كتابنا يتجهون إلى الجنس للفت الانتباه

كتابنا يتجهون إلى الجنس للفت الانتباه

ثقافة

الأربعاء، ٢٣ يوليو ٢٠١٤

بعيدا عن الكلام المنمق، وبعيدا عن المجاملات لهامات الدراما السورية، وبعيداً عن الجمل الملفوفة بورق سوليفان، بمنتهى البساطة، وبصراحة متناهية سقطت الدراما السورية في مستنقع طين تحتاج فيه لعقد طويل كي تتعافى من نمطية الإباحية التي باتت ركيزة معظم كتابنا، الذين على ما يبدو باتوا يستسهلون ما يكتبون، وباتوا يستسخفون عقلية المشاهد ويرون أنه هندي بريشة، ويبدو أيضاً أن الدراما التركية أثرت بنسيجها الإباحي في عقول كتابنا، حتى باتوا يستقون منها، ومن مفرداتها، والأصح كل تفاصيلها....

الاحتشام لم يعد مرغوباً فيه
الأمر اللافت في درامانا أن الاحتشام بات جملة غير مطلوبة، ويبدو الشعار المرفوع حاليا، كلما كشفت الممثلة عن جسدها ازدادت نجوميتها، فهيفاء وهبي وغيرها من نجوم (التشليط) طبعة مكررة ولكن بوجوه سورية مختلفة، وهذا ما تجلى في كثير من الأعمال أبرزها مسلسل (خواتم ) الذي أظهر مجتمعنا السوري مافيا قائمة على (الدعارة، والاغتصاب، والقتل، والسرقة ) والتفكك الأسري والاجتماعي، ولولا لغتنا العربية لكنت ستظن أنك تتابع أحد أفلام هوليود الذي يتناول حكايا المافيات العالمية التي تشكل مكاتب لتشغيل النساء في أصقاع الأرض، والمخجل والمؤسف أن الكثيرات في العمل كانوا مدعاة للخجل، فلم نتصور يوما أن تتحمل أعمالنا هذه الخلاعية الفجة والوقحة، وخاصة أننا في شهر رمضان نعلم أن أجيالا مختلفة ستكون متابعة لكل ما يعرض، وأن ما قدم لا يمكن أن يترك انطباعا سليما لدى المتلقي من جيل الشباب، وللعلم كثيرون ممن تابعوا كان الهدف من متابعتهم فقط رؤية سيقان، وخلفيات نجماتنا في خواتم...
 
الخيانة تغزو المجتمع
الخيانة موجودة في أي مجتمع مهما كان لونه، أو دينه، أو توجهه، ومن ينكر وجودها بالتأكيد يعاني مرضا مخيفا، هي موجودة، ولكن طرحها المتكرر في الدراما أتخمنا حتى القرف، أذكر في عام من الأعوام أحد الزملاء الصحفيين حاول كتابة موضوع عن سفاح القربى نتيجة تأثره بقصة مرت عليه، فواجه هجمة مخيفة، لعدة أسباب لا داعي لذكرها، وفي النهاية أغلق الملف تحت شعار الحفاظ على النسيج الأخلاقي، ولكن المفاجئ اليوم أن الدراما تتحدث عن الخيانات، وتبادل الزوجات، بصورة مقززة، لدرجة راح البعض باتجاه اتهام الجهات الممولة بأنها تسعى لرسم صورة عن المجتمع السوري بأنه مبني على لا أخلاق، وذلك من باب أن الدراما هي واقع مجتمعها، وحقيقته، وأن ما يقدم في الدراما اليوم هو إملاءات، والواقع الحقيقي والواضح، هو السعي لتدمير الدراما السورية وإفشالها، وإلا فلماذا معظم أعمالنا باتت ركيزتها الخيانة بكل أشكالها، ويبدو أن كتابنا للأسف باتوا فقط يسعون وراء المال، والمال فقط هو الذي يحكي الحتوتة...
 
الجنس هو ملح الحياة والأصدق ملح الكتاب
يبدو أن كتابنا اليوم يشعرون أن إثارة موضوع الجنس في أعمالهم ستلفت الانتباه لما يقدمون، فمعظم الأعمال الاجتماعية هذا العام، محورها الأساسي (الجنس )، وإن توفر الحياء في بعض المشاهد، أو الأعمال فستجد تلميحات بطريقة أو أخرى إلى الفكرة ذاتها، ولكن حتى التلميحات كانت تتميز بالغلاظة، والفجاجة، والمؤسف في الأمر، أن نجومنا كانوا مقتنعين بما قدموا، وهو بمفهومهم رسالة، لأنه كما يقال الفن رسالة، ولكن ما هو الرسالة التي قدمها نجوم الدراما السورية، وكتابها؟، ما الذي يريدون إيصاله؟، إن كانوا يطرحون مشكلة يعاني منها المجتمع، لماذا لا يحالون في نصوصهم تقديم حلول، بدلا من وضع نهايات مأساوية لكل خائن مثلا، ولماذا دائما يعتقدون أن من يرتكب الفاحشة فنهاية طريقه واضحة المعالم، لماذا كتابنا الأكارم لا يقدمون في نصوصهم السبب الأساسي الذي يدفع الكثيرين للخيانة، ويصبون كل ثقافتهم ووعيهم لعلاج هذه القضية التي تؤزمهم وتشغل بالهم، والعتب الكبير على كل العاملين في هذا الحقل، إن سورية تمر في أزمة أكبر من القضايا التي تطرح في أعمالهم، وهناك أمور كثيرة أفرزتها الأزمة تحتاج للإشارة إليها، وحالات إنسانية كانت تنتظر منهم أن يشيروا إليها ولو إشارة بسيطة، فالأزمة أفرزت الأيتام، والأرامل، والمعاقين جسديا ونفسيا، وطلاباً حرموا من إكمال تعليمهم، برأي مبدعينا ونجومنا، هل الثكلى، والأرملة، والمتضررون بكافة أنواعهم لديهم وقت لاستساغة نصوصهم وأفكارهم، وهل الكهرباء، والقذائف والقلق والتوتر، والخوف، سيجعلهم قادرين على تقبل إباحية نجماتنا، ونجومنا، وفجاجة كتابنا؟ سؤال برسم القائمين على معظم الأعمال التي سقطت، وأعتقد أن الجمهور هذا العام سيدعو الكثيرين للاستقالة والتقاعد...
ويكفي استسهالا بما تكتبون، وسخافة بما تمثلون وتقدمون، فنحن بحاجة لدراما حقيقية فقد شبعنا تمثيلا.
 
الرقابة في غيبوبة
الرقابة هذه الكلمة التي تشكل رهابا للكثيرين، تعترض على الكثير من الأعمال، وتحذف الكثير من المشاهد، وهذا العام تجنت على عمل لم يتجاوز خطوطه الحمراء كما الأعمال التي تخدش الحياء واقتطعت منه ما شاءت، لتقلل من قيمة ما قدم كاتبه رامي كوسا من أفكار يريد إيصالها عبر نصه ( القربان ) في المقابل سمحت لمشاهد وجمل تخدش الحياء أن تدخل كل البيوت العربية، ، السؤال لماذا الرقابة لم تمارس دورها على هذه الأعمال، لماذا لم تكن الرقيب الواعي، وهل تريد بذلك أن تؤكد أنها فتحت مساحة واسعة وهامشاً كبيراً من الحرية، إن كان هذا ما تريد إيصاله الرقابة، فنحن نرجوها حرصا على جيل بأكمله: ارجع كما أنت، ارجع كما أنت، صحواً كنت أم مطراً... المهم كما أنت.