حالات إنسانية لمنحوتات أمل زيات

حالات إنسانية لمنحوتات أمل زيات

ثقافة

الاثنين، ٢٢ سبتمبر ٢٠١٤

ريم الحمش
الحياة بالنسبة لها لا تقف عند نقطة معينة فهي كتلة من النشاط والطاقة المتجددة لا تسمح لليأس أن يتسرب إلى نفسها، وما تتمتع به من مثابرة واجتهاد ساهم في تطور موهبتها، فاستطاعت فرض مكانتها بشكل واضح وإبراز هويتها وطرقها الخاصة في التعبير والتواصل الجذاب والمقنع داخل عالم متسارع, اكتشفت أدواتها الفنية وأساليبها الإبداعية بنفسها وصنعت شخوصها الذين سيحملون رسالتها إلى العالم, تمتلك خيالاً واسعاً والقدرة على التعبير عن كل ما يدور بذهنها من أفكار وخيالات تجسدها بداخل عملها الذي هو جزء منها، وتعيش عدة مراحل من الفك والتركيب والاندماج للوصول إلى الحالة النهائية لولادة العمل.
يعتمد أسلوب أمل زيات على التبسيط واستغلال السطوح المفتوحة الممتدة للتعبير عن أفكارها, تحاول أن تصل إلى التعبير القوي والصادق من خلال أقل التفاصيل ونقلات السطح, وتجتهد في استخلاص القيم والمبادئ الأساسية في النحت ومن خلال أعمالها نقرأ القدرة على التوفيق بين الفن بصورته الحرة وكذلك الفن في علاقته بالمجتمع في صورته التطبيقية.
تقول النحاتة زيات: حلم النحات الدائم أن يرى ما يفكر فيه ويتخيله متجسداً في الفراغ يتحرك حوله ويتلمسه بقدر المسافة ويتطلع إلى بدايته ونهايته, يحيطه بنظرة ويعود.
زيات..تتعامل مع خامات متنوعة مكنتها من التعبير عن أحاسيسها وأفكارها بصياغات متعددة، نحاتة مبدعة بكل الخامات وبمختلف الأساليب.. لكنها تفضل العمل على الخشب والبرونز، تحكي عن الإنسان رجلاً كان أو امرأة، تراوحت بين البورتريه والرولييف والتكوينات وهي تصنع تكوينات وتشكيلات تعكس وفق رؤى مبدعها معان ودلالات متباينة، فتأتي أعمالها بملمس ناعم لا يخلو من إحساسها الأنثوي المتميز بالسهولة واللياقة من دون أن تفقد شيئاً من معالم ومكامن دهشتها تحمل المتلقي إلى عالم من المتعة البصرية ترفل لها العيون وتستكين لها في تفكر عميق البصيرة, وفي قلبنة للعقل وعقلنة للقلب لاحتواء حركة فعل الخلق أو الولادة.
وبيّنت زيات أنّ هناك نوعين من النحت هما المباشر وغير المباشر، أما المباشر فيتم على قطعة حجر أو قطعة خشب يعمل عليها مباشرة، فيما النحت غير المباشر البرونزي فيمر في مراحل عدة ويعتبر أحدث تقنية وأعلى تكلفة من غيره، مضيفة أنّ النحت البرونزي مرهق ومجهد وأنّه لكي تظهر قطعة البرونز المفرغة لابد أن تمر بمراحل عدة.
كما تطرقت النحاتة للعديد من المدارس كالواقعية والتجريدية إلا أنّ التعبيرية كان لها النصيب الأوفر في أعمالها تقول: كنت في بدايتي مولعة بالمدرسة الواقعية كسائر الفنانين وهي المدرسة التي ينبغي أن يتقنها كل فنان برأيي ثم ينطلق منها لمدارس أو أساليب فنية أخرى.
ورش تعليم الرسم
أسست النحاتة زيات منذ عام 2007 مرسماً يهتم بمواهب الأطفال ويعرفهم على تقانات الفن التشكيلي وفنون التلوين من خلال ورشات العمل والمعارض المستمرة، وتكون الورش محددة بعدد معين من الأطفال عن ذلك تقول: إنّ هذا النوع من الورش يقوم بتعريف الطفل على الألوان والخامات المختلفة، وتنمية الحس الجمالي والذوق الفني عند الطفل، كما يعمل على تنمية روح الخيال والإبداع لديه، فضلاً عن أنّ الرسم يعد وسيلة للتعبير والتواصل مع الآخرين عند الأطفال، فمن خلال الورشة تتاح الفرصة للطفل للتعبير بالألوان والرسم عن أي موضوع يختارونه, وأوضحت أنّه في نهاية الدورة يتم تنظيم معرض صغير يضم أعمال الأطفال لعرضها في حضور ذويهم لتشجيعهم.
الفـنانــة أمـل زيــات من مواليد دمشق عام 1971, تخرجت من قسم النحت في معهد الفنون التطبيقية بدمشق عام 1995, عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين, متفرغة للعمل الفني, أسست منذ عام 2007 مرسماً يهتم بمواهب الأطفال ويعرفهم على تقانات الفن التشكيلي من خلال ورشات العمل المستمرة والمعارض, لها العديد من المعارض الفردية والملتقيات الجماعية, مشاركة دائمة بمعارض الدولة ووزارة الثقافة ومعارض اتحاد الفنانين التشكيليين بدمشق منذ عـام 1994, حازت على عدد من شهادات التقدير, أعمالها مقتناة لدى وزارة الثقافة, اتحاد الفنانين التشكيليين بدمشق ولدى الأفراد.

عالمي...
الفنانة الفلسطينية ليلى الشوا تقرأ جدران غزة في لندن
تنسج الفنانة ليلى الشوا بألوانها وجوه غزة التي ولدت فيها وعاشت أيام الطفولة وانطبعت صورها وجغرافيتها البشرية في أعماق عيونها فكل إنتاج ليلى الشوا يفتح كتاب فلسطين، خصوصاً صفحة غزة التي تقف عندها وتنقل ملامح الوجوه والبشر وتحمل لوحاتها وتعرضها في المتحف البريطاني بلندن تحت اسم جدران غزة.
فن الشوا لا يبحر في عالم الخيال أو الأساطير، وإنما يسجل نبض الواقع الفلسطيني
كان المعرض أعلى فكرة فنية في تجسيد جدران غزة ومحاولة الاقتراب منها بصور عن الشهداء ووجع عالم حفر نفسه عبر شعارات مكتوبة تتحدث عن الصمود والاحتلال ورفضه للمستوطنات، هذا المعرض أراد تسجيل نبض غزة بالاقتراب من جدرانها التي هي مثل مرآة الصحف، تنشر الأخبار ومقاطع من شعر محمود درويش، كذلك عدة أشعار أخرى من ديوان الشعر الفلسطيني، وكان الشاعر درويش يجسد صوت فلسطين، بالإضافة إلى أشعار سميح القاسم ونداءات خارجة من قصائد اللهب والنار تدعو إلى التقدم ومواجهة العدو ودحره والانتصار عليه بالإرادة والتمسك بالأرض.