قراءة في كتاب الأمة العربية بين نظرية المؤامرة وحالة النهوض لمؤلفه الباحث محمد خالد عمر

قراءة في كتاب الأمة العربية بين نظرية المؤامرة وحالة النهوض لمؤلفه الباحث محمد خالد عمر

ثقافة

الثلاثاء، ٢٠ يناير ٢٠١٥

محمد خالد الخضر
يقول الباحث محمد خالد عمر: /بما أننا عرب معتدى على وجودنا وكياننا ومهددون في هويتنا فإنّ لابد لنا من الانطلاق من الحالة العربية عامة وبسط الموضوع بلغة عربية مبينة.... نحن نواجه ومنذ الحروب الصليبية.. تحدياً كبيراً يهدد وجودنا وهويتنا وكرامتنا ومقدساتنا وهو اعتداء مستمر لم يتوقف إلا ليتجدد وها نحن نواجه مشروعاً صهيونياً سافراً.. احتلالياً وإحلالياً عنصري الطابع لقيط الهوية وهذا ما يتطلب منا الدفاع عن أرضنا ووجودنا بكل ما أوتينا من قوة /.
في كتابه الأمة العربية بين نظرية المؤامرة وحالة النهوض: يعتمد الكاتب والباحث محمد خالد عمر على أسس متعددة أهمها العاطفة الإنسانية التي تدفعه إلى العاطفة القومية والوطنية وهذه الأمور ما كانت لتظهر لولا وجود موهبة مكتنزة داخل البنية النفسية للكاتب والباحث وإنّ ما يميز الأسس المعتمدة في هذا البحث أنّ صاحبه رفده بأساس آخر هو امتلاكه لموهبة شعرية مكنته أيضاً من إصدار عدد من المجموعات التي لا تخلو من روح التمرد والمقاومة...
وإنّ هذا أمر ظهر جلياً في ما ذهبنا إليه عبر تقديمنا لهذه القراءة وما قاله العمر بعد أن فسّر المقاومة لغة واصطلاحاً ليصل إلى ضرورة المواجهة والدفاع عن وجودنا الأخلاقي والإنساني الذي يهدده المشروع الصهيوني اليهودي ممثلاً اليوم بالصهاينة الجدد.
وإنّ الباحث في منظومته التي اشتغل عليها وكون بحثه اعتمد أساساً هاماً أيضاً هو الاستنتاج والاستنباط التاريخي واستقراء الرؤية التي كان يحلم بها الصهاينة منذ أمد بعيد وبناء هذا الحلم على مشروع يهودي دعاهم للسعي من أجل بناء قوة منذ أن لجؤوا إلى كورش الذي غزا بسببهم بابل إلى يومنا هذا.. وهم لم يغيروا في سلوكهم الأخلاقي شيئاً بل أضافوا كثيراً من الأساليب والطرق التي اكتسبوها من التكنولوجيا الحديثة وهذا أمر يدخل في البنية التركيبية لأسلوب السرد عند الباحث العمر بغية كشف أكبر قدر ممكن من المؤامرة.
وإنّ هذا الواقع التحليلي هو الدافع للعودة إلى قراءة التاريخ وتأسيس نظم ثقافية تحول تعفف العرب البنيوي وتزرع قيم وأخلاق المقاومة كونهم أمة كانت تمتلك حضارة وتمتلك وجوداً والآن بدأت تخسر كثيراً من الممتلكات والمقومات.. وهذا ما بدأت تتعاظم خطورته بعد النكبة حيث مازال العرب يتأرجحون بين نظرية المؤامرة وحالة النهوض وفق ما بيّنه الباحث الذي أوجد خيوطاً متماسكة الامتداد يشير خلالها إلى عدم توازن العرب ومعرفتهم بخطورة مصيرهم القادم.
وفي تحليله البنيوي يجد محمد خالد عمر أنّ اليهود ليسوا بني إسرائيل كما أنّهم ليسوا قوم موسى وأيضاً هم غير العبرانيين...وهذه الانتماءات الثلاثة هي التي اعتمد اليهود والصهاينة عليها للدخول إلى التاريخ ومنها إلى الجغرافية في المنطقة.. وكما رأى أنّ أهم ما يمكن أن نبرهن عليه هو أنّ اليهود ليسوا أصحاب ديانة وعقيدة ولا رسالة سماوية وقد اعتمدوا على ربط أنفسهم بديانة بني إسرائيل ليتسنى لهم الحصول على قدسية عدم التعرض لهم كديانة مما أسهم في توسيع ميدان لعبهم.. إذا تركت لهم حرية اللعب على العقائد..
ليصل الباحث إلى حقائق جاء بها بعد أن استند على وقائع متعددة تؤدي إلى حقيقة ماثلة يجب أن يراها الجميع وهي أنّ الصهيونية نشأت من اليهودية بعد أن رفض اليهود بزعامة سبط يهوذا المبادئ الروحية والإنسانية وتمسكوا بعنصريتهم وعرقيتهم وأصبحوا أضداداً للأمم وأعداء لها.
وإنّ الباحث بعد اعتماده على التحليل والموهبة والعاطفة تتجلى أسس أخرى لدينا توضح أنّ الاطلاع والثقافة هما ضرورات ملحة كان قد ألم بهما في بناء بحثه وتبويب أفكاره التي كان من الضروري أن يشر إليها وفق معرفة شملت كثيراً من هذا الخصوص حتى يتمكن من إقناع القارئ بما يريد أن يصل إليه الآن... ولاسيما أنّ الباحث طرح قضية خطيرة جداً مفادها أنّ المشروع الصهيوني اخترق المشاريع الغربية فاتفقوا على محاربة الإسلام موضحاً أنّ الدراسات كشفت خطورة انطلاق الحركة الصهيونية التي بدا مؤتمرها منطلقا في بال وولادة المشروع التنفيذي الأول.. وبذلك نجد أنّ الباحث الذي ألقى الضوء على حيثيات المؤامرة وخطورتها سواء كان على فلسطين التي تمثل القضية المحورية للأمة بكاملها وعلى مخلفات سايكس بيكو أو على الأمة العربية قاطبة.. اعتمد منهجاً تطبيقياً أيضاً كأساس في بنية البحث وتركيبه بأسلوبه السردي التعبيري الذي قدّم منطقاً واعياً في كشف المؤامرة ومشروع اليهودية ومحاولة التخريب اليهودي في المسيحية والإسلام وضرورة المقاومة وولادة المشروع العربي النهضوي الجديد وصولاً إلى بحثه التعبيري والتحليلي والتطبيقي.