يامن يوسف.. النحت ولادة من جديد

يامن يوسف.. النحت ولادة من جديد

ثقافة

الأحد، ١ يونيو ٢٠١٤

ريم الحمش
 artreem@hotmail.com
النحات يامن يوسف من النحاتين الشباب ابن بيئته من حيث الالتزام ولا وطن له من حيث الشكل أو النوع، مقولة تجعل علاقة الفنان مع بيئته الاجتماعية تظل هي أحد المكونات الجوهرية للنشاط الإبداعي في حقله الفني، حيث يعتمد على إبراز استمرارية الحضارات التي قامت على أرض سورية وما زالت آثارها باقية حتى الآن لتمثل تمازجاً بين الحضارات الآشورية والرومانية والفينيقية التي ازدهرت في محافظة طرطوس لفترات متعاقبة وطويلة, حيث يحصل الفنان على كمية كبيرة من المعلومات من بيئته وفي فترة تمازجها مع الذات المبدعة يتم صوغها في أشكال فنية جديدة، تمنح العمل أبعاداً تعبيرية ودلالية تتناغم مع رؤيته للعالم من حوله ويعبر عن حالات إنسانية مشتقة من محيطه ينتج عنها إبداع جميل مأهول بالإلهام محاولاً إحياء المناخ التشكيلي ومنحه أعماقاً وأبعاداً تعكس لحظة انفعاله الوجداني أثناء التكوين أو الخلق الإبداعي، فتزدري جمالية العمل فيما يوحي نصه البصري للمتلقي من خلال الدلائل البصرية التي تجتذبه كلما نظر إليه وكأن شيئاً من عالم الملكوت يسكن العمل، يجعله ينغمس في التأمل الذي يتعدى أطوار الكشف العادي، لعله يجد في وعاء فضاء التطلعات الكثيفة ما يهديه للوصول لتأويل شفرة مضمون رسالته الفنية؛ فهو ينخرط باندفاعه في نحت الأحجار الصلدة الأكثر بقاءً، ومقاومة للطبيعة..
كان يوسف موفقاً في اختيار كُتلِه وتناسبها للنحت المباشر للمواضيع التي يريد إبرازها، موظفاً خصائص تلك الأحجار من قوة التأثير على المتلقي وملمسها الناعم المصقول وتداخل أزاميل نحته لإحداث الملمس الخشن في بعض أجزاء المنحوتة، كشفت عن نموذج لنحات مبدع يتمتع بدرجة كبيرة من الثقة والمهارة الفنية.
يعتبِر النحات يوسف الشكل بمثابة العلاقة المكانية والزمنية لتنظيم صياغة العمل، والتي تفصح بها عن الوحدة التي تحققت بتنظيم المادة والفكرة، كما يعتبِر الشكل والجسد كياناً واحداً مستقلاً، فيرتكز الفنان على فضاء المكان في تحوير الأثر الفني حيث تبعث نوعاً من الروح الجديدة في ترتيب عناصر العمل بصور؛ من شأنها أن تظهر قيمتها الحسية والتعبيرية والجمالية المعاصرة.
اجتمعت في يوسف عناصر التكوين والوحدة لينطلق الفنان في اتجاه فني معاصر يتطابق مع رحيل المادة الطبيعية إلى مشارف الحياة، فتحمل رسالة إنسانية وجدانية ترفق بداخلها أساطير شعوب وتاريخ أمم لتبدع في معبد التشكيل ويعتكف في روح المادة الطينية يشتغل بحرية مطلقة؛ تتجاوز قوانين المعتاد لتتألق عبر التعامل مع هذه العناصر الطبيعية، فالفنان التشكيلي يجعل منها مركزاً لماهية العمل سواء كانت طيناً من تراب وماء..  أو حجر, أو خشب هي في ذاتها عناصر معبرة عن الجذور والأصل وقيمة الإنسان والأرض، والتي تمثل مصدراً للوجود والحياة في هذا العالم لتصبح اتحاداً بمضمون الكلمة وجوهر الأثر, فاستطاع أن يطوعها لتكون قادرة على الحضور كمادة للتعبير الفني فإذا كان على الفنان البحث عن خلاصِهِ وبناء تجربته الذاتية فإن هذا الهاجس جعله يبحث عن امتداد لمفهوم الفن فهو يستبطن من ذاته وبذاته ليدرك حقيقة الوجود المتواصل.
إذن، عندما نتأمل منحوتات الفنان يوسف نجد أنه قد استخدم مصطلحات سهلة على المتلقي لأعماله مستندة إلى بيئته ومورثه كمحاكاة لتقترب منها كل الأجناس بعاداتهم وتقاليدهم لتخلو من معيب تفكير البعض في كثير من النواحي الاجتماعية، ويستند هذا الأسلوب إلى الهوية العربية السورية بالأخص..
كما نرى أن أعماله هي بمثابة أيقونات رمزية تخاطب جذور تلك الأرض الطيبة المباركة التي نشأ وترعرع فيها على عادات وتقاليد متعددة، لذا نجد نزوعه متجذراً في حوارات غير معقدة في كل منحوتة بإطارها المبسط تظهر الهدف وتدخله أيضاً في قائمة التصنيف بخلفيته السورية المتباينة مستلهماً أفكاره من الهم الإنساني، مجسداً ذلك عبر مجسمات دقيقة جداً تئن من الألم، ملتزماً بطرحه سواء في الفن المسطح أو المجسم، كما يهدف إلى تكامل المشهد البصري لدى المتلقي عبر أعماله مستفيداً من الفراغ، ومشكلاً أبعاداً معينة محمّلة ببعض الرسائل الفنية.

عالمي...
ورود وتصوف في معرض الفنانة ماجدة الحوراني
 "ورود وتصوف" عنوان المعرض الأول للفنانة التشكيلية ماجدة الحوراني بالمركز الثقافي الملكي في عمان حيث يحتوي على لوحات مستمدة من وحي شيخ التصوف مولانا جلال الدين الرومي، ويأخذ المعرض أبعاداً جديدة في تقديم هذا المتصوف من خلال أسطح وخامات متنوعة عالجت طرق الرقص الصوفي. وقد نوهت الفنانة الحوراني بأهمية اشتباك الفن التشكيلي مع القضايا الروحية والوجدانية انطلاقاً من غاية وجوهر التشكيل في زيادة مساحات الجمال في الروح الإنسانية عموماً وطالبت الحوراني أن يكون الفن التشكيلي محطة جمالية وزاداً روحياً للناس، رافضة اقتصار دائرة الفن التشكيلي على الفنانين أنفسهم وبالتالي يظل في دائرة مغلقة ولا يصل إلا للقلة القليلة من الناس.