الحرف العربي يتجلى عشقاً في أعمال التشكيلي جمال نهار

الحرف العربي يتجلى عشقاً في أعمال التشكيلي جمال نهار

ثقافة

الجمعة، ٣٠ يناير ٢٠١٥

ريم الحمش
جمال نهار فنان طموح أسس لنفسه أسلوباً خاصاً ميزه عن سواه متحدياً كل الصعاب, أبدع برسوماته في التعبير عن حبه للحرف العربي، الذي اختاره كعنصر جمالي للوحاته, فمن تداخل للخطوط مع بعضها إلى مزج لألوانها وألوان النقاط التي ينتقي لها مكاناً فوق حروفه بكل دقة وعناية, تولد اللوحة بين يديه, لتعبر عن آية قرآنية عظيمة المعنى, حكمة خالدة.. قول مأثور.. أو حتى بيت شعر متداول.
برؤية فنية تجمع بين البعد الروحي والمتطلبات الجمالية تمكن التشكيلي جمال ببلورة العمل الحروفي من حيزه الضيق النفعي إلى دور جمالي بصري أكثر فعالية وشمولية في نسق متوازن ومتكامل يحافظ على تأصيلية الخط السوري, فهو يوظف هذا الحرف دلالياً ويستنطقه ويجعله يتحرك.. يسكن.. ينحني.. يتموج.. ينبسط ويتداخل مع مكونات العمل
بتدويراته ومدوده في مساحات غير محدودة.
أعماله ثمرة عمل دائم وقلق وترحال في عالم اللون والغوص الصوفي في أسرار الطبقات اللونية، وهو بهذا الأسلوب منذ انطلاقته مع الريشة والألوان، كما أنّه يبحث عن اللون في عمقه الفلسفي والروحي، لأنّه في صراع دائم مع الذات ومع الألوان التي يراها بنظرة مختلفة.
 يرى نهار أنّ الخط هو أساساً فن قائم بذاته وله مرتكزاته النظرية وتنويعاته المختلفة وتطبيقاته المتعددة ومدارسه التاريخية، وقد عرف تطوراً شأنه شأن الفنون والعلوم وما اجتمع عليه الناس منذ البدء, وبأنّ تراثنا قادر على إثراء الإنسانية كلها, ومن المفارقات العجيبة أن الغرب مهتم بالخط العربي أكثر منا, ولو تعلموه لسبقونا, وعلى المبدع أن يقدم عمله بكل صدق وثقة في أحاسيسه, ليراهن على مقدرة العقل الإنساني على التميز والارتقاء.
 يلتزم الفنان بألوانه الهادئة لأنّه يعكس تأثره ببيئته فأعماله بالدرجة الأولى تعكس ما يعيشه، وما يحسه وفق قدرات معينة يفرضها المكان والزمان, فهو يستخدم في إنجاز لوحاته الحروفية درجات الألوان كافة: الحارة والباردة، الفاتحة والغامقة، الكامدة والمضاءة، إضافة إلى الذهبي والفضي، تدعو إلى التأمل، الصمت والوحشة، وتتكلم لغة العدم والمطلق, ويطرز غالبية مساحات لوحته، بتشكيلات الحروف التي تقدم دلالات مباشرة، بما تنضوي عليه من معانٍ مختلفة, ومزجها ببعضها من خلال المزج بين الألوان الزيتية, والإكرليك المنتقاة بعناية بحروف متناثرة ولكنها مضبوطة بالإحساس والمعنى والتنفيذ مما يساعد على بناء فضاء منسجم ومتماسك يعج بالحركة حيناً وينتابه السكون تارة أخرى بشكل جمالي ليقول لنا حكمته عبر سلسلة أعماله الفنية المتصلة بحياته وتجربته الإنسانية بأسلوب عصري حديث.
التشكيل والحرف
يرى الفنان نهار أنّ التشكيل والحرف يخدم كلاهما الآخر, وطغيان جانب منها يحدد مكان اللوحة, وهو يجد متعة في ممارسة الاتجاهين في العمل لأنّ لكل منهما جمالياته الخاصة,
مؤمناً بوجوب أن يرقى الخطاط بمستوى المعرفة البصرية والتشكيلية ليوظف ذلك في اللوحة الخطية وإن كانت بخطوط كلاسيكية, ويمكن أن تكون اللوحة تشكيلية في التكوين النصي لها, فالحرف العربي يجمع جمالية الفن التشكيلي، فتجد النقطة والخط والفراغ والامتلاء والإيقاع الموسيقي والكتلة والتناغم والتكرار والتوازن, وهو أيضاً مرن ومطواع ولا مانع من دخول اللون في الحرف وفي الأرضية لتكون معبرة عن مدلول معين, لكنها محملة بطاقة حلمية كبيرة, تتهيأ للحركة الصامتة باتجاه إيقاع الحياة المتجدد.
الفنان التشكيلي جمال نهار من مواليد الجولان قرية كفر حارب 1958, عضو اتحاد الفنانين التشكيليين, عضو اتحاد الفنانين التشكيليين العرب, رئيس مجلس فرع القنيطرة لاتحاد الفنانين التشكيليين, عمل مدرساً لمادة الرسم في الثانويات الرسمية, درّس الخط العربي للمعلمين والمعلمات, يشارك في معارض وزارة الثقافة منذ عام 1982, شارك في جميع نشاطات اتحاد الفنانين التشكيليين, معرض مشترك عام 1981 مع الزميل الفنان علي عزيز بلال, عمل في تصميم وتنفيذ العديد من اللوحات الإعلانية وأغلفة الكتب, أعماله مقتناة في وزارة الثقافة، وبعض الجهات الرسمية في الدولة, شارك في معرض طرابلس لبنان الدولي 2002، وله مشاركات دولية أخرى, شارك في ملتقى الجولان الأول للرسم والنحت 2002.