التشكيلية لين بطل...عبث فرشاة وطفولة لون

التشكيلية لين بطل...عبث فرشاة وطفولة لون

ثقافة

الأحد، ٢٨ سبتمبر ٢٠١٤

ريم الحمش
بداخلها طفلة تعبث بالخطوط والألوان بأسلوب متفرد، وفرشاة تتناغم مع روح العفوية، تطلق الفنانة التشكيلية لين مفرداتها على مساحات لونية تحاكي عالماً جميلاً صعب الوصول إليه مثل عالم الطفولة وبراءتها فلعبتها مع الحياة ألوان تشتق منها ألواناً مميزة لتنعكس على سطح اللوحة الأبيض محبةً وعطاءً.
ترسم الفنانة لين بطل بجرأة وديناميكية تصل أحياناً إلى حد العشوائية محدثة تناغماً وهرمونية داخل لوحاتها الغنية بعناصرها رغم بساطة الموضوع والشكل فالطفولة والمرأة هي عالم هذه الفنانة وما تشدو به على مسطحات لوحاتها من زخارف وألعاب وتجتمع كل هذه العناصر وتتناغم وتتجاور بتلقائية وعفوية تقترب من رسوم الأطفال أحياناً في عفويتها لتحقق لنفسها ببساطة شديدة وبتلقائية عالمها الخاص من خلال ما تقدمه من أعمال مميزة, وعملها الفني سلسلة لا تنقطع منذ أن حملت ريشتها فهي ترسم بأسلوب الفن البدائي لأنه بسيط مع وجود لمسات من الحداثة معتمدة على التبسيط وزخرفة للأشخاص رجلاً كان أو امرأة فتلاحظ فيها الدقة والتناظر كالفن الأفريقي وقبائل أميركا اللاتينية, حيث العناصر التي تملأ لوحاتها تجمع بين التبسيط والعمق، وجوه تائهة بعفوية لن تستطيع تحديد ملامحها ومعرفة هل هي وجوه بشرية أم كائنات أخرى؟ وأجساد ممتدة وأخرى ضئيلة الحجم كما في رسوم الأطفال, كذلك تختار الفنانة الموضوعات الطفولية نفسها: الدمى, البنات الصغيرات, فستان العروس, الزهور، أدوات المدرسة، الحروف، علامات العمليات الحسابية، الحيوانات الأليفة, واستخدام هذه الدلالات التشكيلية في لوحة مركبة من بعض هذه الدلالات، أو استثمار هذه الدلالات نفسها كموتيفات تشكيلية تتكرر ما بين لوحة وأخرى, لتضع لنا في النهاية رؤية شديدة الخصوصية محملة بالبهجة والبساطة والطفولة بطابع رمزي هي في مجملها غنائيات شعبية غنية بالألوان من مفردات الحياة اليومية إلى أبجدية الفن التشكيلي, كما نشاهد في أعمالها وجوداً واضحاً للأشكال الهندسية, وهي تخط بصورة عفوية هذه الأشكال لتكون لوحتها لسان حالها.
بلا عنوان ...
لا تطلق لين أسماء على لوحاتها كي لا تقود المتلقي إلى تفسيرات, وأفكار ربما لا تكون في باله فكل إنسان يفسر العمل الفني بطريقته والبعض لا يحبون التفسير بل يرغبون بالاستمتاع بجزئيات كل لوحة فنية على حدة.  أما عن التقنيات فقد استخدمت الفنانة تقنية الإكريليك بالإضافة إلى بعض الأحبار، فثمة لعب لوني يتحرك ضمن المنظومة اللونية الطفولية لديها، فتختار الألوان المبهجة الصريحة: الأحمر، الأزرق الصافي، البرتقالي، الأصفر، الأخضر الفاتح بعيداً عن اللون الأبيض, بالإضافة إلى أنّها تدمج الألوان غير المتجانسة مع بعضها لإعطاء ما هو مميز وجميل. 
ابتكار وإبداع...
وجدت الفنانة  لين طريقاً آخر للفن عبر ابتكار إكسسوارات شخصية ومنزلية مصنوعة من الحبال، والسيراميك والقطع الخشبية المزخرفة, وتصميم الأزياء والحقائب النسائية، تحمل الروح نفسها للوحاتها التشكيلية وتستوحي من البيئة الدمشقية التي تعشقها مفرداتها وعناصرها وزخرفات موجودة وسط البيئة التي تعيش فيها.
ومن خلال هذه النظرة السريعة نرى أنّ الفنانة لين تمتلك قدرة خاصة بها على التعبير، رغم أنّ هذه القدرة لا تتفق على التعبير مع النمط الواعي الأكاديمي، وهي القدرة ذاتها التي ألهمت فناني الفن الحديث المعاصر على سَلك طريق ومنهج آخر غير النمط الأكاديمي للحصول على فن صادق أكثر براءة وأكثر عفوية وحرية.
لين بطل فنانة تشكيلية شقت طريقها بثقة كبيرة, بدأت الرسم منذ كان عمرها أربع سنوات, وكانت تعيش في فرنسا, وعندما عادت إلى سورية انتسبت إلى مركز أدهم إسماعيل, وشاركت بمعرض في اليابان, وحصلت على الجائزة الأولى بين /65/ دولة, ومن يومها قررت متابعة مشوارها الفني بانتسابها إلى كلية الفنون الجميلة قسم الإعلان تخرجت عام 1997, وتعمل منذ ذلك الحين في هذا المجال بشكل أساسي، وقد شاركت منذ عام 1999 في معارض مختلفة في دمشق، ولها عدة معارض فردية, بالإضافة إلى مشاركتها في تصميم بطاقات اليانصيب. 
عالمي...
تجارب الراحل ميشال بصبوص بمعرض في لبنان
في معرض الراحل النحات ميشال بصبوص /1921-1981/ أحد عمالقة النحت الحديث 60 منحوتة و20 لوحة تتجلى فيها فلسفة التأليف والتكوين المنبثق من وجه الصخور في راشانا التي شكلت وعيه الأول وحبه العميق للفن إنها لغة الأشكال النابعة من قوة الطبيعة وسطوع شمس لبنان التي لم يغب نورها عن ناظريه، بل حملها معه في منحوتاته التي مثّل بها بلده في عواصم العالم وهو الذي ابتكر شموسه من نبض قلبه وخفقان ضربات إزميله ساعياً إلى استنطاق ما تحت الجلد، من منعـــطفات وأخاديد وهيئات وملامس، وألوف الضربات والخيوط المغزولة من إشعاعات النور، والنقوش التي تبوح بأسرارها الدفينة وهي تخرج إلى العيان كخربشات على وجه الصخور، لكأنها إشارات غرافيكية تستعيد أشكال الكتابة الأوغاريتية لفينيقيا القديمة الآتية من أركيولوجيا الذاكرة المنسية ولقى حجارة المغاور التي ملأت أوقات فراغه في طفولته لم تكن حياة واحدة لتكفي أحلام ميشال بصبوص التي وسعت مدارات الأرض التي وقف عليها، وهو الذي جعل المنحوتة سكنه ومستقره تاركاً بصمات إزميله الناطقة، شاهدة على إبداعاته كي تشاغل الفضاء على مرّ الزمن.