الثلاثمئة عام وفي زمن السلطان العثماني سليم الأول " حوالي عام 1516 م "، أطلق على قبر سليمان مصطلح "تورك مزاري"، وظل يعرف بهذا الاسم لمئات السنين، وظل القبر مهملاً من العثمانيين !؟
في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني (1876-1909) أواخر القرن التاسع عشر ميلادي, برز الاهتمام الأوسع بالقبر, وجدد وتوسعت المنطقة المحيطة به.
رواية غرق سليمان شاه في نهر الفرات هي رواية تركية، بينما تشكك مصادر أخرى بهذه الرواية !؟ وهنالك من يشير إلى أن سليمان شاه وأولاده قتلوا شر قتلة في معركة مع المغول أو توفي وفاة طبيعية !؟.
وهنالك عدد من المؤرخين يشير إلى أن الأتراك يلفقون قصصاً وحكايات حول سليمان شاه وقبره لإثراء هوية تركية إمبراطورية ثم هوية وطنية على هذا القبر!؟ و يشككون أصلاً أن يكون سليمان شاه وولداه قد دفنا في هذا المكان!؟
لسليمان شاه ولد يدعى (أرطغل) وكان يحارب مع علاء الدين السلجوقي ثم جاء ابنه عثمان بن أرطغل (ولد عام 656 هـ/1258م وتوفي عام 726هـ/ 1326م. وهو من عشيرة قايي، من قبيلة الغز الأغوز التركية)، مؤسس الدولة العثمانية, وأعلن إنشاء إمارته بعد وفاة علاء الدين السلجوقي وحملت أسرته ودولته اسمه.
اذاً سليمان شاه ليس له قيمة تاريخية أو إسلامية حسب سيرة حياته من مصدرها التركي، وليس له أي قيمة أخرى (شجاعة، كرم، إقدام..) فهو مجرد هارب من غزو المغول وشاء القدر أن يغرق في بلادنا ونبتلى به!؟
أين يقع قبر سليمان؟
كان قبر سليمان شاه يقع قرب قلعة جعبر، ولما أرادت سورية الشروع بملء خزان سد الطبقة على نهر الفرات وهذا يؤدي إلى غمر القبر، تم حينها الاتفاق مع الجانب التركي على نقل القبر وملحقاته بالقرب من جسر قره قوزاق (شرق منبج 25كم - جنوب الحدود التركية 25كم) على نفقة الجانب التركي. وملحقات القبر عبارة عن حديقة وبناء مخفر وذلك ضمن سور حجري وتبلغ المساحة الإجمالية حوالي 8797 متراً مربعاً، والقبر الآن يقع تماماً على كتف نهر الفرات على بعد أمتار من جسر قره قوزاق.
وحين أقامت سورية سد تشرين على نهر الفرات أدى ذلك إلى غمر أجزاء من منطقة القبر وملحقاته، وتصدع في القبر وملحقاته الأمر الذي أدى إلى تفاوض عسير مع الجانب التركي استمر قرابة عشر سنوات بغية حل هذه المسألة من تدعيم للقبر وتنظيم للواجبات المترتبة على كلا البلدين.
وتم في أنقرة بتاريخ 22 كانون الأول عام 2003 م التوقيع بين الجانبين السوري والتركي على المحضر الرئيسي لتنفيذ مشروع تدعيم القبر، ومن ضمن هذا الاتفاق أن تركيا ستقوم بهدم مبنى المخفر وإعادة إنشاء مبنى للمخفر عوضاً عنه مؤلف من طابق واحد، وبمساحة لا تتجاوز 260 متراً مربعاً، وبمنسوب 330,50 متراً عن سطح البحر مع المحافظة على بعد المبنى الجديد عن جدار حديقة القبر من الغرب والشمال والشرق، وخوّل الاتفاق الجانب التركي " أن يستدعي مهندسين للمراقبة الفنية من تركيا، كما يقوم موظف فني سوري بين الحين والآخر بزيارات ميدانية لساحة العمل أثناء أعمال التدعيم بهدف التثبت من صحة تنفيذ أحكام هذا المحضر الرئيسي والبروتوكول الفني المرفق به "
والآن ومنذ أيام قامت السلطات التركية بعملية قرصنة ودخلت الأراضي السورية بالتنسيق مع "داعش" حسبما أشارت غالبية وسائل الإعلام العربية والأجنبية، ونقلت قبر سليمان شاه إلى القرية السورية "آشمة" غربي مدينة عين العرب بعد أن سيطرت عليها.
اتفاقية عام 1921 :
خلال الاحتلال العثماني لبلادنا لم يلق قبر سليمان شاه الاهتمام من قبلهم، وبقي مكاناً مجهولاً لا يزار، وبعد خروجهم من بلادنا وبدء زمن الاحتلال الفرنسي عقدت تركيا والمحتل الفرنسي اتفاقية أنقره عام 1921 م والتي منحت بموجبها فرنسا لتركيا في بلادنا " مسمار جحا " !؟
قبل التوقيع على معاهدة أنقره بين المستعمر الفرنسي والحكومة التركية عام 1921 م، تم التوقيع على معاهدة سيفر، وهي معاهدة السلام التي تم التوقيع عليها في 10 آب 1920 م عقب الحرب العالمية الأولى بين العثمانيين وقوات الحلفاء ولكن المعاهدة رفضت من التركي مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية على أنقاض الإمبراطورية العثمانية. كان رفض أتاتورك لتطبيق بنود المعاهدة نابعاً من خسارة لحجم هائل من المناطق التي كانت تابعة للعثمانيين في حالة تطبيق المعاهدة.
من جملة الاعتراضات الأتاتوركية على معاهدة سيفر كانت البنود التي تتعلق بالحدود الغربية والجنوبية الغربية (مع اليونان)، والجنوبية الشرقية (مع سورية)، كان نتيجة ذلك أن عدّلت بعض الأجزاء الحدودية في معاهدة أخرى عقدت في لوزان السويسرية عام 1923 م وعرفت باسم معاهدة لوزان. أعادت المعاهدة الثانية أراضي لتركيا في القسم الأوروبي (غرب إسطنبول) من الدولة العثمانية وضمت الأقاليم السورية الشمالية إلى تركيا... ومقابل ذلك ضمنت هذه الاتفاقية بنوداً تتعلق باستقلال مملكة الحجاز، ووضع سورية تحت الانتداب الفرنسي والعراق تحت الانتداب البريطاني، وإشراف اليونان على إدارة (أزمير) والأراضي المجاورة لها لمدة خمس سنوات.
ومن ثمّ جاءت اتفاقية أنقرة عام 1921 م وهي مؤلفة من ثلاث عشرة مادة، ويطلق عليها أيضاً اتفاقية (فرانكلانبويون) بين الاحتلال الفرنسي على سورية وتركيا !؟
يتبع