رغم سنوات الأزمة دار الشرق للطباعة ما زالت تستقطب الكتاب سوريين وعربا

رغم سنوات الأزمة دار الشرق للطباعة ما زالت تستقطب الكتاب سوريين وعربا

ثقافة

الثلاثاء، ١٦ سبتمبر ٢٠١٤

رغم تراجع نشاط دور النشر الخاصة واضطرار بعضها للإغلاق نتيجة لتداعيات الأزمة في سورية إلا أن عددا منها استمر في العمل الثقافي وطباعة المنشورات والكتب في صورة تعكس إصرار المثقفين السوريين على الحياة ونقل فكرهم وإبداعهم والدفاع عن سورية بوجه الحرب الكونية وكانت دار الشرق للطباعة والنشر إحدى هذه الدور التي لم تثنها الظروف عن العمل.

واستمرت هذه الدار كجزء من مجموعة الشرق الاقتصادية في إصدار دورياتها المتنوعة خلال الأزمة وأولها مجلة الأزمنة وهي أسبوعية منوعة والثانية مجلة الباحثون وهي دورية شهرية علمية وفكرية تستقبل الأبحاث والاراء والافكار لتقدمها الى جمهورها.

وحافظت دار الشرق على مشاركتها في جميع المعارض العربية والعالمية المتخصصة بالكتاب في بقاع عديدة من العالم مثل فرانكفورت والقاهرة وبيروت ودبي والشارقة والسعودية وتونس والجزائر والمغرب وسلطنة عمان.

3

وأوضح مدير دار الشرق الدكتور نبيل طعمة في تصريح لسانا أن غاية الدار تقديم الباحث والكاتب والمفكر والمبدع والمخترع دون أن تستثني صنفا من صنوف العلم والأدب ودون أن تنحصر بفكر النخب المتقدمين عمريا فاتجهت للأخذ بيد الشباب وشجعت الكثيرين منهم ونشرت كتبهم وساهمت في توزيعها ليتخطى عناوين الكتب المنشورة الـ200 عنوان.

وبرأي طعمة ان أهمية دور النشر تتجلى في إعطاء المحتوى والصورة الحقيقية لأي مجتمع والإفصاح عن الأفكار والعادات والتقاليد التي يتبادلها القراء في مجتمعاتهم ونشر الأفكار وتعزيزها خدمة لبناء المجتمع معتبرا أن الكتاب المطبوع على الورق أهم بكثير من وسائل النشر والتواصل الأخرى لان المكتبة المنزلية تختزن رؤى ومنظومات فكرية وصورا وعادات وتقاليد عبر التاريخ والحاضر وتؤدي مهاما لا يمكن أن توءديها الوسائل الالكترونية الحديثة.

ويعرج طعمة لمساهمات مجموعة الشرق في قطاع الدراما السورية عبر إنتاج مسلسلات ذات دور ايجابي في الثقافة الوطنية وفي مكافحة الأمراض الاجتماعية كمسلسل غزلان في غابة الذئاب والشتات وزمن الصمت وحنين وأشواك ناعمة ونزار قباني وهولاكو وبكرا أحلى ومسلسلات أخرى إضافة الى افلام سينمائية طويلة محلية وعالمية مثل المهاجران ودمشق مع حبي ونصف ملغرام نيكوتين وسبعة كيلو متر من القدس والأخير انتج بالتعاون مع شركة إيطالية فضلا عن فيلم رجل سيناء الذي يتم تصويره حاليا في مدينتي روما ولندن.

1

ويقدم المثقفون السوريون رأيهم في طبيعة عمل دار الشرق وأثرها في الساحة الثقافية حيث اعتبر الدكتور علي القيم رئيس تحرير مجلة المعرفة أن الدار ساهمت عبر دورياتها المنتظمة وعبر مئات الكتب التي اصدرتها على مدار اكثر من عشر سنوات باثراء الثقافة العربية والتعريف بها كما ساهمت بالتعريف بالمبدع
والباحث السوري من خلال نشر موءلفات العديد منهم اضافة إلى المشاركة بالمعارض العربية والدولية ما يظهر أثرها الثقافي والفكري والإبداعي ومدى أهميتها على الساحة الثقافية والاجتماعية.

ووجد الدكتور حسين جمعة رئيس اتحاد الكتاب العرب في الدار مؤسسة معنية بالادب والفكر والسياسة دون أن تهمل الشان الاجتماعي وما يتعلق بهموم الناس عبر إصدار مجلات دورية استضافت أهم المثقفين السوريين لتكتشف تنوع الاقلام والموضوعات التي تطرقت إليها هذه الدوريات موضحا أنه نشر عبر الشرق ثلاثة من مؤلفاته يعتز بنشرها في هذه الدار وبنوعية التسويق للكاتب وبطبيعة التعامل معها.

