التحديات والثقافة الراهنة.. بقلم: محمد خالد الخضر

التحديات والثقافة الراهنة.. بقلم: محمد خالد الخضر

ثقافة

الجمعة، ٢ يناير ٢٠١٥

متوقع أن يواجه وزير الثقافة عصام خليل تحديات ليست قليلة، ولا يمكن أن يستهان بها، ولاسيما أنّه قادم من تجربة ثقافية واسعة.. لقد تسلسل عمله الوظيفي بالثقافة منذ أكثر من عشرين عاماً فهو الذي اشتغل بإدارة اتحاد الكتاب العرب في طرطوس ثم لمع بإدارة النشاط الثقافي في اتحاد الكتاب العرب ثم عضواً في المكتب التنفيذي في الاتحاد عينه إضافة إلى مناصب متعددة في الدوريات الثقافية الصادرة عن اتحاد الكتّاب العرب وأهمها الأسبوع الأدبي.
وعندما جاء إلى وزارة الثقافة منذ شهور قليلة دعمت هذه الأمور شخصيته التي نمت على موهبة شعرية أيضاً فراح يغيّر بالأسس المتهرئة والسلوكيات المخربة أو المغلوطة أو الموضوعة في غير مكانها وبدأ بتعيين الدكتور جهاد بكفلوني مديراً عاماً للهيئة ثم انبثقت تباشير العمل في إصدارات مختلفة تماماً عن الماضي بشمولية متنوعة تحمل منهجاً دالاً على الاستعداد لخوض الحرب الثقافية التي استهدفت سورية قبل الأزمة وبعد الأزمة.. وواضح أنّ عيني الرجل تتطلع إلى بنية أخرى تعمل على تشكيل ثقافي حقيقي كان يطمح إليه منذ الأعوام الأولى التي اشتغل فيها بالثقافة..
ولكن الآن وبعد أن عصفت هذه الأزمة بوطننا الحبيب اختلفت المعايير وهناك تحديات أخرى فمن كان يصدق أنّ الأنشطة الثقافية يمكن أن تقوم في الدهاليز أو على طاولات الخمر أو في الأقبية فتستقطب كل نفس اشتهت أن تمرر ما ترغب به تحت تسمية الأدب والثقافة والشعر وهذه المكونات الغريبة بدأت توزع شهادات وثناءات وتكريمات تبدأ هناك ثم تشع أنوارها على الفيسبوك.. وهذا (الفيسبوك) بدأ يتكرم على هؤلاء بما يحلو لهم.. وبعد ذلك ما الوسيلة التي يمكن أن تردعهم بالمطالبة في حقوقهم ولاسيما أنّ المواقع الإلكترونية ووسائل التلفزة وغير ذلك بدأت تتلقفهم وتجري معهم المقابلات ومنهم من منَّ الله عليه بزاوية أو دلوٍ لصحيفة خارجية يغمس خلالها من قناة كل من يعترض هذه الموجة.
وهؤلاء باتت مراقبتهم أو متابعتهم أمراً صعباً بعد أن أصبح كلّ ضعيف يمتلك أداة التهديد فمن منا لا يذكر أولئك الذين احتلوا أماكن غيرهم وأخذوا أعمدة وزوايا في صحف سورية وهم الآن هناك على الموائد الأجنبية ينتظرون ضالتهم ورغباتهم.
وبهذا الصدد خرّجت تلك المنابر كثيراً من الأسماء التي أصبح من الصعب مساءلتها فهي شربت الكذبة وصدّقت نفسها فالشاعرة التي قالت:
يا شاعري الأول رب حرف يخلصني
رب حرف يئن
تطالبنا الآن أن يكتب شعرها بعد أن صفق لها هؤلاء بأن يكتب شعرها بماء الذهب ولاسيما أنّ الماضي شهد بعض الإدارات الثقافية التي أبدت استعدادها لتلقف مثل هؤلاء أيضاً وأصبحوا يطلعون كصيصان آلة التفقيس وهذه الأمور هي واحدة من الأسس التي تعتبر كتحديات مستقبلية غير بعيدة وإنّ الذين يرغبون بالوقوف إلى جانب هذا الرجل القادم من الحلم السوري الجميل قد لا يمتلكون الأدوات فالحرب قاسية ومرهقة.
وعلى سبيل المثال كيف لبرنامج ثقافي يسمى مهرجاناً خلال يومين أن يحتوي في دار الأوبرا ما يقارب أربعين مشاركاً.. واجههم على الباب بيان يطالب بلباس (البدلة الرسمية) التي قد يصل ثمنها إلى راتبين وأشياء أخرى لا تقدم ولا تؤخر في بنية بيت شعر واحد والجدير بالذكر أنّ عدداً من هؤلاء التقطت أسماؤهم من صاحب القداسة (الفيسبوك) والأجدر من ذلك أنّه واكب اليوم الثاني في صالة مجاورة في البناء ذاته حفلة لميادة بسيليس ما خلخل المدى وترك الغصة في القلوب وإن كانت النية حسنة والخطوة إيجابية فهناك خلل باستخدام الحصان.. وهذا أمر مرهق أيضاً وصحيح أنّ الواقع صعب وأنّ موقف وزير الثقافة في هذه الأزمة يحتاج إلى رعاية الله فإذا أقدم على كل ما تصبو إليه سورية فقد تكثر الصدامات لأنّ الماضي الثقافي لم يعد يطاق وأنّ الرجل يحمل مشاريع كثيرة ومقومات أكثر واستعدادات قادرة فهو شاعر وخبير ومتمرس ولا تنقصه شجاعة ولا إدراك إلا أنّ الواقع مرير والأزمة قد تفرز أشياء أكثر مرارة فلست أملك إلا أن أطلق نداء للوسائل الإعلامية حتى تقف وقفتها المشرفة وتأخذ دورها الحقيقي.