حماده سميسم و"عدسة سوريّة"

حماده سميسم و"عدسة سوريّة"

ثقافة

الاثنين، ٢٥ أغسطس ٢٠١٤

ريم الحمش
استراق لحظة من الزمن والاحتفاظ بها بعيداً عن مرور الوقت.. تثبيت الظل والنور, وخلق عوالم إبداعية تعبيرية من حضور اللون وغيابه, إحداثيات الصورة وأبعاد الضوء وزوايا الكاميرا, مفردات للتصوير الضوئي أحد الفنون التي تعكس الحياة ومواقفها وترصد القيم الجمالية المحيطة بنا, وهو كما يطلق عليه فن الرسم بالكاميرا.
في تحدٍّ ظاهر للخروج من حدود إطار الصورة التقليدية خرجت أعمال الفنان المبدع حماده سميسم عاشق الوطن والناس متخذاً من عدسة كاميرته رفيقة لا يستغنى عنها لرصد الأماكن.. اكتشاف للطبيعة البكر.. المشاهد الإنسانية والوجوه أطياف التوازن اللوني للحزن والفرح, واللحظات المميزة بأحاسيس مشبعة بالحيوية والنشاط, وكأنه يكتب قصيدة مرّ عليها الزمن فأشبعها ألحاناً وموسيقا.
 التصوير الضوئي بالنسبة له أفضل ما يحب عمله, وهو ليس مجرد هواية، إنه شغف, ويعتمد على الابتكار والفكرة لأنّها أهم من كل شيء، ويرفض أن يكون  نسخة (فوتو كوبي) لأي مصور آخر, وهو يقول: كل صورة ألتقطها تأكدوا أنني استمتعت بالتقاطها, أما أحب أنواع التصوير لديه فهو تصوير الطبيعة.. التواجد بين الجبال والوديان..الأشجار..الشروق والغروب..حركة الأمواج على الشاطئ كذلك تنقل بين الحارات الدمشقية, وبيوتاتها العتيقة وورودها وزخارفها فتجد لقطات ذكية وجميلة في محاكاة المشهد بتفاصيله الكثيرة, فالمشهد لديه قصة يحاول التقاطها, ليرى المتلقي جمال الحياة, لذا اختار الكاميرا لتساعده في تحقيق هدفه.
 أما عن ارتباط الصورة الضوئية بالفن التشكيلي فيقول: اللوحة التشكيلية ترتبط بالصورة من ناحية المدرسة الواقعية لأنها تحاكي واقعاً منقولاً وبالخط واللون  يشكلان لوحة فنية, بينما الصورة الفوتوغرافية هي امتصاص الأشياء عبر الضوء  وإنّ التصوير فنٌ وليس نقلاً, فالمصور يبقى في النهاية إنساناً.. يهمه التعبير كذلك عن الواقع ولكن برؤية فنية حتى لو أخذنا في ذلك أقرب مجالات التصوير للواقعية وهو التصوير الوثائقي لابد من الغوص في الأعماق لإبراز حادث معين أو التوثيق لمرحلة معينة لتعميق الأثر ولتبقى ذكرى لا تنسى, وهناك أعمال يحسبها المتلقي للوهلة الأولى أنّها رسمت باليد وإنما هي مأخوذة من الطبيعة، وهذا ما يتقصد الفنان إيصاله للمتلقي بأن الطبيعة كانت وستبقى أهم فنان في العالم.
مشروع عدسة سورية
يقول سميسم: المشروع عبارة عن ورشات تدريبية لتعليم التصوير للهواة عن طريق الجوال, وقد بدأت الفكرة بطريقة عفوية بعيدة كل البعد عن الاحتراف, إلا أنّها بدأت تتبلور ومازالت حتى هذه اللحظة في سعي متواصل لإيصالها للمستوى الاحترافي أو هذا ما يطمح له على الأقل, وأوضح أنّه قام في دمشق بتدريب أكثر من 150 هاوياً خلال أربع دورات انضموا لصفحة التواصل الاجتماعي الفيس بوك المخصصة للطلاب واشتركوا في برنامج لقطة عالماشي حيث يتاح للجميع الفرصة لإرسال لقطاتهم التي تعرض على فريق متخصص للتقييم.
عالمي...
عبير التراث للفن التشكيلي
أقيم في مدينة غزة مؤخراً معرض عبير التراث للفن التشكيلي بمشاركة أكثر من 140 فناناً وفنانة من الأجانب والعرب والفلسطينيين, وهذا ليس غريباً، فلطالما كانت فلسطين محوراً رئيسياً للأعمال الفنية التي يبدعها الفنان في شتى بقاع الأرض ليس فقط قضيتها الوطنية، ولكن أيضاً تراثها الغني الذي يحاول المحتل أن ينسبه لنفسه، كذلك جمال طبيعتها المتنوع الذي سجله العديد من الفنانين الأوروبيين من المستشرقين الذين زاروا المنطقة وسحرهم جمالها ليسجلوها في أعمال فنية عديدة، ومن هؤلاء الفنانين هناك إدوارد ستانلي من بريطانيا وكونستانزي كوستاك الهنغاري وسكايلي ميلر, والفنان ديفيد روبرتس الذي رسم العديد من اللوحات عن فلسطين بمدنها وقراها والطبيعة والحياة الاجتماعية فيها, كما ركز على معالمها الجغرافية والتراثية، وذلك بأسلوب الحفر على الحجر  ومنهم استلهموا الفنون الكنعانية، وهي الأصول الفلسطينية، في أعمال فنية غنية, سواء في مجال النحت أم الرسم، والتي تعبّر عن قضية فلسطين بأسلوبها المعاصر والمميز، ولتتمكن هذه الشعوب من مشاركتهم النضال الذي هو جزء من المعركة الإنسانية الكبرى من أجل الحرية.