أما الدكتور والباحث عفيف بهنسي فاعتبر أن دار الشرق قدمت مجموعة هامة جدا من المطبوعات التي تضمنت كتبا مرجعية وأدبية وتاريخية مبينا أنه نشر عبرها مجموعة من الموسوعات والكتب التي أخرجت بطباعة انيقة مصورة.

ونوه بهنسي بمجلة باحثون للاطفال التي تصدرها الدار مؤكدا أهمية هذه المجلة الصغيرة التي يشارك فيها مجموعة من الكتاب والباحثين المتخصصين في ثقافة الصغار كشريحة تحمل تطلعاتنا للمستقبل.

ورأت الصحفية والكاتبة ميساء نعامة أن اجتماع رأس المال مع الفكر الثقافي سيوءدي إلى منتج أكثر رقيا وأكثر عطاء وديمومة عبر شتى مجالات الثقافة والفنون دون وجود محرمات أو ممنوعات أو حدود حمراء أو فيتو على الفكر الا بما يخدم الوطن السوري الكبير والامتداد الحضاري القومي والعربي.

واعتبرت نعامة ان مجلة الأزمنة لها نكهة مختلفة لأن الجلسات الفكرية مع القائمين عليها أضافت إلى تراكمها المعرفي بصورة شخصية كما أن الجرأة في نشر المقالات أضافت لديها فائضا من الجرأة في التصدي لقضايا تحتمل النقد الموضوعي والبناء المبني على الحب للوطن.

وتعتقد الكاتبة نبوغ اسعد بان دار الشرق نافست معظم المؤسسات الثقافية ودور النشر نظر لتبنيها مختلف المواهب ومختلف المواضيع دون ان ترهق الكاتب أوالمؤلف بأي مقابل إضافة لانتقاءاتها الملتزمة بتطلعات الوطن بدءا من الفلسفة وبحوثها وأفكارها ومرورا بالأدب والشعر والقصة والرواية والكتب العلمية والتاريخية والموسيقا والفلك والآداب المقارنة.

ورأت اسعد ان الدوريات وملحقاتها التي تصدر عن الدار تعمل بشكل منهجي ونموذجي وتستقطب العديد من المواهب وتتحمل أيضا كثيرا من الرؤى دون قيد أو شرط بدافع خدمة الثقافة الوطنية حيث تعتبر الدار نفسها في خط نضالي متقدم للحفاظ على كرامة سورية وصيانة ثقافتها والتصدي لأي فكر يحاول أن ينال منها.

ويعرض العاملون في دار الشرق رؤاهم حول ما تقدمه هذه المؤسسة فالصحفي أيمن ونوس مدير العلاقات العامة في الدار اعتبر أن ما تقوم به من نشر ومساهمات ثقافية يغني المكتبة الوطنية ويدعم الثقافة السورية ويسمو بإنساننا السوري والعربي للمستوى المطلوب من المثقف والمتلقي حتى لو تحملت أعباء وتكاليف فالغاية أسمى بكثير مبينا أن الدار تفتح ابوابها لكل من يمتلك محاولات قادرة ان تستمر وتعمل على خدمة الثقافة ولاسيما من فئة الشباب.

فيما قالت المصممة والمخرجة في دار الشرق روز سليمان أن التعامل مع الكتاب يتم بوصفه “منتجاً إبداعياً” قبل أن يكون “صناعة ورقية” ما يسمح بنشوء علاقة بين دار النشر والكاتب تتخطى الإطار المادي تبدأ من اختيار الشكل الفني للمنتَج كحامل تفاعلي ملموس يرسخ صورة ذهنية “بدئية” عن مضمون المنتَج قبل قراءته.

وتشرح سليمان هذه العلاقة المزدوجة عبر تواصل الكاتب مع الدار في مراحل إنجاز الكتاب ومن بينها مرحلة الإخراج الفني تشكل العامل الأهم في إبراز التقاطعات بينهما سواء من الناحية الفكرية أو الفنية أو حتى الاجتماعية لأن حسابات الكاتب قد تختلف عن حسابات الدار ما يحقق في النهاية الهدف المشترك لكليهما بالوصول إلى القارئ لافتة إلى أن ذلك انعكس إيجابا على الموثوقية التي تتمتع بها الدار لدى أسماء كتاب كبار على الساحة العربية عموماً والسورية خصوصا.