قراءة في مجموعة "أكواريل" للشاعرة سوزان إبراهيم

قراءة في مجموعة "أكواريل" للشاعرة سوزان إبراهيم

ثقافة

الخميس، ٢٢ مايو ٢٠١٤

محمد خالد الخضر
قبل أن تدخل سوزان إبراهيم في عالمها الشعوري فسّرت كلمة "أكواريل على أنها ألوان مائية جميلة وشفافة تجفّ سريعاً على الورق وتحتاج إلى  كثير من الماء وهذا ما يكسبها الشفافية والرقة ولها ميزة هامة جداً وهي أننا نستطيع وضع ألوان عدة فوق بعضها لقابليتها، حيث تتداخل الألوان مع بعضها إلى تقنية أجمل.
في حالة الشعر الحديث الذي اختلف في منظومته التركيبية عن الشعر التراثي بما يمتلكه ذلك الشعر من مكونات اهتمت بالموسيقى والصورة المرتكزة على العاطفة، وثمة أشياء أخرى اختلفت عن الحداثة بما أرادت أن تذهب إليه؛ كما فعلت سوزان إبراهيم في نصِّها الطويل "أكواريل" والذي أرادت له أن يكون مجزّأًً إلى مواضيع مختلفة تؤدي إلى حالة إنسانية واجتماعية واحدة.
تأتي حالة النص الشعورية عند سوزان على شكل أفكار ورؤى نتيجة حالات تجلٍّ وإبصار ومحاولة تبصّر، إضافة إلى تعاون مع الخيال الذي احتفظ بكثير من الصور والتداعيات والتناقضات والتباينات حتى يتدخل في تكوين النص الذي جاء في "أكواريل" أو في نصوص سابقة تقول:
 ليس لي يد فيما أنا الآن
إنه الماء..
وحده الماء.
هو الذب لا لون له
لا طعم
لا رائحة
هو الذي يحب

وبذلك تكون سوزان إبراهيم قد أرادت أن تُخرج الحالة الشعورية من تشوهات المجتمع المتناقضة وتدخل في عالم رومنطيقي جديد يليق بالإنسان إذا شاء هذا المكون أن يتعامل معه دون أن تكترث بقوانين وأنظمة شعرية تكتب على أساسها، وترى بذلك أن الكتابة هي عمل انقلابي وعمل ثوري يقلب الحالة من وضع إلى آخر بمكون مختلف وجديد يسعى له شاعر، وبذلك تذهب إلى اعتراضات أخرى على بؤس آخر قد لا يراه الإنسان العادي تماماً كما هو المرض المخفي الذي يتكون بخبث لا نهائي تقول:
الرمل
طاووس أبى السجود
فطرده الماء
من فردوس الخصب
الرمل زمن محترق..
السراب ماء الأمل

وبرغم كل المحاولات التي سعت سوزان من خلالها للذهاب إلى عالم آخر إلّا أن الخفقان العاطفي بقلب الشاعر والكاتب والأديب لابد له من أن يذهب بصاحبه إلى عالمه الاجتماعي ويتأثر بما يدور في هذا العالم مما سبّب انعكاس ما يدور على الأرض السورية من أزمات ومآسٍ على قصيدة سوزان إبراهيم وعلى ألفاظها التي جاءت إلى تراكيب النصوص حتى تشارك في بنيتها وتؤدي إلى كينونتها حيث انسجمت والتزمت مع العاطفة الوطنية والإنسانية في قولها ..
في ذلك الانفجار
في الشارع الخلفي
سقط خمسون قتيلا
وقصيدتان
ولوحة

بلى.. أنا من استعار القصيدتين واللوحة.. رممت ما فيهما من بقايا
وهكذا ذهبت سوزان إبراهيم إلى نمط شعري حديث لم يلتزم بالضوابط إلا أنه التزم بالحدث والحوادث والشعور والعواطف والصورة التي يحتاجها المؤلف.